العالم - مقالات
يحتفظ الشعب المصري بتقديرٍ عالٍ وتقديسٍ لآل بيت النبي عليهم السلام، ويتبركون بمقاماتهم الشريفة كمسجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة عليهم السلام، كما يحتفظ المصريون بمشاعر التقدير والاحترام للأمة الايرانية وتاريخها الحضاري العريق والتأسيسي على صعيد المنطقة والعالم القديم.
اما على المستوى السياسي فمن المؤكد ان دول الغرب والعدو الصهيوني يقفون بكل قوة ضد استعادة العلاقات بين الطرفين، فتمزيق اوصال الامة، وترسيخ حالة القطيعة والخلاف ما بين الدول الاسلامية هو هدف مؤكد لهذه الدول التي استثمرت الكثير في مجال الضغوط السياسية والاقتصادية للابقاء على حالة من الشكوك المتبادلة والخلافات المصطنعة ما بين هذه الدول.
ولكن من المؤكد ان العلاقات ما بين الاشقاء لا يمكنها ان تتوقف عند حدث واحد مهما كانت عقابيله السلبية، فالأخوة بين الشعبين الايراني والمصري اعمق من ان تحدها مواقف او احداث مضت عليها عقود طويلة، والقطيعة ما بين البلدين خسارة لخيارات سياسية هامة وفوائد جيوبوليتيكية وسياسية واقتصادية جمة يمكن ان يجنيها كلا البلدين والشعبي.
تسير العودة المحتملة للعلاقات الايرانية - المصرية ضمن اطار عام من التفاهمات الايجابية وموجة تصفير المشاكل التي تتقدم باضطراد في المنطقة، ويتعلق ذلك بالدرجة الاولى بزيادة مساحة القرار المستقل لهذه الدول في مواجهة الهيمنة الامريكية، وهو ما يعني قدرة متصاعدة لدول المنطقة على تقديم أولوية مصالحها الذاتية على أولوية المصالح الامريكية والغربية، وهو ما يعزز قدرات هذه الدول على انشاء منظومات للأمن الاقليمي الجماعي، ومنظومات تشبيك اقتصادي تصنع بديلاً مستقلاً عن دور القوى العظمى المهيمنة كضامن للأمن وفق رؤيتها واولوياتها، كما ان ايجاد منظومات امنية جماعية من شأنه ان يوفر على دول المنطقة الكثير من الاستنزاف المتبادل في مواجهات مفروضة من الخارج، ولا طائل من ورائها الا الخسارة للجميع.
وفي اطار تصفير المشاكل الاقليمية فإن استعادة الدول العربية بما فيها مصر للعلاقات الطبيعية مع سورية مؤخراً، وعودة الاخيرة الى جامعة الدول العربية، سيمثل داعماً هاماً لمسيرة التوافق الاقليمي، وسيعزز من قدرة الدبلوماسية متعددة الاطراف على حل المشاكل والنزاعات، وازالة الاستعصاءات السياسية واستباق حدوث الازمات، وادارة ما يحدث منها في اطار رؤية تضمن مصالح الجميع على حدٍ سواء.
(أسامة دنورة - كاتب و محلل سياسي)