ملف النازحين السوريين يطفو على السطح في لبنان

ملف النازحين السوريين يطفو على السطح في لبنان
الإثنين ٠١ مايو ٢٠٢٣ - ٠٧:٥٤ بتوقيت غرينتش

لا يزال ملف النازحين السوريين في لبنان في صدارة اهتمامات المشهد المحلي، حيث تناولت الصحف الصادرة اليوم في بيروت المواقف المتداولة حول هذا الملف، لا سيما ما قاله رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون عن عمل بعض الدول الأوروبية لنسف لبنان والعي لإبقاء النازحين فيه.

العالم-لبنان

كتبت صحيفة الاخبار في لبنان، عملياً، يبدو النقاش والسجال القائمان اليوم عاكسيْن للانسداد السياسي في لبنان حول الملفات الشائكة من جهة، وخشية أوروبا العنصرية من هجرة سورية إلى بلادها عبر لبنان وتركيا.

لكنّ اللبنانيين المنخرطين في السجال، إنما يفعلون ذلك على خلفيات كثيرة، إنما يشترك فيها التوتر الكبير الناجم عن الانهيار الاقتصادي. في لبنان اليوم من ينظر إلى السوري بالقياس إلى حالته هو.

قسم كبير من اللبنانيين الذين يهاجمون النازحين السوريين اليوم، لم ينطقوا بحرف عندما كان هناك نصف مليون سوري يعملون في لبنان منذ ثلاثين سنة وأكثر، لأنهم ما كانوا يرون فيهم منافساً على الثروة بل على الاستهلاك.

وبعض اللبنانيين يعتقدون أنه في حال تم إخراج السوريين من لبنان، فإن ما كان يصلهم من أموال سيذهب إلى جيوب اللبنانيين. هؤلاء يتجاهلون أن التمويل الخاص بالنازحين جرى تقسيمه منذ اليوم على فئتين، الناجين أنفسهم من جهة، والعاملين في خدمتهم من جهة ثانية. وقد تحكّم صاحب التمويل بالفئتين معاً.

كما يتجاهل اللبنانيون الغاضبون أن الخلاف على الإحصاءات حول عدد النازحين، يشبه خلافهم على إحصاء الطوائف اللبنانية، وأهل لبنان شاطرون في نفخ الأرقام، من تظاهرات الملايين في آذار عام 2005، إلى كمية الأموال المنهوبة أو المهرّبة من لبنان في السنوات الأخيرة وصولاً إلى عدد السوريين.

ينظر اللبناني من حوله، فلا يجد أهله، وعندما يرى السوري، فهو يجده أمامه، لأن هذا النازح لا يزال هو من يقوم بما تسمونه «الأعمال السوداء»، فهو يراه كل يوم، ناطوراً أو عامل نظافة، أو عاملاً في مطعم أو مزارعاً أو معمرجياً أو حتى سائقاً ومرافقاً وبائع خُضر، ولذلك صار اللبنانيون يعتقدون أن السوريين هم كل من يعيش على هذه الأرض.

حتى الاحتجاج على آثار النزوح السوري على البنى التحتية في لبنان، لم يشعر به العنصريون أو الملتحقون بهم، إلا بعد الأزمة.

وعندما كانت الكهرباء موجودة وهناك من يلمّ النفايات كل يوم، ولا توجد طوابير على محطات البنزين، والقطاع الصحي شغّالاً دون توقف، لم يكن اللبناني يشعر بأن السوري يؤثر على البنى التحتية، بل كل قسم كبير من اللبنانيين يدرس كيفية استغلال السوري، سواء في الأعمال حيث لا يوفر له أي ضمانات اجتماعية، ولا هو يسألهم عن أحوال عائلته وسكنه وصحته، لكنّ اللبناني الذي فقد هذه الامتيازات، صار يتصرف بضيق إزاء توفر بعضها عند النازح السوري.

ويرفض هذا القسم من اللبنانيين الإقرار بأن ما يحصل عليه النازح السوري اليوم من رعاية اجتماعية وصحية وخلافه، إنما يمثل الحد الأدنى الذي لا يقبل به اللبنانيون حتى في ظل الأزمة القائمة...

الأكثر مدعاة للسخرية هو أن اللبنانيين يرفضون، حكومة وشعباً ومؤسسات، الإقرار بالدور المركزي للسوريين ولعاملين من بلاد فقيرة أخرى في الدورة الاقتصادية خلال ثلاثة عقود وأكثر.

