صحف: التحذيرات الخليجية ضغوط لا مخاوف أمنية.. الرياض تعود إلى التشدد رئاسيا

صحف: التحذيرات الخليجية ضغوط لا مخاوف أمنية.. الرياض تعود إلى التشدد رئاسيا
الثلاثاء ٠٨ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٤:٣٣ بتوقيت غرينتش

ركزت الصحف اللبنانية في افتتاحياتها ومقالاتها الرئيسية اليوم الثلاثاء ، اهتمامها على الانعطافة الجديدة للمملكة السعودية في سياستها تجاه دول المنطقة ومنها لبنان.

العالم_لبنان

ووصفت الصحف الانعطافة الجديدة بانها عودة للسعودية إلى سياسة الضغوط المتناغمة مع سياسة الإدارة الأميركية، كاشفة عن أن التحذيرات التي أطلقتها دول خليجية ودعت فيها رعاياها لمغادرة لبنان، وتوخي الحذر في تنقلاتهم، لا علاقة لها بالوضع الأمني وإنما الهدف منها ممارسة مزيد من الضغوطات على لبنان.

في هذا السياق أكدت صحيفة الأخبار أن التحذيرات التي صدرت عن دول مجلس التعاون الخليجي لرعاياها، سواء بوجوب المغادرة فورًا أو الالتزام بقرار منع السفر إلى لبنان، بقيَت مليئة بالغموض. ولليوم الرابع على التوالي، لم يكُن بالإمكان إقناع أحد من القوى السياسية بأن البيانات كما خرجت - بتوقيتها (ليلًا) وصيغتها وعلانيتها - مربوطة حصرًا بمعارك مخيم عين الحلوة التي هدأت مبدئيًا كما قال السفير السعودي وليد البخاري.

ورأت الأخبار أن السلوك السياسي السعودي يشي بأن الرياض، والمحور المعادي للمقاومة بشكل عام، مصرّان على تحقيق مكاسب في الساحات كافة، وهي مكاسب من النوع الذي يستلزم مكاسرة. وعليه تتوقّف هذه القوى في ما خصّ لبنان عند إشارات متعددة:

- الأولى تتعلق بسلوك المملكة. قبلَ الاتفاق الإيراني - السعودي برعاية صينية، تصرّف السعوديون بحيادية سلبية على قاعدة أنهم غير معنيين بما يجري في لبنان، وبعدَ الاتفاق، عادوا قليلًا إلى الوراء لإبداء "النوايا الحسنة" من دون إعطاء إشارة جدية للمساعدة.

بعدها حصلت تطورات كثيرة في المنطقة، تبدأ باهتزاز التفاهم في اليمن ولا تنتهي عند حقل الدرة في الكويت وتراجع الحماسة للتطبيع مع سوريا وتأجيل فتح السفارة، وكان لا بدّ لهذه التطورات أن تلفح الملف اللبناني.

وفي لقاء الدوحة الأخير (17 تموز الماضي) ظهرت نذر التشدّد في التعامل مع لبنان، عبر التهديد باتخاذ إجراءات ضد المعرقلين لانتخاب رئيس جديد.، ويومها، تسرّب عن اللقاء الخماسي أن ممثل المملكة كانَ الأكثر عدائية وسلبية في الحديث عن الضغط وهو من اقترح منع السياح من المجيء إلى بيروت.

- الثانية مرتبطة بالتناقض في التعامل مع المبادرة الفرنسية، ولا سيما في ما يتعلق بفكرة الحوار.

فقد بات واضحًا أن الرياض غير متحمّسة للدور الفرنسي ولا تريد أن تكون منخرطة في أي حل، وهي لا توفّر جهداً لضرب الجهود التي يقوم بها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، خصوصاً في ما يتعلق بالدعوة إلى الحوار. وبينما تعلن السعودية أن الانتخابات الرئاسية شأن لبناني، ترفض الحوار العام "خشية استغلاله لضرب الطائف"، علمًا أن لودريان حينَ أتى إلى لبنان قبل أسبوعين أكّد أنه يتكلم باسم الدول الخمس لا باريس فقط.

- الثالثة تخص الجبهة السياسية الممتدة من الرياض حتى واشنطن مرورًا ببيروت والعاملة ضد حزب الله، والتي لا يُمكِن التعامل معها على أساس أنها "منفصلة" عن بعضها.

فالماكينة الإعلامية - السياسية لا تتوقف عن تحميل الحزب مسؤولية كل ما يحصل في البلد، وصارَ "الموضة" أخيراً في شمل الثنائي الشيعي واتهامه وحده بتعطيل البلد وإيصاله إلى الانهيار الكامل.

وفي هذا السياق، نقلت الأخبار عن مرجع سياسي بارز قوله بأنّه لمس في الفترة الأخيرة العودة إلى الحديث عن عزل الطائفة الشيعية، والعمل على محاصرتها داخليًا وخارجيًا، واضعًا في هذا السياق بيان لجنة الخارجية في الكونغرس الأميركي الذي طالب الرئيس الأميركي جو بايدن في ذكرى 4 آب بالضغط على الرئيس نبيه بري. وقال المرجع إن الحملة التي تطالب بفرض عقوبات على بري ترد في سياق "العزل" الذي يسعى إليه البعض.

وأضاف المرجع أن النواب اللبنانيين الذين زاروا واشنطن قبل مدة، لعبوا دورًا في التحريض على رئيس المجلس بوصفه أداة بيد حزب الله، ودعا إلى التعامل مع هذا الأمر بكثير من الدقة والانتباه لأن "أثمانه كبيرة".

من جهتها قالت صحيفة البناء: تحت ضغط مواقف المسؤولين اللبنانيين السياسيين والأمنيين المستغربة لمواقف سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري وتأكيدها بألا معلومات تؤشر إلى أحداث تؤثر على الأمن العام في البلاد، اضطر البخاري للتراجع عن بيانات السفارة السعودية والدول الخليجية الأخرى، والتوضيح بأن خلفية البيان تتعلق بالأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة.

وأبدت مصادر سياسية استغرابها لبيان السفارة السعودية والبيانات التي تلتها، علماً أن كل الدول العربية تدرك الأوضاع في المخيمات الفلسطينية التي تحولت الى بؤر أمنية وموئل للجماعات المتشددة والمتطرفة والارهابية بتدخل من هذه الدول تسليحاً وتمويلاً، فما الجديد الذي دفع السفارات الخليجية لإطلاق هذه التحذيرات العالية السقف والتي سمّمت الأجواء الهادئة وموسم الاصطياف المزدهر وبثت الرعب في نفوس المغتربين والسياح الذين توافدوا إلى لبنان بالملايين لقضاء فترة الصيف؟

وما الذي دفعهم لإطلاق التحذير الساعة 12 ليلاً الذي لم يكن صدفة! وبعد توقف إطلاق النار في عين الحلوة بيومين؟ وأكدت المصادر وجود خلفيات وأبعاد سياسية واقتصادية في بيان السفارات، أولاً للضغط على الملف الرئاسي بعد بيان اللقاء الخماسي لتوتير الأجواء والتلويح بورقة الأمن ضد أي توجه لدى فريق الثنائي حركة أمل وحزب الله لانتخاب رئيس للجمهورية من هذا الفريق بحال أثمرت المشاورات اتفاقاً بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

وهناك بعد اقتصادي – مالي لتخويف المغتربين والسياح من السفر الى لبنان ومغادرة الأراضي اللبنانية للمزيد من الضغط على العملة الوطنية بسلاح الدولار الذي تعطل بفعل توافد أعداد غير مسبوقة من المغتربين إلى لبنان وبالتالي مليارات الدولارات التي لجمت سعر صرف الدولار في السوق السوداء رغم رحيل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.

من جهتها أكدت صحيفة اللواء أن الثابت، وفقاً لمعلومات الصحيفة أن التحذيرات الخليجية تسحب المظلة العربية والخليجية عن الوضع برمته، إذا ما استمر تلاعب الطبقة السياسية على حافة الهاوية بعد مجيء لودريان في أيلول، في إشارة واضحة إلى الخلفية السياسية لهذه التحذيرات.

وقالت، إن معطيات الاجهزة الامنية لا تدل على اي وضع أمني استثنائي. هناك اضطراب في مخيم عين الحلوة، وبالأمس عقدت اجتماعا مطولا مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين امنيين لبنانيين، واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد.

بدورها أكدت صحيفة الديار أن ربط السعودية تحذير رعاياها بأحداث عين الحلوة، لم ينطلِ على أحد في لبنان، وبدا واضحا أن المملكة عادت لتوظيف الساحة اللبنانية في ملفات اقليمية، واستخدمتها صندوق بريد لرسائلها تجاه طهران.
العالم_لبنان