عبد الجليل السنكيس.. سيرة ومسيرة

الجمعة ٠٥ مايو ٢٠٢٣ - ٠٢:٠٥ بتوقيت غرينتش

عبد الجليل السنكيس المعتقل برتبة بروفيسور برع وتأهل ليكون استاذا جامعيا مشاركا في تخصص علمي معقد وهو زميل في جامعة ستانفورد الأمريكية بمركز تطوير الديمقراطية وحكم الفانون.

العالم - لن ننسى

وقد وصفته الجامعة بداعية الديمقراطية والتنمية وحكم القانون في البحريم والسنكيس هو أول معتقل سياسي من ذوي الاحتياجات الخاصة يكون ضحية تعذيب بلغ أن يزحف على الارض للدخول الى الزنزانة نتيجة حرمانه من كرسيه المتحرك وعكازه الطبي.

ولد الدكتور عبد الجليل عبد الله السنكيس في الخامس عشر من كانون الثاني/يناير 1962. وقد نال شهادة الدكتوراه من معهد التكنولوجيا في جامعة مانشستر. في مطلع العام 2005، تم تسريحه بشكل تعسّفي من منصبه كأستاذ مساعد للهندسة في جامعة البحرين، بناءً على طلب رئيس الوزراء (المتوفى الآن) خليفة بن سلمان آل خليفة.

لسنوات طويلة، كان السنكيس ناشطاً حقوقياً وعضواً في مجلس إدارة الجمعية الأكاديمية البحرينية، وأيضاً الناطق الرسمي باسم حركة "حقّ"، وكان ينشر في موقعه "الفصيلة" مقالات نقدية عن حالة حقوق الإنسان في البلاد وتقارير سياسية وثقافية متنوّعة. وتمَّ حجب الموقع من قبل السلطات بعد شهر من اعتقاله في كانون الثاني/يناير 2009، بتهمة مشاركته في "مؤامرة إرهابية"، وأن مقالاته "تحرض على كراهية النظام"، ثم أطلق سراحه بعد فترة وجيزة.

في العام 2009، كشف الدكتور عبد الجليل السنكيس أنّ السفارة الأميركيّة وعدته بتمرير عريضة (موقّعة من 80 ألف مواطن) إلى البيت الأبيض، تطالب بحقّ البحرينيين بصياغة دستور ديمقراطي. وقد أكَّد في مقاله لصحيفة "نيويورك تايمز" أنَّ البحرين ليست منارة للديمقراطية، كما يعتقد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، طالباً منه توخي الحذر عند استخدام كلمات "تغيير" و"حلم" و"ديمقراطية" عند مخاطبة العالم الإسلامي، مشدداً على أنَّ هذه الأمور "لا تأتي إلينا بسهولة"، وأن "أولئك الذين يسعون إلى التغيير هنا يدفعون ثمناً باهظاً".

وكشف السنكيس في المقال عن اعتقاله فجراً في شهر كانون الثاني/يناير من ذلك العام، إذ احتُجز في الحبس الانفرادي بتهمة "محاولة قلب نظام الحكم في المملكة". وأضاف أنَّ مدونته ومنشوراته في "فيسبوك" محجوبة، وأنهى كلامه بالقول: "من الجيّد أن السيد أوباما تعهّد بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن يجب أن يتحدَّث عن هذه المُثل إذا كان على استعداد لمساعدتنا على تحقيقها".

وفي آب/أغسطس 2010، أُلقي القبض على السنكيس في مطار البحرين الدولي، بعد إلقائه كلمة في مؤتمر في مجلس اللوردات البريطاني، انتقد فيها تجاهل البحرين لقضايا حقوق الإنسان وافتقارها للحريات.

وبعد إلقاء القبض عليه، ظل بمعزل عن العالم الخارجي حتى شباط/فبراير 2011، وتعرَّض لتعذيب بدني ونفسي شديد قبل أن يُطلق سراحه إبان انطلاق الاحتجاجات السلمية المطالبة بالديمقراطية، وأُعيد اعتقاله في 17 آذار/مارس 2011. وقد أدانته محكمة عسكرية في حزيران/يونيو بالسجن المؤبد بتهمة "التآمر لقلب نظام الحكم".

في 17 آذار/مارس 2011، اقتحمت قوات أمن بلباس مدني منزله في منتصف الليل، وسحبته من سريره مرتدياً ملابسه الداخلية ومن دون نظارات، مصوّبة بنادقها نحو رأسه، وكما هو موثق في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق: "لم يقدم الرجال أي هوية أو مذكرة توقيف... ودُفع المعتقل إلى مؤخرة شاحنة، وأُجبر على الاستلقاء، بينما كانت يداه مكبلتين بأصفاد بلاستيكية، واقتيد إلى مركز الشرطة... حيث أُجبر على الوقوف لفترات طويلة، بينما تعرَّض للشتائم والضّرب باليدين والأحذية، ولعق الحذاء، ومسحه على وجهه، والتحرّش به جنسياً".

على الرغم من إصابته بمتلازمة ما بعد شلل الأطفال، فإنَّ السلطات البحرينيّة عرّضت السنكيس للتعذيب والإهمال الطبي. ويكشف التقرير أنَّه حُرم من نظّارته لأكثر من شهر، كما حُرم من استخدام سدادات مطاطية لعكازاته، ما أدى إلى سقوطه عدة مرات.

ويؤكّد تقرير اللجنة البحرينية المستقلّة لتقصي الحقائق، كما هو موثّق في الحالة 7، أنه "نُقل بعد ذلك إلى سجن القرين، وتعرَّض للضّرب على طول الطريق، ووُضع في الحبس الانفرادي من 17 آذار/مارس حتى 17 أيار/مايو في زنزانة مساحتها 2م × 3م.

لم تكن هناك أضواء في زنزانته. في البداية، لم تكن هناك سوى إسفنجة للنوم، ولم تكن هناك بطانيات. لم يُسمح له بالاغتسال حتى يومه الحادي عشر في الاعتقال. كانت الحرارة باردة، وكانت هناك رياح ورمال وحشرات. قام ملثّمون بالبصق عليه، ووصفوه بـ"الخائن وابن العاهرة"، وهدّدوه بالاغتصاب، وأبدوا تعليقات جنسية صريحة عن زوجته وابنته. أخذوا عكّازيه الخشبيين بعيداً، وأجبروه على الوقوف على ساقٍ واحدة لفترات طويلة".

منذ ذلك الوقت، تدهورت صحّته بشكل حادّ. وقد قام السنكيس بعدة إضرابات عن الطعام، احتجاجاً على تدهور أوضاع السجن والإهمال الطبي المتعمّد واستخدام العقاب الجماعي والتعذيب والممارسات المهينة.

وفي آب/أغسطس 2015، نُقل إلى المستشفى العسكري إثر تدهور صحّته، بعد أن كان مضرباً عن الطعام منذ 21 آذار/مارس، احتجاجاً على العقاب الجماعي الممنهج، إثر احتجاج معتقلي الرأي على تردي أوضاع سجن "جو".

ودخل السنكيس إضرابه الحالي عن الطعام منذ 8 تموز/يوليو 2021، احتجاجاً على القيود المستمرة المفروضة خلال جائحة كورونا، وللمطالبة بإعادة بحثه الذي صادره حراس السجن في 9 نيسان/أبريل 2021. وقد عمل على تأليفه طوال 4 سنوات على الأقل. البحث يسلّط الضوء على التنوع اللغوي بين اللهجات العربية في البحرين، أي أنَّه خالٍ من أي مضمون سياسي.

وفي 18 تموز/يوليو 2021، نُقل السنكيس إلى منشأة طبية تابعة لوزارة الداخلية البحرينية. وقد وجّه مقرّرو الأمم المتحدة المعنيّون بالمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الدولية دعوات عديدة للإفراج الفوري وغير المشروط عنه. ومع ذلك، تواصل السّلطات في البحرين تجاهلها.

وقد أصدر البرلمان الأوروبي في 11 آذار/مارس 2021 قراراً عاجلاً بأغلبية ساحقة، يدعو السلطات البحرينية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي، بمن فيهم الدكتور عبد الجليل السنكيس، وإسقاط جميع التهم الموجّهة إليهم. وأدان القرار الإهمال الطبي المستمر بحقّهم، داعياً إلى إجراء تحقيقات شاملة وذات مصداقية في جميع مزاعم التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنها.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...