هم يرفضون الإقرار الآن بأن الأموال التي تُنفق على النازحين السوريين، أو التي يحصل عليها النازحون كبدل من أعمالهم، إنما لا تكفي النازح نفسه لتوفير مستلزمات عيشه اليومي في بلد مثل لبنان اليوم، الذين ينفخون الأرقام كيفما قرّروا، لا يقرون بالرقم المالي السنوي الناجم عن وجود النازحين من جهة، وعن إنتاج العمالة السورية في لبنان من جهة ثانية...

في النهاية، لو أريد للبنان اليوم أن يعيد تنظيم نقاباته العمالية بصورة واقعية، فسيجد أن معظم المنتسبين إلى صفوفها هم من غير اللبنانيين. لقد بات هؤلاء يشكّلون الطبقة العاملة التي يحق لها الاحتفال بالأول من أيار، ولو أن معظم اللبنانيين يكابرون قبل الإقرار بأنهم ليسوا أرفع شأناً حتى ولو تحدّثوا بكل لغات العالم!

سيطرت المواقف من قضية النازحين السوريين على المشهد السياسي، وقد تصدّرها أمس التيار الوطني الحر، حيث أعلن الرئيس السابق ميشال عون خلال زيارته إلى جزين، وفي حفل شعبي حاشد، “إنّ أغلب الدّول الأوروبيّة لا تريد النّازحين، وتريد أن تفرضهم علينا وأن يبقوا عندنا”، موضحًا أنّ “النّازح السّوري أتى إلى لبنان وارتاح هنا، وهو نازح أمني، لا سياسي.

لكنّ الدوّل تفرض علينا أن نفكّر بأنّ النّازح السّياسي هو مثل النّازح الأمني، وهذه كذبة فيها وقاحة غير مقبولة”. بينما دعا رئيس التيار الوطني الحر للاستفادة “من الحوار والتفاهم السوري – السعودي – الإيراني، لتأمين عودة لائقة آمنة وكريمة للنازح السوري”.

وعلى خط ملف النازحين، يشهد الأسبوع المقبل خطوات عملانية حيث تمّ وضع خريطة طريق الأسبوع الماضي لضبط الانفلات والانتشار غير المنظم للنازحين السوريين.

هذا وينتظر المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري الذي زار دمشق الحصول على الداتا المتعلقة بالنازحين من مفوضيّة اللاجئين مطلع الأسبوع المقبل إذا أوفت المفوضية بوعدها.

وفيما استمرت إجراءات العديد من المحافظين ومن البلديات للحد من فوضى انتشار النازحين، علمت صحيفة اللواء من مصادر رسمية ان المدير العام للامن العام بالانابة العميد الياس البيسري زار دمشق مؤخراً، بعد قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تكليفه مع عدد من الوزراء التواصل مع السلطات السورية والجهات الاخرى المعنية، للتنسيق في ملف إعادة النازحين السوريين واستئناف رحلات العودة الآمنة والطوعية. وقد تمت الزيارة بالتنسيق مع ميقاتي ووزير الداخلية القاضي محمد وسام مولوي.

وحسب المصادر الرسمية، التقى البيسري في زيارته عدداً من المسؤولين السوريين الامنيين، اولاً للتعارف بعد تسلمه مهامه في الامن العام، وثانياً لمتابعة التفاصيل المتعلقة بموضوع عودة النازحين، وكذلك للبحث في ملفات امنية اخرى ضمن التنسيق القائم أصلاً بين بيروت ودمشق حول قضايا امنية عديدة مشتركة، منها بشكل خاص موضوع ضبط الحدود ومراقبة المعابر غير الشرعية لوقف التهريب على اشكاله من والى سوريا، اضافة الى قضايا المطلوبين ومرتكبي الجرائم والمهربين.

وفي سياق حركته بموضوع النازحين، التقى العميد البيسري ممثلين خعن مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، وتلقّى منهم وعداً بتسليمه الداتا المتعلقة بالنازحين مطلع الأسبوع المقبل، وعلى الارجح اليوم الاثنين، من اجل حصر الاعداد بدقة ومن تثبت عليه صفة نازح ومن ينتحل الصفة للاستفادة من الدعم المالي والغذائي والدوائي والصحي والتعليمي... وسوى ذلك من مساعدات وخدمات تقدمها المنظمات الدولية وبعض الدول الغربية وبعض المنظمات والجمعيات الخاصة.

واشارت المصادر الى ان عودة التعاون الامني واعادة النازحين ومعالجة الملفات الاخرى السياسية والاقتصادية والتجارية، تحتاج الى التنسيق المكثف بين البلدين، ولا سيما تواصل الوزراء اللبنانيين المعنيين مع نظرائهم السوريين، لإستكمال البحث والتنسيق في كل الملفات العالقة. وهوما اشار اليه ايضا وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع النازحين السوريين.