تراجع واشنطن وحقيقة نيتها بالعودة إلى المفاوضات النووية

الخميس ٠١ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٥:١٦ بتوقيت غرينتش

قال الباحث بالشؤون الدولية والإقليمية د.طلال عتريسي إن الولايات المتحدة لا تملك خطة واضحة في كيفية التعامل مع ملفات منطقة الشرق الأوسط، مشددا على أن التراجع الأميركي في الملف النووي الإيراني إنما يأتي بسبب الإرباك في سياسات واشنطن الخارجية.

العالم مع الحدث

وفي حديث مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "مع الحدث" لفت طلال عتريسي إلى أن تعثر التفاوض في أكثر من مرحلة وأوضح أن: الولايات المتحدة كانت ترسل إشارات أن التفاوض لن يستمر إلى الأبد، وإيران بدورها كانت تقول أيضا إن هذا التفاوض غير مفتوح.

وأضاف قائلا: بالتالي كان كل طرف يحاول أن يقول بأن مهلة التفاوض محدودة، لكن لم يعلن أحد بشكل قاطع ونهائي أن المفاوضات انتهت وأقفلت، كل طرف يترك الباب مفتوحا ربما لعودة إلى تفاوض في ظروف أخرى.

ونوه إلى أن: الولايات المتحدة الأميركية اعتمدت طوال المرحلة ماضية محاولة ممارسة أقصى الضغوط على إيران، لعل هذا الأمر يحسن وضع بايدن الذي كان يعاني من مشكلات، خصوصا بعد انسحابه من أفغانستان واتهامه بأنه ضعيف على المستوى الدولي وبأنه حطم صورة أميركا ولدى حلفائها أيضا.

وقال إن: بايدن بالتالي كان يحاول أن يتشدد ولا يقدم أي تنازلات، ومن هنا كان يطلق أحيانا تهديدات بأننا سنفعل كذا.. ولدينا خيارات على الطاولة، وكل هذا الكلام غير الواقعي وغير المنطقي.

وأكد عتريسي إلى أن مسار السياسة الأميركية في المنطقة مرتبك ومتردد، مبينا: يعني أن الولايات المتحدة الأميركية التي تخوض الحرب اليوم مع روسيا في أوكرانيا، ليس لديها خطة واضحة في كيفية التعامل مع ملفات منطقة الشرق الأوسط، سواء ملف إيران أو السعودية أو الملفات الأخرى.

ولفت إلى أنه: لذلك قد لا يكون مفاجئا أن يحاول بايدن اليوم أن يستعيد ورقة التفاوض، خصوصا وأننا أصبحنا نقترب من موعد الانتخابات الرئاسية، وبالتالي يحاول بايدن أن يقول إنه لا يزال يملك أوراق.. وإنه يريد أن يتفاوض مع إيران.. ولا يريد أن تذهب إيران إلى الخيار النووي مع نسبة تخصيب مرتفعة.. ولهذا السبب -كما قرأت- أنه عرض اتفاقا جزئيا مؤقتا وليس اتفاقا شاملا، أي "أنتم تخفضون مستوى التخصيب ونحن نفرج عن جزء من الأموال الإيرانية المحجوزة"، وهذه خطوة محاولة تحقيق إنجاز بالنسبة للأميركي.

وشدد على أن: التراجع الأميركي هذا إنما هو بسبب الإرباك في سياساتها الخارجية، وكذلك بسبب صمود إيران، لأنه لو كانت إيران ضعيفة وتراجعت على سبيل المثال، فلن يقدم الأميركي أي عرض، وهذه قاعدة، مع الأميركي أو مع غيره، حيث إذا كان الطرف الثاني ضعيفا ومهزوما فأنت لا تتفاوض ولا تقدم له العروض.

ونوه قائلاً: لأن إيران حققت إنجازات وأنجزت تفاهما إقليميا مهما مع المملكة السعودية وبرعاية صينية، شعر الأميركي بأنه يخسر المزيد في المنطقة، وربما هو يحاول اليوم أن يفتح مجددا باب التفاوض مع إيران لعله يحقق أمرا ما، لكن الامر معقد وليس بهذه السهولة، خاصة من وجهة نظر إيران التي كانت تكرر أنه إما أن يكون هناك تفاهم شامل حول الملف النووي وكل ما هو متعلق به أو لا يكون الأمر كذلك.

من جانبه قال عضو الحزب الجمهوري الأميركي أشلي أنصارا إن واشنطن باتت تعتقد أن تجديد العلاقات مع إيران متاح ولابد أن يشتغل الطرفان عليه، مؤكداً أن الولايات المتحدة غيرت توجهها ضمن استراتيجية مدروسة مع تحالفات جديدة تظهر في المنطقة.

وقال أشلي أنصارا إن: "هناك فرصة كبيرة متاحة للطرفين في إيران والولايات المتحدة أن يبذلوا الجهود خلال الشهور القادمة لخلق جو جديد للتفاوض على مقدرة إيران على الأسلحة النووية."

ووصف التقارب الذي حصل بين المملكة العربية السعودية وإيران بمساعدة الصين بالتجربة الفريدة، مؤكدا أن فيه حل جذري لمشاكل كثيرة في الشرق الأوسط.

وشدد على أن واشنطن تعتقد أن الإصلاح إو تجديد العلاقات ما بين الطرفين متاح ولابد أن يشتغل الطرفان عليه.

وردا على سؤال حول انشغال أميركا بحرب أوكرانيا لفت أنصارا إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى الصين وروسيا ككتلة واحدة، مضيفا: وهذه الكتلة ممكن أن تضر بمصالح واشنطن في منطقة شرق آسيا وشرق الأوسط.. وبالتالي غيرت الولايات المتحدة فكرها، ليست لأنها مشغولة في أوكرانيا ولكن إنما هذه هي استراتيجية معمولة وهي مدروسة مع تحالفات جديدة تظهر في المنطقة.

وفيما أشار إلى أنه وفي الفترة الماضية كانت هناك حرب كلامية وحديث ضد إيران في الأمم المتحدة، أكد أن: هذا الوقت قد مضى نتيجة تغييرات حصلت في العالم، الولايات المتحدة كدولة كبرى تكون استراتيجيتها ليس على الماضي ولكن على المستقبل، والمستقبل يقول إن هناك صعوبات اقتصادية سوف تواجة الدولار الأميركي ويقول إن سوريا سوف ترجع لجامعة الدول العربية وإنه لابد التحالف مع إيران.

وفي جانب آخر من اللقاء قال عضو الحزب الجمهوري الأميركي: لا اعتقد أن واشنطن سوف تغير موقفها بخصوص العقوبات الاقتصادية، إنما واشنطن سوف تغير موقفها بخصوص الأسلحة النووية أو المفاعل النووية في إيران، لأن التكنولوجيا تغيرت، وأيضا لأن موضوع العقوبات الاقتصادية من وجهة الكثير من أعضاء الكونغرس والسنات قد فشل في تحقيق أهدافه وإن العقوبات الاقتصادية لم تؤدي إلى نتيجة على الإطلاق، وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة لكن ما زالت الدول الأوروبية تتعامل مع إيران.

وخلص إلى القول: أعتقد أن أميركا باتت في موقف لابد أن تعيد فيه حساباتها، ليس فقط مع إيران ولكن حساباتها أيضا مع حلفائها من الدول الأوروبية.

للمزيد إليكم الفيديو المرفق..