زيارة أميرعبداللهيان الى باكستان.. إيران أكبر من أن تُعزل

زيارة أميرعبداللهيان الى باكستان.. إيران أكبر من أن تُعزل
السبت ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٢:٣٦ بتوقيت غرينتش

من الصعب جدا على المراقب ان يدرك ما حققته الدبلوماسية الايرانية من نجاح في كسر العزلة التي حاولت امريكا فرضها على الشعب الايراني، في محاولة لتركيعه، ما لم يدرك ضخامة الضغوط التي مارستها امريكا خلال العقود الاربعة الماضية عليها، وهي ضغوط لم ولن تتعرض لها اي دولة في العالم، خلال نصف القرن الماضي.

العالم قضية اليوم

ما دفعنا لتناول موضوع الحصار الامريكي على ايران، والذي كان يستهدف شل الحكومة الايرانية، وتجويع الشعب الايراني، وعزل ايران عن العالم، هي الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الايراني حسين اميرعبداللهيان الى باكستان، البلد الشقيق والجار والمسلم لايران، والذي حاولت وتحاول امريكا، عبر تجنيدها الجماعات التكفيرية الارهابية، تحويل حدودها مع ايران الى حدود ملتهبة وغير مستقرة وغير آمنة، لاستنزاف موارد البلدين.

زيارة اميرعبداللهيان الى باكستان، والجولة الافريقية التي قام بها الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي التي قادته الى كينيا وأوغندا وزيمبابوي، والزيارة المرتقبة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات الى ايران، والزيارة المرتقبة للرئيس الايراني رئيسي الى طاجيكستان، والتقارب الايراني السعودي، وتأسيس البنك الايراني السوري المشترك، وعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، وزيارة اللواء فيكتور خارنين وزير الدفاع البيلاروسي الى إيران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، والزيارة المرتقبة لوزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، وهي زيارة تأتي في خضم الجدل الحاصل بين البلدين حول حقل ارش الغازي المشترك، الامر الذي يعكس رغبة ايران في تسوية الخلافات مع جيرانها بالطرق السلمية والدبلوماسية، كل هذه الزيارات تأتي في زمن قياسي جدا، وهو يعكس نجاحا دبلوماسيا مذهلا لايران، التي تتعقب امريكا ناقلات النفط في اعالي بحار العالم خوفا من ان تنقل احداها نفطا ايرانيا، وتطارد البنوك وحتى مكاتب الصيرفة في العالم، خوفا من دخول دولار امريكي الى ايران.

جاءت نتائج زيارة وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان الى باكستان، كرد عملي، وكدليل على فشل التهديدات العسكرية والحرب النفسية التي تقودها امريكا ضد ايران، والضغوط التي تمارسها على الدول والمنظمات الدولية، من اجل عزلها، فجردة سريعة لبعض نتائج هذه الزيارة تؤكد على هذه الحقيقة، فحجم التجارة بين البلدين تخطى مليارين و300 مليون دولار، ومن المتوقع ان يصل قريبا الى 5 مليارات دولار.

شهدت الزيارة ايضا، التوقيع على وثيقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين غرفة التجارة الايرانية وغرفة التجارة التابعة لمدينة كراتشي، بعد ان شهدت السنوات الاخيرة انشاء منفذين حدوديين جديدين والتوقيع على اتفاقية للتعاون لانشاء 6 اسواق حدودية مشتركة.

الاقتصاد الايراني يكمل الاقتصاد الباكستاني والعكس صحيح، فعلى سبيل المثال يمكن لباكستان ان تلبي حاجات ايران في قطاع الزراعة وفي المقابل يمكن لايران ان تلبي حاجة باكستان للطاقة، ولذلك قامت ايران بمد انبوب الغاز الى حدود باكستان، كما ارتفع حجم تصدير الكهرباء اليها، وهذا ما اكد عليه وزير الخارجية الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري ، عندما قال ما نصه:" نحن سعداء جد لأن المدارس والمستشفيات والأماكن المهمة في كويتا بباكستان يمكنها العمل بفضل الكهرباء التي نقلتها إيران إلى باكستان".

ايران ومن خلال الاتكال على عناصر قوتها الداخلية، العلمية والتقنية والصناعية والزراعية والسياحية والجغرافية والتاريخية و..، وعبر اعتماد سياسة مبدئية قائمة على رفض الهيمنة والتبعية، والانفتاح على دول الجوار والدول الصديقة، واعتماد دبلوماسية نشطة، تبذل كل مساعيها لتسوية جميع المشاكل التي تعترض علاقاتها مع دول الجوار، وهي مشاكل في اغلبها صناعة "امريكية اسرائيلية".

السياسة الامريكية الرامية لعزل ايران دخلت حالة الموت السريري، وان اعلان موتها رسميا ليس سوى مسألة وقت، فايران هي اكبر من ان يتم عزلها، فهي قوية بجيشها، وبحكمة قيادتها، وبصبر شعبها، وبموقعها الاستراتيجي، وبثرواتها الهائلة، وبتاريخها العريق، وبثقافتها الغنية، وبسياستها المتزنة، وبدبلوماسية النشطة، وقبل كل هذا وذاك، بالتزامها بمبادىء الدين الاسلامي الحنيف...

سعيد محمد – العالم