كان ضحية محكمة غير عادلة عن حادث ميكونوس الالماني..

شاهد.. قصة لاتصدق غيّرت حياة ايراني! فما علاقة حرب السفارات بها؟

الإثنين ١٧ يوليو ٢٠٢٣ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

في السابع عشر من أیلول/ سبتمبر سنة 1992، في مدینة برلین، وقع حادث من شأنه أن یؤدّي إلی تغییر حیاة المواطن الايراني کاظم درابي وأسرته إلی الأبد.

ففي مطعم کان یسمّی "میکانوس" تمّ إطلاق النار علی أربعة أشخاص حیث قُتلوا هناك بینما أُصیب شخص خامس بجراح. کان هؤلاء الأفراد من قادة الحزب الدیمقراطي الکردستاني المعارض لنظام الجمهوریة الاسلامیة في ایران، کان دارابي رجل أعمال ویدرس آنذاك في إحدی الجامعات، وفي ذلك الیوم کان بعیداً جدّاً عن مدینة برلین، ولکن بسبب خطّة معارضي الثورة في ایران تمّ توجیه اللوم إلی دارابي في هذا الهجوم. ولکن لماذا؟ وماذا کان الهدف من کلّ هذا؟ وکیف أثّرت هذه الحادثة علیه وعلی أفراد أسرته؟

وفيما يلي اليكم نص المقابلة..

المذيعة: السیّد دارابي، لدیك قصّة مثیرة غیر معقولة، اسمح لي أن أبدأ من البدایة. هل لك أن تخبرني منذ أن تمّ إعتقالك؟

دارابي: سنة 1992، وحیث کنتُ أعیش في منزل في مدینة برلین مع أفراد أسرتي، اقتحمت الشرطة الألمانیة منزلي وألقت القبض عليّ ومن ثمّ نقلني أفرادها معهم. وفي صباح الیوم التالي سلّموني مذکّرة توقیف ذکروا فیها أنّني عضو في حرس الثورة الاسلامیة ومن کوادر وزارة الاستخبارات إلی جانب عضویتي في حزب الله لبنان واتّحاد الطلبة المسلمین في أوروبا. وبالرغم من عدم البدء بأيّ استجوابات خلال مدّة إعتقالي، اعتقلوني ومن ثمّ أودعوني السجن.

المذيعة: لماذا تمّ اعتقالك برأیك، اخبرني رجاء عن التهم التي وُجّهت إلیك أخیراً؟

دارابي: کان لدي أنشطة دینیة مختلفة وکثیرة في تلك البلاد، وقبل أن یتم إعتقالي کنتُ في برلین لمدّة 13 سنة أدرس وأتعاطی في الأعمال التجاریة إلی جانب أنشطتي الدینیة والثقافیة مع مختلف المراکز الدینیة کاللبنانیة والفلسطینیة والأفغانیة. وبسبب صلاتي وعلاقاتي مع المراكز الدینیة اللبنانیة وغیرها من الأصدقاء الآخرین، فقد کنّا نشارك في المناسبات التي تقام في ایران بإحیاءـ مثیلاتها في ألمانیا کیوم القدس العالمي والذکری السنویة لانتصار الثورة الاسلامیة والذکری السنویة لوفاة الامام (قدس سره) وقد کنّا نشطاء إلی حدّ بعید فیها.

وبسبب الأنشطة المتعدّدة التي کنتُ أقوم بها في ألمانیا، فقد ذاع صیتي وأصبح اسمي معروفاً لدی الشرطة الألمانیة، لهذا أعتقد بأنّهم حیث أنّهم لم یکن لدیهم أيّ متّهم في الحادث الذي أشرتم إلیه بسبب هروب المهاجمین، فقد ألقوا القبض عليّ بصفتي مواطناً ایرانیاً وتمّ تشکیل محکمة وسوف أتطرّق إلی عملیة إجراءات المحکمة لاحقاً.

المذيعة: دعنا نتحدث عن موضوع سجنك بشکل عام، وکیف کان وجودك في الزنزانة الانفرادیة؟

دارابي: بعد أن أُلقي القبض عليّ وحرّروا لي مذکرة توقیف تمّ نقلي إلی سجن مؤقت یُسمّی "مؤابیت" في برلین، ومنذ بدایة الإعتقال وضعوني في زنزانة إنفرادیة. کانت مساحة الزنزانة الانفرادیة تبلغ حوالي أربعة أمتار مربّعة، قضیتُ خمس سنوات من عمري في هذه الزنزانة الانفرادیة، بالطبع عليّ أن أقول أنّه بعد کلّ فترة زمنیة لربّما شهرین أو ثلاثة أو حتّی أربعة أشهر کنت أُنقل إلی زنزانة أخری وهکذا دوالیك.

علی سبیل المثال، اذا کنتُ في الجناح "بي" من السجن في الزنزانة الانفرادیة رقم 265 کانوا یأتون ویجمعون حاجیاتي وینقلونني إلی جناح آخر وزنزانة أخری. کانت هذه الحرکات ذات تأثیر سلبي علی عقلي، استمرّت عملیة النقل من زنزانة إلی أخری عشر أو عشرین مرّة خلال أربع أو خمس سنوات إلی أن فقدت السیطرة علی نفسي وفقدت أعصابي ولم أسمح لهم بنقلي من زنزانتي التي کنتُ متواجداً فیها إلی زنزانة أخری والسبب هو أنّهم بهذه العملیة کانوا یعملون علی أن یفقد عقلي نشاطه ویفقد القدرة علی العمل نظراً للضغط الذي کنتُ أتعرّض له ونقلي من منزل إلی آخر ان صحّ التعبیر.

