غفران الزامل... قصة عروس فلسطينية تتحدى 48 مؤبدا + فيديو

الثلاثاء ١٥ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٢:٢٧ بتوقيت غرينتش

غزة (العالم) 2023.08.15 – أكدت المناضلة الفلسطينية والأسيرة المحررة غفران الزامل زوجة الأسير القائد في حركة حماس حسن سلامة إن الأسرى الفلسطينيين كما انتزعوا حقهم في الحياة وفي الزواج سينتزعوا باقي حقوقهم رغما عن السجان، وقالت إن زوجها اعتبر وصولها إلى غزة رغم المنع الإسرائيلي تحررا لنفسه بالذات، مشددة على أم هذه الزيارة كانت رسالة أعطت الأمل للكثير من الأسرى وعائلاتهم.

العالم فلسطين

وفي حوار خاص لقناة العالم أشارت غفران الزامل لمراسلتنا أن الصورة التي تصل من غزة في الإعلام هي نمطية دائما، وأن الأكثر انتشارا هي في لحظات الحروب والدمار، مبينة: ما يصلنا هو شعب محاصر ويقتل بشكل دائم.. لكن ما لمسته خلال زيارتي أن هناك شعب يملك من الإرادة والتحدي الكبير.

وأضافت: مررت في شوارع قطاع غزة ورأيت أن هنا دمرت وهناك هدمت.. لكن إصرارهم وحبهم للحياة يبقى الدمار ذكرى، أو أن الدمار مر من هنا.. ولكن إصرارهم يجعلهم يعيدوا البناء مرة تلو الأخرى.

وبشأن أسرها أوضحت غفران الزامل: ما قبل الاعتقال استدعيت لأكثر من ثمان مرات لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، نتيجة عملي الصحفي.. حيث كنت أعمل في جريدة فلسطين ومقرها في قطاع غزة.. وبعد أحداث الانقسام التي حدثت بين الضفة وغزة استدعيت لأكثر من مرة، واعتقلت في سجون الأجهزة الأمنية لمدة ثلاثة أيام، وبعد خروجي من سجون الأجهزة الأمنية بعد شهر واحد من الإفراج عني تم اعتقالي.. ومكثت في زنازين التحقيق لمدة شهرين.

وأوضحت أنها اعتقلت من قبل الاحتلال لأول مرة في الأسبوع الأول 28/9/2009 ومكث في التحقيق ما يقارب شهرين، مبينة أن: التحقيق هو عبارة عن معاناة نفسية أكثر منها عذاب جسدي.. العذاب الجسدي الوحيد في زنازين التحقيق هو كرسي التحقيق المخصص أصلا للتعذيب، الأرجل الأمامية تكون أقصر من الخلف، تكون الأسيرة مكبلة اليدين لطوال فترة التحقيق التي قد تستمر لأيام طويلة، أول فترة في التحقيق استمرت لمدة أسبوعين بشكل متواصل، نهائيا لم ينفك عني القيد الا لفترات الصلاة أو الإفطار لأنني اعتقلت في شهر رمضان.

وأضافت: كان التحقيق يتواصل بشكل ليل نهار، يتناوب على التحقيق ضباط مختلفون، في الجلسة الواحدة قد يكون أكثر من خمسة إلى ستة ضبا ط.. وكل ضابط له أسلوبه في التحقيق.. وبعد قضاء فترة التحقيق التي تنقلت فيما ما بين زنازين، انتقلت إلى العزل الانفرادي، مكثت فيه لمدة 20 يوما، كان هو ربما الأصعب علي.

وقالت إن الزنزانة هي فضاء لا يتعدى المتر في متر و نصف فيها مقعد بسيط للطعام، وفيها المكان لقضاء الحاجة في نفس المكان.

وبخصوص وصفها للعزل الانفرادي لفتت غفران الزامل إلى أن العزل الانفرادي هو زنزانة داخل قسم مدني، مبينة: هذا يكفي أن تتواجد في قسم مدني لأسرى جنائيين يهود، حيث كان هناك من هم عليه قضايا قتل أو مخدرات.. كلها جنائية وأنت الوحيدة المتواجدة في هذا القسم، طوال العشرين يوم منعت من الخروج من الزنزانة بشكل متواصل إلا في حال قدوم أحد المحامين، في هذه الفترة اخبروني أنك تحت التحقيق، يعني في أي لحظة يستجد مستجد في الملف استدعى للتحقيق مرة أخرى.. بعد العزل الانفرادي قضيت عاما في سجن الأسيرات الأمنيات الفلسطينيات، وأكملت باقي الحكم في هذا السجن.

وفي جانب آخر من الحوار أكدت غفران الزاملي: كل أسيرة داخل سجون الاحتلال لها قصة وحكاية، هي قصة ألم ومعاناة بحد ذاتها، مكثت خلال فتري والحمد لله لما بفضل الله علينا أن جميع الأسيرات التي مكثت معهم أفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار الأولى.

