مبادرة 'باتيلي' لحل الأزمة في ليبيا.. العقبات وفرص النجاح

مبادرة 'باتيلي' لحل الأزمة في ليبيا.. العقبات وفرص النجاح
الأربعاء ٠١ مارس ٢٠٢٣ - ٠٤:١٣ بتوقيت غرينتش

لاقت مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، مواقف محلية متعارضة بين الرفض والترحيب بها، أو الصمت حيالها، ما يجعل آفاق نجاحها غير واضحة حتى الآن، رغم الترحيب الدولي الواسع بها. 

العالم - ليبيا

وعلى الرغم من أنّ باتيلي، أعلن، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، مساء الاثنين الماضي، مضمون مبادرته التي تقضي بتشكيل لجنة حوار سياسي جديدة تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، والقادة القبليين، والأطراف ذات المصلحة، والنساء، والشباب، وتكون مهمتها الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من خلال تيسير اعتماد الإطار القانوني وخريطة الطريق المحددة وفق جدول زمني لعقد الانتخابات في 2023، إلا أنه لم يعلن تفاصيل أكثر من ذلك.

ولم ترشح حتى الآن أي معلومات عن تفاصيل تلك اللجنة، غير أن مصادر ليبية مقربة من مجلسي النواب والدولة كشفت عن الشكل الأولي لها.

وأوضحت لـلوكالات أنها "ستتشكل من أربعين عضواً، بواقع عشرة أعضاء ممثلين عن كل من: الأطراف السياسية الحاكمة في المشهد الحالي، وأطراف القوى المسلحة، والأطياف القبلية، والأحزاب والقوى المدنية".

وفيما لا يزال المجلس الأعلى للدولة يلزم الصمت حيال المبادرة الأممية، ودعا أعضاءه إلى عقد جلسة، يوم غد الخميس، للاستمرار في مداولة التعديل الدستوري المحال من مجلس النواب، بقصد تمريره، أبدى مجلس النواب اعتراضه على المبادرة، ووجه لها نقداً بنى أساسه على أحقية مجلسي النواب والدولة فقط في دعوة لجنة الحوار إلى الانعقاد، استناداً إلى المادة الـ64 من الاتفاق السياسي، وهي المادة التي أشار باتيلي إلى الاستناد إليها في سعيه لتشكيل لجنة الحوار السياسي الجديدة.

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي خميس الرابطي، إنّ مبادرة باتيلي "مهمة لكونها جاءت في هذا التوقيت الذي انكشفت فيه مواقف مجلسي النواب والدولة الرامية إلى البقاء في السلطة، ما قد يقوي من المبادرة"، موضحاً أنّ "المجلسين يختلفان عندما يقتضي الأمر لبقائهما، ويتقاربان لذات الهدف، وهو ما تأكد أخيراً، إذ تقاربا بشكل سريع عند شعورهما بأنّ باتيلي سيتجاوزهما بالمبادرة، وهو ما وحّد موقفهما ضده الآن".

وأشار إلى أنّ المبادرة ستلقى ترحيباً واسعاً من القوى التي لا تشارك في الحكم، ومنها الكتل الحزبية والمدنية التي بدأت بإصدار بيانات ترحيب بالمبادرة.

وبحسب ما يرى الرابطي في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإنّ مكامن قوة مبادرة باتيلي أنها "تشبه مبادرة (ستيفاني) وليامز التي نجحت في إجبار المنقسمين على توحيد السلطة، ومكمن نجاحها كان الدعم الدولي وهو ما سيلقاه باتيلي أيضاً، خاصة أن فترة ولايته لا تزال مستمرة بخلاف فترة وليامز التي كانت قصيرة".

وعبّر الرابطي في الوقت ذاته عن خشيته من إعلان باتيلي استناد مبادرته إلى المادة الـ64 من الاتفاق السياسي، قائلاً إنّ "الضعف هناك لا يتعلق بنص المادة التي تعطي صلاحية انعقاد لجنة الحوار لمجلسي النواب والدولة فقط، بل لعلاقة مجلس النواب الضبابية بالاتفاق السياسي؛ فالمجلس لم يضمن الاتفاق في الإعلان الدستوري، وباعتبار أنّ مجلس النواب أحد طرفي الاتفاق، فإنه يجعل الاتفاق غير نافذ حتى الآن، ما يضرب أساس مبادرة باتيلي".

وعكس ذلك، يرى الخبير القانوني مجدي الشبعاني، أنّ استناد باتيلي إلى الاتفاق السياسي يعتبر "ارتكازاً على نصوص دستورية قائمة"، موضحاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاتفاق السياسي يعتبر جزءاً من الدستور الليبي؛ ولهذا لم يأتِ باتيلي بمبادرة من خارج المنظومة القانونية، لأنّ المادة الـ64 تقول إنه في حال وجود انسداد سياسي يتم العودة إلى ملتقى الحوار السياسي".

ومع أنّ المادة الـ64 من الاتفاق تنص على أنّ مجلسي النواب والدولة هما من يتوليان دعوة هذا الملتقى للانعقاد، وهو إحدى ركائز رفض مجلس النواب للمبادرة، إلا أنّ باتيلي أشار إلى أنّ المؤسسات السياسية منقوصة الشرعية، ما يعني أنّ باتيلي "هو من سيتولى هذا الأمر"، وفق رؤية الشبعاني.

وأضاف الشبعاني أنّ "المبعوث الأممي يريد لجنة تشمل تمثيلاً لجميع الأطياف الموجودة الآن، وكأنها جسم تأسيسي، كما كان المجلس الوطني الانتقالي السابق. سيبني باتيلي من خلال اللجنة شرعيات قد تصل إلى قاعدة وقوانين انتخابية، وربما من خلالها يتم تشكيل حكومة أو معالجة مشروع الدستور، بهدف إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية".