شاهد.. الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ47 ليوم الأرض الخالد

الخميس ٣٠ مارس ٢٠٢٣ - ١٠:١٨ بتوقيت غرينتش

يحيي الفلسطينيون اليوم الخميس الذكرى الـ47 ليوم الأرض بتنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات، وذلك في ذكرى مصادرة السلطات الإسرائيلية مساحات شاسعة من أراضيهم.

العالم - خاص بالعالم

من المرتقب أن ينظم فلسطينيو الداخل مسيرة مركزية في مدينة سخنين بالجليل الأسفل لتجديد العهد للأرض، كما دعت أعلى هيئة تمثيلية وحدوية للعرب المعروفة باسم "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل" إلى إحياء ذكرى يوم الأرض بمسيرة مركزية وحدوية يشارك فيها عشرات الآلاف في سخنين.

وقالت مراسلة قناة العالم الاخبارية "اسراء البحيصي" أن كلمة فصائل المقاومة سيلقيها القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خالد البطش.

غغ

ويحيي هذه الذكرى السنوية عادة الآلاف من الفلسطينيين، عبر المشاركة في تظاهرات شعبية حاملين الأعلام الفلسطينية.

في ساعة متأخرة من ليل 29 مارس/آذار 1976، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل (شمال)، وأطلقت الرصاص عشوائيا لترويع السكان ولمنعهم من المشاركة في الاحتجاجات والإضراب الشامل الذي دُعي له باليوم التالي 30 مارس/ آذار، رفضا للتهويد والاستيطان على أراضيهم وعلى حساب وجودهم.

وتحول "30 آذار" إلى محطة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني الذي يواصل في العقد الثامن للنكبة خوض معركة الصمود والبقاء والتصدي للاستيطان والتهويد في كل فلسطين التاريخية، في مشاهد تبقي مأساة اللجوء وحلم العودة راسخة في الذاكرة وفي النضال الجماعي الفلسطين.

ويعتبر "يوم الأرض الخالد"، كما يسميه أهل البلاد، أول مواجهة مباشرة لفلسطينيي 48 مع قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة. واستشهد خلال أحداثه 6 فلسطينيين من الجليل والمثلث وطولكرم، وجرح المئات بالرصاص الإسرائيلي، كما اعتقل الاآلاف خلال مواجهات استمرت 3 أيام.

وجاءت أحداث يوم الأرض بعد قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة "إسحاق رابين" و مايسمى بوزير الأمن "شمعون بيرس"، تحريك مخطط التهويد والاستيطان في الجليل بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي سهل البطوف والمل والشاغور، والتي تعود ملكيتها لمزارعين من سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد.

في أعقاب القرار الإسرائيلي، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي في الداخل مع رؤساء البلديات المحلية العربية لبحث سبل التصدي لقرار المصادرة ومخططات التهويد والاستيطان في الجليل. وفي إجراء أولي أعلن المجتمعون الإضراب العام في الداخل الفلسطيني يوم 30 مارس/آذار 1976.

في صباح الإضراب، فرضت سلطات الاحتلال حظر تجول على فلسطينيي 48 في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وكان هذا استباقا للاحتجاجات والمظاهرات التي أعلنت عنها القيادات العربية ولجنة الدفاع عن الأراضي، والتي تشكلت عام 1975 برئاسة القس شحادة شحادة، لمواجهة مخطط التهويد والاستيطان في الجليل.

وقضت خطة الحكومة الإسرائيلية بتوسيع المستعمرات الزراعية والاستيطان الرعوي في الجليل، إلى جانب إقامة عدة مستوطنات يهودية على أراضٍ يملكها فلسطينيون في الداخل، ومنها إقامة بلدة "كرمئيل" كبرى المدن الاستيطانية في الجليل.

وبالمقابل، ضيقت سلطات الاحتلال على فلسطينيي الجليل، وفرضت عليهم قوانين الحكم العسكري بكل ما يتعلق بالتنقل والتواصل مع أراضيهم وزراعتها.

وكانت الأرض المستهدفة للتهويد والاستيطان جزءا من المنطقة العسكرية المغلقة التي أطلق عليها "منطقة 9″، حيث ربط دخول أصحاب الأراضي لفلاحتها بتصريح من الحاكم العسكري يتم تجديده كل 3 أشهر.

واعتبر فلسطينيو الداخل قرارات المصادرة تهديدا وجوديا لهم أعاد إلى أذهانهم مشاهد النكبة وفصول التهجير.

واتخذت حكومة رابين قرارا بإدخال قوات الاحتلال الإسرائيلي لقمع المظاهرات وكسر الإضراب، وخاصة في دير حنا وعرابة وسخنين، وهي المنطقة التي أشعلت الشرارة الأولى للأحداث وصارت تسمى "مثلث يوم الأرض".

بشكل استباقي، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مظاهرة ليلية انطلقت من بلدة دير حنا، لكنها فشلت في السيطرة على الاحتجاجات والمواجهات التي تواصلت حتى فجر 30 مارس/ آذار 1976 في بلدة عرابة المجاورة.

وحاصرت قوات الاحتلال عرابة بالدبابات، واستخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لقمع المظاهرات التي بدأت مبكرا، فاستشهد ابن البلدة خير ياسين، وكان أول شهيد في يوم الأرض.

وبعد انتشار نبأ استشهاد ياسين، انطلقت مظاهرات الفلسطينيين في كل الجليل والمثلث والنقب. وكما توثق الأدبيات، فقد أدت هذه المظاهرات إلى كسر حاجز الخوف وأسست لمرحلة تصد هي الأولى منذ النكبة لتهويد الأرض والاستيطان عليها.

وسرعان ما تحولت مسيرات الغضب إلى مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكانت غير مسبوقة في بلدة سخنين، التي استشهد فيها 3 فلسطينيين، هم خديجة شواهنة ورجا أبو ريا وخضر خلايلة.

وفي بلدة كفر كنا قضاء الناصرة، نظمت مظاهرة قمعتها قوات الاحتلال بالرصاص الحي واستشهد فيها محسن طه، الذي أصابه أحد الجنود بطلقة في رأسه.

وفي بلدة الطيبة في المثلث، عند حدود الأراضي المحتلة عام 1967، وبالقرب من طولكرم في الضفة الغربية، اقتحمت قوات الاحتلال البلدة وأطلقوا النار عشوائيا على الحشود المتظاهرة، فاستشهد رأفت الزهيري ابن مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم.

وتعتبر معركة يوم الأرض أول مواجهة بين فلسطينيي 48 و"إسرائيل" منذ النكبة، وشكلت محطة فارقة في النضال والبقاء في الأرض وتعزيز الانتماء للشعب الفلسطيني وهويته الوطنية والقومية. وكسرت حاجز العزلة الذي فرضته سلطات الاحتلال الاسرائيلي على فلسطينيي 48 ممن فرضت عليهم ما تسمى بالـ"الجنسية الإسرائيلية" منذ النكبة، وأعاد اللحمة والوحدة للشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده.

وعقب النكبة، تمكن نحو 150 ألف فلسطيني امتلكوا قرابة مليوني دونم من البقاء في أراضيهم، عدا أراضي النقب، وفرضت "إسرائيل" عليهم الحكم العسكري وصادرت نحو مليون ونصف المليون دونم منهم "لأغراض عسكرية"، وفي عام 1976 سعت لاستكمال مخططها الاستيطاني بالسيطرة على أراضي الجليل.

وصعدت سلطات الاحتلال الاسرائيلي من مصادرة أراضي 48، ولم يتبق في ملكية الفلسطينيين هناك سوى 500 ألف دونم، استهدفتها بالمخططات التهويدية والاستيطانية وقامت بتشريع أكثر من 60 قانونا في سبيل مصادرتها.