المذيعة: من هم الشهود الذین شهدوا ضدّك؟

دارابي: لأنّني کنتُ في الزنزانة الانفرادیة لفترة زمنیة وقد استغرق الوقت حوالي أکثر من سنة وسنتین لربّما إلی أن تشکلت المحکمة. بعد أن انعقدت المحکمة مررنا بـ 275 جلسة محاکمة، طوال هذه الجلسات کان هناك 175 شاهداً، هؤلاء الشهود لم یکونوا قد رأوا أو سمعوا بأيّ شئ، بل کانوا من المعارضین لنظام الجمهوریة الاسلامیة في ایران، سواء من أنصار الملکیة أو مجاهدي خلق (منافقي خلق) وغیرهم من الکوملة والدیمقراطیین الأکراد.

کلّ اولئك الذین کانوا من معارضي الجمهوریة الاسلامیة في ایران والمقیمین خارج البلاد کانوا یرغبون بممارسة الضغط علی النظام من خلال الادلاء بشهاداتهم، وأکبر شاهد في هذه القضیة کان السیّد أبو الحسن بني صدر الذي أتوا به من فرنسا إلی برلین من خلال دعایة کبیرة ومقدمات حیث جلس في المحکمة وبدأ بتقدیم ایضاحات حول أعمال وأفعال نظام الجمهوریة الاسلامیة في ایران وأنّه یقوم بعملیات اغتیال لمعارضیه خارج البلاد، ولکن لم یکن في جعبته أيّ دلیل منطقي لاثبات ادّعاءاته ضدّ النظام.

وحینما کان محامي أو رئیس المحکمة یوجّهان إلیه سؤالاً بالقول: إذا کنت أنت تقول هذا الکلام وتصرّ علیه ما هو دلیلك أو المستندات التي تملکها بهذا الخصوص، کان بني صدر یردّ قائلاً أنّه إذا ما کشفت عن المصادر التي زوّدتني بهذه المعلومات فلربّما یعرّض حیاة الأفراد المتعاونین معي للخطر، لهذا لایمکنني من تقدیم أو عرض أيّ مستند أو دلیل في هذا الخصوص.

وفي ألمانیا یقولون نحن دولة قانون، ومن دون أيّ دلیل أو مستند لا یمکننا الحکم علی أيّ شخص أو ممارسة الضغط علیه، ولکنّهم قاموا بهذه الأعمال وقبلوا بجمیع إدّعاءات المعارضین الایرانیین المقیمین خارج البلاد وأکاذیبهم.

المذيعة: ما هو دور یوسف أمین الذي لعبه في تبلور الحکم الذي صدر ضدّك؟

دارابي: من الأسباب التي دعت لإعتقالي إعترافات شخص یُدعی یوسف أمین. فقد اعترف هذا الشخص بدوره في تلك العملیة، أذ أنّهم کانوا قد أصدروا إلیه التعلیمات بالوقوف أمام باب المطعم، بینما دخل شخصان المطعم حیث قام أحدهما بإطلاق النار من الرشاش علی الأفراد الجالسین وقام الثاني حاملاً المسدس بإطلاق رصاصة الرحمة علی المصابین.

حضر یوسف أمین وذکر نفس الکلام الذي ذکرته أنا واعترف بأنّه کان واقفاً أمام باب المطعم حیث دخل شخصان أحدهما حاملاً رشاشاً بینما الثاني کان يحمل مسدساً کي یطلق رصاصة الرحمة علی المصابین المستلقین علی الأرض.

کانت هذه إعترافات یوسف أمین. الشئ الوحید الذي ذکره یوسف أمین عنّي هو أنّه قال للسلطات أنّنا اجتمعنا في منزل کاظم دارابي قبل تنفیذ العملیة، في حين أنّني کنتُ قد أخلیت ذاك المنزل الذي ذکره یوسف أمین قبل ثلاث سنوات وانتقلتُ أنا وأفراد أسرتي إلی منزل آخر ولم أکن أعیش في المنزل الذي ذکره في اعترافاته.

بعد أن اعترف یوسف أمین بالعملیة تمّ إلقاء القبض عليّ من قبل الشرطة، أي في الثامن من تشرین الأوّل/ أکتوبر سنة 1992، أي بعد إعتراف یوسف أمین وبعد أن ربطوا بیني وبین المؤسّسات الثلاث في ایران والتي أشرتُ إلیها أصدروا مذکرة التوقیف بحقّي. قبل أن تبدأ المحکمة بإجراءاتها کتب یوسف أمین رسالة لرئیس المحکمة، ولاتزال الرسالة موجودة، ذکر فیها أنّ الکلام الذي قلته کان مجرّد أکاذیب وقد مارست الشرطة ضغطاً عليّ وقالوا لي إذا لم تتحدّث لن نطلق سراح أخیك.

والسبب أنّه کان متواجداً في منزل أخیه حینما تمّ إلقاء القبض علیه، کما وعده المسؤولون بأنّه إذا تکلمت سوف نطلق سراحك فوراً، ولأنّهم لم ینفذوا ما وعدوني به قمتُ بطرح أکاذیب أمام الشرطة، لذا فأنّ کل کلامي کان عبارة عن أکاذیب وخاصّة فیما یتعلق بکاظم دارابي، لماذا؟ لأنّه ذکر أنّني أعرف هذا الشخص بسبب تدیّنه وقیادته للشباب المسلم في برلین، ولهذا السبب حضرت وتکلمت بخصوصه لأنّ الشرطة کانت تسعی للحصول علی أکبر قدر من المعلومات عنه.

وأنا بدوري قدّمت معلومات عنه مع مبالغة في کلامي، ان صحّ التعبیر، لأنّني شعرت أنّ الشرطة ترید هذا الشخص، ولهذا السبب کذبت.

هذه الرسالة کتبها یوسف أمین لرئیس المحکمة قبل أن تتشکل المحکمة بسنة أو حوالي ثمانیة أشهر، وقد تمّت قراءة الرسالة في المحکمة. وبعد أن بدأت إجراءات المحکمة کان یوسف أمین أوّل شخص یطلب الحدیث، وقد قام بشکل واضح وصریح وأمام المراسلین والصحفیین والعالم بالقول أنّ جمیع المعلومات التي قدّمتها لمحققي الشرطة کانت خاطئة، وقد کذبتُ بخصوص کاظم دارابي.

ولکن وبالنظر إلی کلّ هذا، لم تقبل السلطات الألمانیة بالکلام الذي طرحه یوسف أمین في المحکمة، وقال المسؤولون أنّ الکلام الأوّل الذي طرحته خلف الستار هو الصحیح، وبما أنّ المحققین عقدوا جلسة أو أکثر مع یوسف أمین واستجوبوه بصورة سرّیة، الا أنّه في هذا المکان کان یتوجّب علیه أن یجیب فوراً وأمام الجمیع، وفي الحالً قال یوسف أمین لقد کذبت، فما کان علی رئیس المحکمة إلا أن طلب حضور المحققین إلی قاعة المحکمة حیث قالوا أنّ هذا الشخص وفي التاریخ الفلاني والساعة الفلانیة ذکر لنا هذا الکلام. وبهذا قبلت المحکمة کلام المحققین ولم یقبلوا بکلام یوسف أمین في المحکمة.

المذيعة: لایصدّق، لایصدّق! من هم في نظرك کانوا یریدون استغلال هذا الموقف في قضیة میکانوس؟

دارابي: أتعلمین أنّه حینما بدأت المحکمة أعمالها، أدرکت أنّ محامیي المعارضین للجمهوریة الاسلامیة وحتّی الشهود لم یکن یهتمون ما إذا تمّ الحکم عليّ شخصیاً أو علی بقیّة المتّهمین، ما کان مهمّاً لهم هو ممارسة الضغط علی ایران فحسب.

ولهذا السبب فأنّ جمیع الشهود الذین اختاروهم لهذه المهمّة وأتوا بهم کانوا من المعارضین للجمهوریة الاسلامیة، بمعنی أنّه کان من المستحیل أن یتحدّث هؤلاء الشهود لصالح النظام في ایران، کلّ ما أتی به هؤلاء من مستندات أو أدلة لم تلق قبولاً من المحکمة.

قال محامیي لرئیس المحکمة لو کان لدینا الصلاحیة لوضع کامیرا مراقبة في هذا المکان لتصویر إجراءات سیر المحاکمة والاستجواب لما توصلت المحکمة إلی أيّ نتیجة ایجابیة، والسبب أنّ المحکمة هي محکمة سیاسیة، وبسبب وجود أفراد وحتّی الحکومة الألمانیة کانوا یریدون استغلال هذا الموضوع لأنّهم کان لدیهم أفراد معتقلین في ایران وبعضهم صدرت بحقهم أحکام الإعدام، لهذا کانوا یریدون الاستفادة من هذا الموضوع لتبادل سجنائهم معنا نحن.

المذيعة: کیف کانوا یریدون توریط الجمهوریة الاسلامیة في ایران في کلّ هذا الموضوع؟

دارابي: کما أسلفتُ لکم، اولئك الذین کانوا یریدون استغلال هذه المحاکمة هم أفراد کالسیّد بني صدر والسیّد منوتشهر گنجي، الذي کان آخر وزیر للعلوم في عهد الشاه، وقد تمّ توجیه الدعوة إلیه لحضور المحاکمة بصفته أحد الشهود، إلی جانب توجیه الدعوة إلی کل معارض للجمهوریة الاسلامیة في ایران من مختلف أصقاع الأرض، کلّ هذا من أجل استغلال هذا الوضع وتوجیه ضربة للنظام حسب زعمهم.

المذيعة: هل تمّ تقدیم أيّ دلیل موثوق في المحکمة؟

دارابي: فیما یخص وثیقة معتبرة وکما أسلفتُ لکم لم یکن لدیهم شئ من هذا القبیل، حتّی بني صدر حینما طرحوا علیه السؤال عن مصدر کلامه کان یکتفي بالاجابة بأنّه لایمکنني أن أذکر مصدر الوثیقة کما لا یمکنني أن أفصح عن مصدر هذه المعلومات.

المذيعة: هم تحدّثوا عن طبیعة أنشطتك الاجتماعیة والدینیة في ألمانیا وقد تحدّثت عن هذا الموضوع. کیف کانوا یریدون أن یربطوا هذه الأنشطة بالعملیة نفسها؟

دارابي: نعم، فیما یخص نشاطي الدیني، فقد کنتُ طالباً وفي نفس الوقت أقوم ببعض الأنشطة التجاریة مع أفراد من دول مختلفة ولديّ صلات وعلاقات مع أفراد مسلمین، فقد کان لدینا مسجداً ومرکزاً اسلامیاً، ونشارك في مظاهرات یوم القدس العالمي وذکری انتصار الثورة الاسلامیة في ایران.

إلی جانب المظاهرات المناوئة لسلمان رشدي وحتّی القنابل الکیماویة التي وضعها الألمان تحت تصرّف صدام الذي قتل الآلاف من الأکراد في مدینة حلبجة ومناطق أخری، کانت مظاهراتنا حاشدة في مناطق مختلفة من ألمانیا، وبعضها کانت مناوئة لألمانیا نفسها التي کانت قد سلمت القذائف والقنابل الکیماویة لصدام. لهذا کانت السلطات الألمانیة والأفراد یستغلون هذا الحادث حیث ألقوا علینا القبض بصفتنا مسلمین وسعوا إلی إلصاق هذه القضیة بنا نحن.

المذيعة: لنتحدّث عن المحکمة الآن. ماذا کان الأمر النهائي للمحکمة؟ وکیف تمّ إطلاق سراحك قبل إنتهاء فترة حکمك؟

دارابي: تعلمون أنّه بعد أن بدأت المحکمة بإجراءاتها وأحضروا شهوداً مختلفین وبعد مرور ثلاث سنوات 275 جلسة للمحاكمة، صدر ضدّي حکم بالسجن المؤبّد، أي أنّهم حکموا عليّ کقائد لهذه العملیة والعقل المدبّر لها ولیس کمهاجم أو مطلق الرصاص، لهذا حکمت المحکمة عليّ بالسجن المؤبّد مع إضافة عشر سنوات، أي أنّ المجموع أصبح بحدود 30 أو 35 سنة ولا أحد کان یعلم ما الذي سیحصل.

إلا أنّه کان یوجد قانون في ألمانیا ینصّ علی أنّ الشخص الذي یتلقی حکماً بالسجن المؤبّد وبعد أن یقضي خلف القضبان مدّة 13 سنة تتشکل له محکمة، وفي هذه المحکمة تمّ تقلیل حکمي من المؤبّد إلی حکم بالسجن لمدّة 23 سنة، وبعد انقضاء ثلثي الحکم الصادر بحقي أخرجوني من السجن، بمعنی أنّه بعد مرور 15 سنة و3 أشهر، وقد أفرجوا عنّي بعد مرور 15 سنة و64 یوماً.

المذيعة: وبعد 15 سنة عدت إلی الوطن. توجد عدّة کتب تحدّثت عن خبرتك. دعنا نتحدّث عن بعض من هذه الأعمال؟

دارابي: تعلمون أنّه بعد إطلاق سراحي، طرح عليّ بعض المراسلین والصحفیین أسئلة في مطار الامام (قدس سره) مفادها هل أنت مذنب أم بريء؟ هناك أجبتهم أنّ جمیع التهم التي وُجّهت لي والحکم الذي صدر بحقي کانت غیر قانونیة وغیر شرعیة، بالرغم من أنّهم کانوا یقولون دائماً أنّ بلادنا تلتزم بالقانون، إلا أنّ دولة القانون أصدرت عليّ حکماً غیر قانونیاً وهو السجن المؤبّد.

وقد مارسوا عليّ وعلی أفراد أسرتي هناك ضغوطاً شدیدة. ما أرید أن أقوله بین قوسین أنّ البلاء الذي أنزلوه عليّ لا یمکن حصره بواحد أو اثنین، لیس لأنّهم لم یضربوني فحسب، بل أنّ التعذیب الذي تعرّضتُ له یطلقون علیه إسم "التعذیب الأبیض"، علی سبیل المثال حینما کانت أسرتي تزورني لم یکن من المسموح لي أن ألمس یدي طفلي البالغین من العمر سنتین و9 اشهر.

کنّا نجتمع في غرفة صغیرة تتوسطها طاولة بینما زوجتي کانت جالسة ولم یکن مسموحاً لي من أن ألمس الطفلین أو أقبلهما، ولو کنتُ أسعی للقیام بهذا العمل کانوا یقفون حائلاً بیني وبینهم، إلی درجة أنّ البنت المصابة بالشلل بدنیاً ونفسیاً لم یکن مسموحاً لي أن ألمسها، کانت البنت عبارة عن کتلة من اللحم تبلغ 7 أو 8 کیلوغرامات، لم یکن مسموحاً لي أن أضمّها إلی صدري. کان هذا تعذیباً نفسیاً لن انساه أبداً. ولو کانوا قد صفعوني علی وجهي لکان أفضل من هذا التعذیب کثیراً والمتمثل في عدم لمس طفلي.

وبعد أن صدر حکم السجن المؤبّد ومن ثم خفّفوا الحکم بسبب ذاك القانون الذي أسلفته لکم والذي أصبح حکمي 23 سنة ثمّ أطلقوا سراحي بعد 15 سنة و64یوماً عدتُ إلی ایران وسعیت أن أدوّن ذکریاتي خلال السنوات 15 في کتاب حمل اسم "رسوم المقاهي" بالتعاون مع منظمة المقاومة الفنّیة والسیّد محسن کاظمي الذي بذل مجهوداً کبیراً یُشکر علیه.

وقد تمّت طباعة الکتاب المذکور بألف صفحة، وهذا هو ملخص الکتاب ویسمّی "شبح میکانونس" باللغة الفارسیة، وهذا کتاب باللغة العربیة، وقد تُرجم إلی اللغة الانجلیزیة وینتظر دوره للطباعة. شخصیاً ذکرت جمیع ذکریاتي في هذه الکتب کما أوضحت الأحداث کلّها منذ البدایة وإلی النهایة.

المذيعة: ماذا کان موضوع حرب السفارات، اخبرني عن هذا؟

دارابي: حسناً، کنتُ في السجن خلف القضبان إلا أنّني کنتُ أتابع الأخبار. وبعد أن أصدرت المحکمة حکمها بحقي أعادوني إلی زنزانتي حیث کانت الصحف متوفرة والأخبار تصل إلی مسامعي بشکل یومي، ففي ذلك الیوم أو الیوم الذي تلاه أغلقت ألمانیا سفارتها في طهران، واستدعت سفیرها المعتمد لدی ایران حیث طلبت منه العودة إلی ألمانیا کنوع من الاعتراض، والسبب أنّه في حیثیات الحکم الذي صدر عن المحکمة ذکرت المحکمة أنّ المؤسّسات الایرانیة کان لها یدٌ في هذه العملیة.

ولاحقاً أعادت ألمانیا سفیرها إلی مقر عمله في طهران، کما قامت ایران بنفس الخطوة في الیوم التالي، أمّا بالنسبة للدول الأوروبیة الست عشرة أو السبع عشرة إضافة إلی کندا وأسترالیا فقد قامت باغلاق سفاراتها في ایران واستدعت سفرائها إلی بلادهم.

في الیوم التالي لخروج السفراء من ایران، وفقاً للمعلومات التي وصلتني والأخبار المتداولة آنذاك، ذکر قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علي الخامنئي أنّه بالنظر إلی أنّ السفراء خرجوا من البلاد بأنفسهم ونحن لا حاجة لنا بهؤلاء السفراء، لهذا سنعید سفرائنا. ولهذا السبب عاد جمیع السفراء إلی ایران.

وخلال هذه الفترة التي أُطلق علیها اسم "حرب السفارات" استمرّت لمدّة ستّة أشهر، وخلال المفاوضات والمحادثات التي حصلت لم تطلب ایران من أيّ دولة أن تعید سفیرها إلی ایران.

لاحقاً عاد السفیر الیوناني ونتیجة لهذه الخطوة أعادت ایران سفیرها إلی أثینا، ثمّ عاد السفیر الایطالي إلی ایران، ومن ثمّ أعادت ایران سفیرها المعتمد لدی ایطالیا. ونتیجة لهذه الخطوات عاد جمیع السفراء الواحد تلو الآخر وقامت ایران بنفس الخطوة مع سفرائها.

لکن الشيء المثیر للاهتمام والذي حصل هو أنّ قائد الثورة الاسلامیة آیة الله سیّد علي الخامنئي ذکر أنّنا لسنا بحاجة إلی السفیر الألماني في الوقت الراهن، علیه أن یعود لاحقاً، وبهذا عاد جمیع السفراء ماعدا السفیر الألماني.

ما حدث لاحقاً أنّ السفیرین الفرنسي والألماني عادا إلی ایران في طائرة واحدة، کي لا یُقال أنّه کان الشخص الأخیر الذي یصل البلاد، ولکن السلطات الایرانیة لم تسمح للسفیر الألماني أن یترجل من الطائرة، بدایة أنزلت السلطات الایرانیة السفیر الفرنسي وسمحت له بالذهاب إلی صالة کبار الشخصیات أو إلی منزله، ومن ثمّ سمحت للسفیر الألماني بالنزول وبهذا أصبح السفیر الألماني آخر شخص یدخل ایران من بین السفراء. هذه کانت حرب السفارات، حیث ذهب السفراء ومن ثمّ عادوا لاحقاً من تلقاء أنفسهم.

المذيعة: مثیر للإهتمام، مثیر للإهتمام! ماذا عن تبادل السجناء وماذا عن شینکوس، دعنا نتحدّث عن هذه القصّة؟

دارابي: تعلمون أنّ مواطناً ألمانیاً یُدعی "هیلموت شینکوس" تمّ إلقاء القبض علیه قبل 6 أو 7 سنوات من وقوع الحادث في برلین علی الحدود الایرانیة- العراقیة، فقد کان یتجسّس لصالح دولة الامارات وصدام حسین، وقد اعترف أثناء استجوابه أنّه کان یزوّد الاحداثیات والدرجات للصواریخ التي کان صدّام حسین یطلقها علی طهران.

تمّ إلقاء القبض علی هذا المواطن الألماني في أواخر الحرب علی الحدود الایرانیة- العراقیة، ومن ثمّ حوکم واعترف وأودع السجن ولاحقا حُکم علیه بالإعدام. وکما أسلفت لکم فأنّ قضیّة هذا الشخص حدثت بست سنوات قبل عملیة "میکانوس"، وبعد أن أُلقي القبض عليّ لم أکن علی علم بهذا الشخص وأنّه قد أودع السجن، ولکن بعد شهرین أو ثلاثة من إعتقالي ذکرت الصحف في ألمانیا أنّ کاظم دارابي ورقة رابحة کي نبادله بالسیّد هیلموت شینکوس.

ولکن للأسف لعب الألمان لعبة ذکیة حسب زعمهم، وحصلت مفاوضات بین ایران وألمانیا في عهد رئاسة السیّد رفسنجاني بهدف إطلاق سراح السیّد شینکوس، وبعد أن أکون قد أمضیت 10 سنوات کاملة یتم إطلاق سراحي.

حصل أمر ما بین البلدین، وهنا لا أعلم علی وجه التحدید ما إذا کان في زمن السیّد رفسنجاني أم السیّد خاتمي والذي حینما زار ألمانیا کان قد تحدّث مع رئیس جمهوریة ألمانیا بوجوب تبلور مثل هذا الأمر، إلا أنّه وبعد مرور 10 سنوات لم یحدث هذا الشئ، فقد قامت ایران بإطلاق سراح هیلموت شینکوس بینما لم تطلق ألمانیا سراحي، کان هذا هو الموضوع بالتفصیل، إلی درجة أنّ 2 أو 3 مواطنین ألمان من المسجونین في ایران لأسباب مختلفة تمّ إطلاق سراحهم بینما لم یُطلق سراحي.

المذيعة: یا إلهي، کان من المفروض أن یُطلق سراحك! إذاً الآن وقد تمّ إطلاق سراحك دعنا نتحدث عن هذا الظلم الذي وقع، هل أنت تخطط لمقاضاة الحکومة الألمانیة؟

دارابي: تعلمون أنّني قد تحدّثت مع مسؤولي وزارة الخارجیة في طهران، مع السیّد أمیر عبدالهیان ومع السیّد کاظم غریب آبادي المدیر العام لمنظمة حقوق الانسان الاسلامیة الایرانیة والتابعة للسلطة القضائیة في ایران.

قام السیّد غریب آبادي حتّی الآن بالتحدّث مع السفیر الألماني المعتمد لدی ایران وجهاً لوجه ثلاث مرّات، کما أنّ وزارة الخارجیة طلبت حضور السفیر الألماني مرّتین کي ألتقي بابنتي زینب، وسوف أوضّح هذه النقطة لاحقاً، عليّ أن أقول أنّ السلطة القضائیة في ایران هي التي یجب علیها ملاحقة ومتابعة مثل هذه الشکوی.

حینما عدتُ إلی الوطن طرحت هذا الموضوع وقلت لم یتم اثبات تهمة کوْني أنا الذي کنتُ المخطّط أو المحضّر لهذه العملیة، کما أنّ الألمان لایقولون مثل هذا الکلام، وهذا هو حکم المحکمة التي تشکلت لقضیتي، حکم یتکوّن من 400 صفحة ومذکور فیه أنّني ناشط اسلامي أشارك في المظاهرات والهیئات الاسلامیة الخاصّة بالتعزیة وما إلی ذلك من أمور، وتابع لنظام الجمهوریة الاسلامیة في ایران، وما یطلبونه منّي أقول لهم حاضر سمعاً وطاعة!

ولکن بالنظر إلی الحکم الذي أصدروه بحقي والذي یتکوّن من 400 صفحة، یقول الحکم في الصفحة 197 أو بالأحری السیّد رئیس المحکمة یقول بعد التدقیق في جمیع الوثائق والمستندات التي کانت بحوزتنا، لم نتمکن من اثبات أنّ السیّد دارابي هو مخطّط هذه العملیة، هو باعترافه یقول لم نتمکن من اثبات مثل هذا الأمر.

ویضیف هذا أنّ الشخص الذي اعترف بالقیام بالعملیة لم یکن یعرف من أین أتوا بالأسلحة، ولکن بالنظر إلی القرائن والأدلة المتوفّرة توصلت المحکمة إلی هذه النتیجة، بمعنی أنّ علم القاضي منحني حکماً، فعلم القاضي یصدر حکماً علی أحدهم قام بارتکاب عمل صغیر یخالف القانون ولیس بالسجن المؤبّد.

والآن طلبي من السیّد غریب آبادي والسلطة القضائیة في ایران أن یستدعوني ویطلبوا رؤیة الحکم الصادر بحقي وإستدعاء القضاة، یجب علینا أن نتقدّم بشکوی، والسبب أنّ سمعة النظام علی المحك وسمعتي الشخصیة التي تضرّرت، وقد کنتُ خلف القضبان لدیهم وذلك لمدّة 15 سنة منها خمس سنوات في زنزانة انفرادیة، ویجب علیهم القبول بحقوقي.

المذيعة: لایُصدّق حقاً! والآن ماذا عن ابنتك زینب التي لاتزال في ألمانیا. لنتحدث عن ذاك الوقت، فقد أخذوها من والدتها وسلّموها لعائلة ألمانیة . هل طلبوا منها علی أقل تقدیر أن یتم إرسالها إلی ایران أو إلی فرد آخر من عائلتکم خلال وجودك في السجن؟

دارابي: ابنتي زینب ما هي إلا فتاة مشلولة........

المذيعة: أعلم أنّ الموقف صعب، أعلم أنّ الموقف صعب..

دارابي: حینما یُذکر اسم زینب لا أتمکن من التحکم بنفسي. إبنتي زینب کانت تعاني من مشکلة منذ ساعة ولادتها، کان عمرها یبلغ ثلاث سنوات وستّة أشهر أو أربع سنوات حینما تم ایداعي السجن.

بعد أن دخلت السجن کان أفراد الأسرة یأتون لزیارتي لربّما مرّة في الشهر أو الشهرین أو حتّی الثلاثة أشهر. لم تکن زینب قادرة علی الکلام ماعدا بابا أو ماما، فقط حینما کنّا نتحدث معها تفهم قلیلاً لکنّها لم تکن قادرة علی الإجابة، فقط حینما نمزح معها أو نقول لها کلي أو اشربي تفهم ما نقصده منها، لکنّها باختصار هي فتاة متخلفة عقلیاً.

حینما بلغت ابنتي زینب الثامنة عشرة من عمرها وأنا کنتُ لاأزال في السجن، تمّ تشکیل محکمة حیث تم إرسال خبیر عندي في السجن، وخبیر آخر تم إرساله إلی منزل الأسرة إلی عند زوجتي، کي یشاهدوا حالتنا المعیشیة وکیف هي.

حسناً کان لدینا طفلان آخران، ذکروا لنا أنّه قد تشکلت محکمة، وفي تلك المحکمة ذکروا أنّ الخبیر الذي تم إرساله برّر الآتي: بالنظر إلی أنّ الوالد یقبع في السجن وقد حکمت علیه المحکمة بالسجن المؤبّد، وبما أنّ والدتها ترعی طفلین آخرین، ولیس بمقدورها رعایة ابنتها المشلولة، لذا فأنّنا سنمنح حضانة البنت إلی السیّد الفلاني مثلاً.

لاحقاً فقدتُ أعصابي کثیراً، وتشاجرتُ لفظیاً مع رئیس تلك المحکمة عبر الهاتف ثمّ أغلقت الخط، واتصلت مرّة أخری ثمّ أرسلت المحامي إلیهم، قلت لهم علیکم أن تعیّنوا وصيا لهذه الطفلة کي یستطیع أن یأخذها إلی الخارج ویعیدها، لا اعتراض لنا، ولکن برفقة والدتها بالطبع، لا تسلبوا منّي حضانتها ولاتختطفوها منّي، لا تأخذوها کرهینة، وتعطوها لسیّدة ألمانیة، لا علاقة لنا نحن بهذا الموضوع.

وفقاً للحکم الذي صدر من المحکمة التي أشرتُ إلیها منحوا حکم الحصانة لأحدهم، وقد قمت بعد ذلك بمتابعة الموضوع شخصیاً ومع محامي، وقلت لهم علی أقل تقدیر امنحوا الحصانة لسیّدة، فهذه بنت وتحتاج إلی غسیل وتنظیف وما إلی ذلك من أمور. لاحقاً أصدرت المحکمة حکماً آخر منحت بموجبه حصانة ابنتي لسیّدة ألمانیة.

والآن وحینما یذهب أبنائي برفقة والدتهم إلی ألمانیا بین فترة وأخری، یُسمح لهم بزیارتها والإلتقاء بها، ولکن غیر مسموح لهم بأخذها الی خارج المنزل لشراء بوظة لها مثلاً أو التجوّل قلیلاً، علیهم التنسیق مع تلك السیّدة الألمانیة.

والآن وبالنظر إلی أنّ الجمیع تحدّث معهم، مثلاً وزارة الخارجیة والسیّد غریب آبادي ومنظمة حقوق الانسان الاسلامیة الایرانیة والحکومة الألمانیة إلی جانب السفیر الألماني المعتمد لدی ایران، لکنّني أعتقد أنّ هؤلاء الألمان لایفقهون بموضوع ومفهوم حقوق الانسان، لماذا؟ لأنّ هذه البنت المشلولة والمعاقة والتي لا تفقه شیئاً من هذا العالم لماذا یتّخذونها کرهینة؟

شخصیاً لم أر ابنتي منذ 18 سنة، ومنذ 8 سنوات لم تنجح والدتها بالذهاب إلیها للالتقاء بها. کیف یمکنهم الحدیث والتبجح بحقوق الانسان، أي حقوق الانسان هذه؟ هؤلاء یریدون حقوق الانسان لأنفسهم فحسب.

لو کان الموضوع علی عکس هذا وکانت هناك فتاة ألمانیة موجودة في ایران وبالتحدید في مرکز لإعادة التأهیل، ولم تسمح الجمهوریة الاسلامیة في ایران لوالدي هذه الفتاة بالحضور والالتقاء بابنتهما، ما المشکلات التي کانوا سیخلقونها لایران في منظمة الأمم المتّحدة وفي منظمة حقوق الانسان أو في الاتّحاد الأوروبي؟

وبالمناسبة فقد تحدّثتُ إلی سفارة الجمهوریة الاسلامیة في برلین وقلتُ لهم بصراحة إذا حدث مکروه لها لا تسمحوا لهم بأن یدفنونها في ألمانیا، ارسلوا لنا جثمانها علی أقل تقدیر.

المذيعة: انّه لموقف صعب جدّاً. سیّد ضرابي هذه قناة عالمیة، وإذا کان باستطاعة ابنتك مشاهدة هذه المقابلة، ما الذي ترید أن تعرفه زینب، اذا کان بامکانها أن تفهم وتدرك؟ ما الذي ترید منها أن تعرفه؟ وما هي الرسالة التي ترید أن توصلها لزینب؟

دارابي: تعلمون أنّ أولی الخطوات من وجهة نظري الشخصیة یجب أن تنطلق من ایران من أجل زینب. یجب علی منظمات حقوق الانسان والأفراد النشطاء في هذا المجال والمؤسّسات والمنظمات المختلفة أن تتابع هذا الموضوع.

عليّ أن أذهب إلی ألمانیا وأعود بها إلی بلدي وهنا سوف أهتم بها ووالدتها تقوم بهذا العمل أیضاً، ثمّ یجب علی منظمة حقوق الانسان وهي موجودة في مدینة جنیف وفي أمریکا وبریطانیا وفرنسا، یجب مراسلتها والتحدّث إلیها، ألستم أنتم الذین تدّعون اهتمامکم بحقوق الانسان؟ أین حقوق الانسان؟ لماذا لا تسمحون لأب أن یلتقي بابنته بعد مضي 18 سنة أو لاتسمحون لأم بزیارة ابنتها بعد عشر سنوات؟ لماذا؟

لماذا تدینوننا نحن بسبب توقیف شخص لمدّة 15 یوماً؟ منظمة حقوق الانسان ومنظمة الأمم المتحدة تقول أنّ الشخص الذي یوضع لأکثر من 15 یوماً في زنزانة انفرادیة وکأنّه قد تعرّض للتعذیب! وماذا عنّي أنا یا أوروبا ویا أمریکا ویا منظمة حقوق الانسان، تمّ وضعي في زنزانة انفرادیة لمدّة خمس سنوات، أین کنتم؟ هل أنتم نائمون أیضاً؟ هل کنتم مستغرقین بالنوم؟ ویا نظام الجمهوریة الاسلامیة في ایران أین أنتم؟

تقول منظمة الأمم المتحدة بصراحة، أيّ فرد یوضع في زنزانة انفرادیة لأکثر من خمسة عشر یوماً یکون بمثابة من تعرّض للتعذیب! وأنا وُضعتُ في زنزانة انفرادیة لمدّة خمس سنوات بینما أنتم لاتقومون بأيّ ردّة فعل، هذه الخطوة من صالحکم ومن أجل أن توجّهوا ضربة لرؤوس هؤلاء، کما یقومون بتوجیه ضربات لنا یجب علینا أن نرد الصاع صاعین.

في إحدی المرّات أُلقي القبض علی شخص کان قد سرق ماعزاً، سألوه لماذا سرقت الماعز؟ ردّ قائلاً: أنا؟ أنا لم أسرق الماعز، قیل له أنت ممسك بالماعز بیدك وتنکر السرقة، لکنّه ردّ قائلاً مرّة أخری بأنّني لم أسرق الماعز. والآن أنا موجود وحي وابنتي حیّة تُرزق وحکایتي واضحة للعیان فقط علیکم متابعة الموضوع.

المذيعة: أرغب بالتحدث عن زینب من أجلك أنت ومن أجل زوجتك. ماذا عن عدم مقدرتك علی رؤیة ابنتك کل هذه السنوات، ما الذي ترید منها أن تعرف، وماذا ترغب في أن تقول لها؟

دارابي: بالنظر إلی الضغط الشدید المفروض علینا أنا وزوجتي وشقیقاتها وأشقائها، لدینا رسالة مفادها أنّنا في السر منزعجین جداً وتنهمر دموعنا، فما بالك حینما نکون بمعزل عن الآخرین. حینما نکون لوحدنا نستغرق في التفکیر العمیق.

رسالتنا لمنظمات حقوق الانسان في العالم وعلی الأخص ایران ووسائل اعلامها المؤثّرة جدّاً، أن تتابع هذه القضیة وتبلغ سکّان العالم من أنّ الادعاء بحقوق البشر ما هو إلا مجرّد شعارات جوفاء، ولکن الدول التي لا تراعي حقوق الانسان هي الدول الأوروبیة وأمریکا.

الرسالة الوحیدة لدینا هي المطالبة بالتحرّك السریع کي نتمکن من رؤیة ابنتنا، أو إعادتها إلی ایران أو استعادة حضانتها، ولکن الموضوع صعب جدّاً لأنّ القضیّة مرّت علیها سنوات طویلة والأم في تفکیر دائم کلّ یوم وکلّ ساعة في هذه البنت وتتحمل آلاماً کثیرة، إلی درجة أنّه لديّ ابنة تبلغ من العمر 13 سنة وقد التقت بزینب مرّة واحدة فقط حینما ذهبت برفقة والدتها إلی ألمانیا.

هذه الفتاة تفکر دائماً بزینب ولا تکاد تغادر تفکیرها تأتي وتجلس بقربي وهي تبکي وتسألني یا أبتاه متی ستأتي بزینب؟ کما أنّ ابنائي منزعجون جداً من هذه القضیة، ولاداعي للتذکیر بوالدتهم التي لم تعد تحتمل هذا الموضوع.

وهذه المشکلة تلازمنا بشکل یومي في أسرتنا، لهذا یجب ایلاء الاهتمام الکافي بهذه المشکلات، ففي نهایة المطاف هي إنسانة، علماً أنّني أقول بأنّهم لایقبلون بمفهوم الانسانیة، لأنّ الجرائم التي ارتکبها الأوروبیون في أفریقیا وأفغانستان والعراق لاتزال تجري علی کل لسان، والجرائم التي ترتکبها "اسرائیل" بشکل یومي في قطاع غزة والضفة الغربیة یعجز اللسان عن وصفها.

ولهذا السبب لا أعلم ما الذي أقوله أکثر من هذا، علی الجمیع أن یسعوا سریعاً کي تعود هذه الفتاة إلی أحضان أعضاء أسرتها، فهي تعیش آخر أیّام حیاتها، کما سمعت شخصیاً ووفقاً للتقاریر التي استلمناها من أحد المستشفیات تقول أنّ الأطفال في هذه الحالة وبهذا الشکل لن یعیشوا أکثر من 35 إلی 40 سنة، وللعلم فأنّ زینب ستبلغ الخامسة والثلاثین من عمرها یوم 09 تموز/ یولیو الحالي.

المذيعة: ونحن بدورنا نأمل وندعو أن ینجح الذین بإمکانهم تغییر الحالة وینجحوا في عودة زینب إلی أحضان أسرتها.