"الأمن القومي الأمريكي".. وثقافة "الكابوي"

الإثنين ١٩ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٤:٤٦ بتوقيت غرينتش

"لدى امريكا مصلحة فعلية على صعيد الأمن القومي في إرساء تطبيع بين اسرائيل والسعودية". وان امريكا تدعم وبقوة "إسرائيل"، وانها "ترى أن ايران هي التهديد الرئيسي لأمن اسرائيل"، و"ان كل الخيارات مطروحة لضمان عدم امتلاك ايران أسلحة نووية". هذا الكلام هو جانب من خطاب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ألقاه اليوم الاثنين أمام لجنة الشؤون العامة "الأمريكية الإسرائيلية" (أيباك) المؤيدة لـ"إسرائيل".

العالم يقال ان

اذا ما مررنا مرور الكلام من امام تهديدات بلينكن لايران، و"خيارات" بلاده المطروحة على الطاولة، لانها لم يعد هناك في ايران من يعيرها اهتماما، وكذلك اذا ما مررنا مرور الكرام ايضا امام "اصرار" امريكا على منع ايران من شيء لا تسعى اليه اصلا وهو السلاح النووي، لانه "اصرار" بات يثير الضحك والسخرية، ولكن سنتناول وبعجالة ماذا يعني "الامن القومي "، بالنسبة للامريكيين، الذين يربطون به حتى نفوق الحيتان على سواحل استراليا!.

يبدو ان "الامن القومي الامريكي"، يعني وفقا للمسؤولين الامريكيين، دعم وتسليح الكيان الاسرائيلي، وجعلها قوة متوحشة ترعب وترهب دول المنطقة، دون ان تشكل هذه الدول اي تهديد لامريكا ولا لامنها القومي.

"الامن القومي الامريكي"، يعني دعم العصابات الصهيونية لاحتلال فلسطين وتشريد شعبها، والتغطية على جرائم هذا الكيان الاسرائيلي، من اجل افراغ فلسطين من ما تبقى من الفلسطينيين، ليتحول الى كيان يهودي عنصري.

"الامن القومي الامريكي"، يعني ان يضطر العرب للتطبيع مع "اسرائيل"، بالرغم من انها تقتلهم وتحتل ارضهم وتشردهم، لان هذه الممارسات هي حق مشروع لـ"اسرائيل"، وكل ما يعارضها يتحول مباشرة الى ارهابي يجب تصفيته.

ان هذا المفهوم العجيب والغريب، الذي يسمى "الامن القومي الامريكي"، يبرر غزو دول العالم و تدميرها و سرقة ثرواتها، دون ان تهدد هذه الدول امريكا او تعتدي عليها، فلا فلسطين ولا سوريا ولا العراق ولا اليمن ولا لبنان ولا..، لم تحتل امريكا، ولم تهددها حتى، الا ان امريكا، وعلى ضوء مفهومها عن "الامن القومي"، احتلت ارضي كل هذه الدول وترفض الانسحاب من اغلبها.

هل قامت ايران بمحاصرة امريكا بالغواصات النووية وحاملات الطائرات وزرعت الدول حولها بالقواعد العسكرية، وهددت بتغيير النظام فيها بالقوة، عبر تجويع شعبها ومحاصرته؟، اذا كان الجواب لا، فلماذا ترسل امريكا جيوشها وسلاحها الى الخليج الفارسي والدول المحيطة بايران، بذريعة الدفاع عن "الامن القومي الامريكي"؟.

الشعوب العربية، كانت ومازالت ترفض الغطرسة الامريكية، ولم ولن ترضخ لمنطق "الامن القومي الامريكي"، الذي يريد ان يجعل من الكيان الاسرائيلي المحتل والغاصب والارهابي والعنصري، "صديقا" لها، ويجند كل امكانياته لدفع العرب للتطبيع معه، بينما في المقابل يحاول ان يروج لكذبة ان ايران "عدوة" للعرب، وتضغط من اجل ضرب العلاقات الاخوية والتاريخية والدينية التي تربط الشعوب العربية بالشعب الايراني.

ان الرفض العربي هذا، لمفهوم "الامن القومي الامريكي" الذي يعتبر تجسيدا عمليا لثقافة "الكابوي" المتوحشة ، يقابله رفض ايراني لهذا المفهوم ايضا، فمنطقتنا تتحرك ووفق مفهوم الامن القومي العربي الايراني الاسلامي، الذي يحترم "الامن القومي" للدول الاخرى، كما يحترم امنه القومي، وهذا ما تنشده الدول دون استثناء، في عالم متعدد الاقطاب، بعيد عن القطب الامريكي المتوحش.