هل نعت اللجنة الخماسية بشأن لبنان المبادرة الفرنسية؟

هل نعت اللجنة الخماسية بشأن لبنان المبادرة الفرنسية؟
الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠٢٣ - ٠٤:٣٩ بتوقيت غرينتش

أولت الصحف اللبنانية اهتمامًا في مقالاتها الرئيسة وافتتاحياتها اليوم الثلاثاء، للبيان الذي أصدرته المجموعة الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) بشأن لبنان عقب اجتماعها الثاني في الدوحة أمس، مسلطة الضوء على ما تضمنه البيان من تهديد للقيادات اللبنانية، ورأت فيه تصعيدًا ونعيًا للمبادرة الفرنسية يناقضان التطورات الإيجابية في المنطقة.

العالم_لبنان

في هذا السياق رأت صحيفة الأخبار أن البيان التصعيدي الذي صدر عن المجموعة الخماسية كان بمثابة نعي للمبادرة الفرنسية، وشبه إنهاء للتفويض المعطى أميركيًا لباريس في الملف الرئاسي، وربما إعلان انتهاء مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إذ شكّكت مصادر مطّلعة في أن يزور لودريان بيروت مجدّدًا، بعدما باتت زيارته لزوم ما لا يلزم، وحتى في حال قيامه بها هذا الشهر كما كان مقرّرًا، فسيسود أجواءها كثيرٌ من التوتر، إذ إن التهديدات التي تضمّنها البيان تعاكس التطورات الإيجابية التي شهدتها المنطقة أخيراً، وستكون لها ردود فعل ونتائج سلبية في المشهد اللبناني، وستدفع القوى السياسية، ولا سيما حزب الله إلى مزيد من التشدّد.

وفيما كانت بيروت تنتظِر ما سيخلُص إليه الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية وحصيلة محادثات لودريان في الرياض، تضمّن البيان تهديدات بالعقوبات ودفتر شروط للبنانيين، إذ أشار إلى النقاش في خيارات محددة في ما يتعلّق باتخاذ إجراءات ضدّ أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدم في موضوع انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وقرأت قوى سياسية معنية في البيان الخماسي إعلانَ وصاية جديداً ولفتت إلى الآتي:
- إن البيان هو إعادة تأكيد على البيانات التصعيدية التي صدرت سابقًا من نيويورك (اللجنة الثلاثية الأميركية – الفرنسية - السعودية) وجدة، ويؤشر إلى جو سلبي يعاكس كل الجهود التي قادتها باريس في الأشهر الماضية.
- من الواضح أن البيان هو صياغة سعودية - أميركية تبنّتها الدول الأخرى، ولا سيما في ما يتعلق بتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة و«معروف من هي الجهة المقصودة منه.
- حمل البيان دفتر شروط جديدة لمساعدة لبنان، وإلا فإن البلاد ستظل متروكة، ما يعني مزيداً من الانتظار وسطَ مخاوف من أن يترافق هذا الانتظار مع تطورات من شأنها الإطاحة بـالاستقرار الوهمي القائم.
بدورها رأت صحيفة البناء أن حرص الدوحة على استضافة اجتماع المجموعة الخماسية كان واضحاً لدفع المبادرة الفرنسية الرئاسية نحو الخلف، والبحث عن فرص للعب دور متقدّم تحت شعار ان قطر تنسق مع السعودية وأنها تملك قدرة الحوار مع واشنطن وطهران، وصولاً للتواصل مع حزب الله، وتريد فرصة لاختبار إمكانية تسويق ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، لكن الاجتماع كما يوحي البيان الصادر في ختامه، انتهى إلى الحديث عن الأزمة والانسداد والعجز والفشل، مناشداً النواب اللبنانيين الذين اتهمهم أصلاً بالعجز، لمعالجة أزمة الفراغ وانتخاب رئيس جديد، مضيفاً التلويح بالعقوبات، وهي لغة يعرف أصحابها تضعف قدرة أصحابها على لعب دور الوسيط وتحبط الفرصة لإطلاق المبادرات.
وإذ تنظر مصادر سياسية إلى بيان اللقاء الخماسي بإيجابية لجهة تجديد التفويض لفرنسا لاستمرار جهودها لحلّ الأزمة اللبنانية، وفق ما أوحى البيان، لفتت لـصحيفة البناء الى سلبية في ظاهر البيان وهي البقاء في العموميات وعدم التوافق على رؤية محددة لتسوية سياسية ضمن سلة كاملة للحل أي انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وحكومة والاتفاق على أسماء للمناصب العليا لا سيما حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش. كما لاحظت المصادر أن تقليص تمثيل الولايات المتحدة الأميركية يعكس عدم اهتمام أميركي بالملف اللبناني، وخلافاً بين أعضاء الخماسية على مقاربة للملف اللبناني. وبدل أن تقدم دول اللقاء الخماسي المظلة الدولية والإقليمية لأي تفاهم داخلي والدفع بهذا الاتجاه، اكتفت بالتلويح بعقوبات تستهدف بعض السياسيين لاتهامهم بعرقلة انتخاب الرئيس ما يتلاقى وأحد البنود في متن قرار البرلمان الأوروبي الذي اتهم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر دون غيرهم بتقويض الدولة وعرقلة عجلة المؤسسات، ما يخفي التصويب والاستهداف السياسي لبعض الأطراف السياسية، فضلاً عن انتهاك سيادة لبنان والاعتداء على اقتصاده وتهديد أمنه عبر إبقاء النازحين السوريين في لبنان واتخاذ كل الإجراءات لمنعهم من العودة.

من جهتها توقفت صحيفة الجمهورية عند اجتماعات اللجنة الخماسية في باريس حول الملف الرئاسي في لبنان ، وما سبقها وتلاها من مناشدات دوليّة على أكثر من مستوى للأطراف السياسية في لبنان بالتوافق على إتمام استحقاقاتهم الدستورية على وجه السرعة، وتحذيرات من نتائج كارثية لاستمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه، أنذرت بخراب حتمي لهذا البلد، وهو ما تحدثت عنه صراحة مساعدة وزير الخارجية الأميركية باربرة ليف. إلّا أنّ كلّ ذلك، لم يتمكّن من كسر منطق رافضي التوافق، ولم يحرّك لدى أيّ منهم الحس بالمسؤولية الوطنية ولم يقرّبهم قيد أنملة من الاقتناع بضرورة هذا التوافق، وانّه المعبر الإلزامي لإنهاء الأزمة الرئاسيّة ووضع لبنان على سكة الانفراج.

ورأت أنه ضمن هذا السياق، اندرج اجتماع الخماسية الدولية الذي انعقد في العاصمة القطرية امس، حيث لم تحمل أجواء هذا الاجتماع ايّ خلاصات نوعيّة معاكسة لما آلت اليه الاجتماعات السابقة، كما لم تعكس وجود اي خريطة عمل بديلة، او إضافات نوعية على مهمّة لودريان. بل انّ الجديد الوحيد فيها هو مشاركة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في هذا الاجتماع، الذي يأتي عشية زيارته الثانية الى بيروت المقرّرة في الرابع والعشرين من تموز الجاري، إنْ لم يطرأ ما قد يؤخّرها.

ورأت الجمهورية أن خلاصة اجتماع الدوحة انّه غطّى مهمّة لودريان في بيروت، التي يُنتظر أن يقيم فيها أياماً عدّة، على ان تسبق وصوله الى بيروت، كما كشفت مصادر موثوقة ما سمّتها ممهدات واتصالات على خطوط متعددة لبنانية وغير لبنانية لإنجاح مسعاه لإنهاء الازمة الرئاسية في لبنان، وتسهيل اطلاق الحوار الرئاسي الذي ينشده. من دون أن تستبعد المصادر حراكاً موازياً لذلك، ربما قطرياً، يصبّ في دعم مهمّة لودريان.

أما صحيفة النهار فرأت أنه بدا من غير المتوقع الحكم بدقة على نتائج اللقاء الخماسي في الدوحة قبل تبلغ الجهات اللبنانية الرسمية، وتاليًا السياسية، المعطيات الحقيقية والموضوعية التي تتصل بنقاشات ممثلي الخماسي ونتائج ما أفضى اليه الاجتماع، فان صدور بيان عنه تضمن حضاً ملحاً وقوياً "للقيادة اللبنانية على انتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية"، بالإضافة الى التلويح اللافت بعقوبات على الذين يعرقلون احراز تقدم في هذا المجال، شكل بحسب "النهار" تطورا بارزا ومهما اخرج مسار هذه المجموعة من اطار المقاربات الغامضة الى رسم اطار واضح بمواقف حازمة نسبيا.

ولعل اللافت في البيان الصادر عن المجموعة الخماسية تمثل في عدم تضمنه أي تبن او ذكر للحوار بين الافرقاء اللبنانيين بما أوحى ان المجموعة لا تشجع اتجاه الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان لطرح حوار داخلي بل التشدد في التزام مجلس النواب الدستور وانتخاب الرئيس. وإذ افيد ان المجموعة لم تتداول أي أسماء لمرشحين رئاسيين لوحظ انها أوردت مواصفات للرئيس الذي يضع مصالح البلاد في المقام الأول ويوحدها. وتترقب الجهات السياسية المعطيات التي يمكن توافرها والتي على أساسها ترتسم طبيعة المهمة التي سيعود بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان.