هنا الخليج الفارسي وليس خليج المكسيك

هنا الخليج الفارسي وليس خليج المكسيك
الأربعاء ٠٢ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٥:٠٨ بتوقيت غرينتش

تتقبل اغلب الدول في العالم، التواجد العسكري الامريكي على اراضيها ومياهها وسمائها، وكأنه امر طبيعي بل وضروري، وفي مقابل ذلك بات تواجد قطعة عسكرية بحرية واحدة لدولة جارة لهذه الدول، في المياه القريبة منها، كأنه أمر غريب ومستهجن، وهذه الحالة نتلمسها وبوضوح في منطقة الخليج الفارسي وبحر عمان والبحر الاحمر.

العالم – يقال ان

هذه الحالة، فرضتها امريكا على العالم بشكل عام وعلى منطقة الخليج الفارسي بشكل خاص، عبر الضغوط واختلاق الازمات وزرع الفتن وصناعة الاعداء الوهميين، فلم يعد هناك من يستغرب وجود حاملات طائرات امريكية، او غواصات نووية امريكية، او قاذفات استراتيجية امريكية، او حتى قيام امريكا بمناورات عسكرية في الخليج الفارسي، بل المستغرب ان تجري ايران مناورات عسكرية في الخليج الفارسي، لانه وفقا للفوبيا التي اصطنعتها امريكا لهذه الدول، اصبحت مثل هذه المناورات امرا غير طبيعي، او تُفسر على انها تهديد، او ان هناك امرا يُدبر بليل.

اللافت ايضا انه ليس هناك حكومة في كل هذه الدول، سألت يوما نفسها، لماذا لا نجد اي تواجد عسكري لايران او اي دولة اخرى في خليج المكسيك، او ان تجري مثل هذه الدول مناورات عسكرية هناك؟، فلا ايران ولا اي دولة اخرى في العالم تبعد جغرافيا الاف الاميال عن خليج المكسيك ، معنية بهذا الخليج او لديها رغبة في اجراء مناورات هناك، الا ان امريكا التي تقدم نفسها على انها زعيمة العالم، تمنح نفسها الحق في ان تتواجد في كل مكان من الكرة الارضية، دون ان يحق لاحد ان يعترض على تواجدها.

هذه الحالة تكثفت اليوم، وبشكل لافت عندما نقرأ الاخبار والتقارير الاعلامية والصحفية، الامريكية او تلك التي تدور في الفلك الامريكي، والتي تتناول المناورات تجريها قوات حرس الثورة الاسلامية في الخليج الفارسي، دفاعا عن الجزر الايرانية في الخليج الفارسي وخاصة الجزر الايرانية الثلاث ابو موسى وطب الكبرى وطب الصغرى، حيث يتم تحرير هذه الاخبار والتقارير، وكأن المناورات تجريها ايران في خليج المكسيك، وليس في الخليج الفارسي، او ان ايران ترسل برسائل تهديد للاخرين من وراء هذه المناورات، واللافت ان هذه المنصات الاعلامية والصحفية، تناقلت ومازالت اخبار ارسال امريكا الشهر الماضي سفن حربية ومزيدا من الطائرات المقاتلة من طراز "إف-35″ و"إف-16" إلى منطقة الخليج الفارسي، وكأن امريكا تمتلك حقا لا تمتلكه ايران في الخليج الفارسي، او كأن هذه القوات العسكرية تتواجد في خليج المكسيك وليس الخليج الفارسي.

يبدو ان الرعونة التي تصرفت بها امريكا عبر ارسال المزيد من الطائرات والسفن الحربية الى المنطقة، سببه نجاح ايران في كسب ثقة جيرانها العرب في الخليج الفارسي، وخاصة تقاربها مع السعودية، ودعوة ايران لجيرانها الى تشكيل قوة بحرية مشتركة، من اجل الحفاظ على امن مياه الخليج الفارسي، وهي دعوة ستبطل السحر الامريكي وتكشف زيفه، بعد ان تبين، حتى لحلفاء امريكا، ان الازمات التي شهدتها المنطقة خلال العقوجد الماضية هي صناعة "امريكية اسرائيلية" بامتياز، لذلك باتت الدول العربية في الخليج الفارسي، تتصرف على ضوء مصالحها، وهي مصالح متداخلة ومتشابكة مع مصالح ايران، الامر الذي أثر حتى على اندفاعة بعض الدول نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي الارهابي.