ووصفت الاعتقال الاسرائيلي بأنه: حرمان من الحياة بكل معانيها.. الاسرى يواجهون الحرمان بالتحدي حتى يخلقوا عالماً من الحياة لأنفسهم.. لكنه عالم قائم أساساً على الحرمان.

وبشأن كيفية ارتباطها بالأسير حسن سلامة والقرار بالزواج منه قالت غفران الزامل إن قرار الارتباط بحسن سلامة لم يكن وليد الأسر ولا ردة فعل على الاعتقال، وأوضحت: أنا منذ كنت طالبة في جامعة النجاح كنت عاملة في صفوف الأنشطة الطلابية والكتلة الإسلامية في الجامعات، وكنا كثيرا ما نقيم المعارض والأنشطة التي تتعلق بالأسرى.

وأضافت: في إحدى الأنشطة التي قمنا بها والتي كانت عبارة عن معرض كتاب لمقتنيات الأسرى وما يتعلق بهم.. حصلت على كتاب حسن الذي تحدث فيه عن عملية الثأر المقدس، وكنت ما قبلها قد شاهدت صورته التي خرجت للإعلام وهو في المحكمة يواجه بحكم بالإعدام ويبتسم.. ولم يعطي للحكم أي اهتمام أو اعتبار.. كانت الصورة تذكرنا بشيء واحد.. هو أن إنساناً يواجه بالموت يبتسم.

وقالت: "قرات الكتاب صدقاً، وشعرت أن هذا لو لم يوثق من إنسان نعرفه.. لقلنا إن هذا ضربا من الخيال أو نسج من خيال الكاتب، لمست في صفحات الكتاب ما يلامس شخصيتي من الداخل.. أن هذا الإنسان هو ما أتمناه، وأطمح أن أرتبط به وأكمل حياتي معه، لكن أنت تتحدثي عن انقطاع تام بين غزة والضفة.. انفصال شبه تام.. وكان مجرد الوصول أو الحديث عن هذا الحلم يعرضك للاستهزاء.

وبينت أنه: طوال تلك السنوات كنت أحمل هذا الحلم داخلي ولم أحدث به أحدا.. كان قدر الله أن يكتب لي الاعتقال داخل سجون الاحتلال، فكانت بوابة السجن هي بوابة تحقيق للحلم.. فيها آلام لكن كانت بداية تحقيق هذا الحلم الذي كنت أحمله منذ سنوات طويلة، في الاعتقال وبعد دخول سجن الأسيرات تعرفت على الأخت أحلام التميمي، الأسيرة المحررة الآن.. ما قبل الاعتقال نتيجة اهتمامنا بكل قضايا الأسرى كنت أتابع كيف ارتبطت أحلام بابن عمها نزار .. وكيف تمت كتابة كتابهم وعقد الزواج وهم داخل السجون، حدثتها عن حبي بالارتباط بحسن، اعتبرت ذلك في البداية أنها ردة فعل للاعتقال، حدثتها أن هذا الأمر لدي منذ سنوات طويلة.

وأوضحت: من محاسن الصدف أن أحلام كانت في تلك الفترة تدير ملف العزل الانفرادي، نتيجة أنها انتخبت عضوا في الهيأة القيادية لأسرى حركة حماس، وكانت بوابة للوصول إلى حسن بشكل أسرع.. هي كانت تتواصل معه بشكل دائم نتيجة متابعتها للملف، بدأت من هنا أولى خطوات تحقيق هذا الحلم، أرسلت أحلام رسالة لحسن تحدثه عن فكرة الارتباط بشكل عام دون الخوض بالتفاصيل، حسن ظن أن أحلام تتحدث عن الفكرة ما بعد التحرر، خاصة أنه في تلك الفترة كان الحديث كثير عن صفقة تبادل، حسن أعطى الموافقة ظنا منه أن الأمر سيجري بعد التحرر، لما وصلت الرسالة لأحلام أرسلت له الرسالة الثانية لأنها فهمت منه أنه أعطى الموافقة، تحدثت فيها عن المواصفات التي يحب أن يسمعها الخاطب عن الفتاة التي يريد أن يخطبها، فتفاجأ حسن أنه كان يتوقع أن الأمر سيكون ما بعد الاعتقال ولكن ليس حاليا في داخل الاعتقال، في البداية رفض واعتبر أن هذا ظلم لفتاة، وأن سنواته طويلة ومصيره غير معروف، وربما لم يخرج في الصفقة، وبالفعل هو لم يخرج، أنا تدخلت وطلبت من أحلام أن أكتب الرسالة الآن، وأن يكون التواصل مباشرة مني لحسن وبكلماتي أنا وليس بطريقتك أنت في الكتابة، أرسلت له رسالة وحدثته أنني اعتبر هذا جزء من مشاركتي في نظالك.. وجزء من طريقة حياتنا كفلسطينيين، وكشعب فلسطيني معرض للاعتقال والقتل، إذا أنا شريكة هذا الدرب، إذا تعتبر وجودك في السجن نضال فأنا في خطبتي جزء من المشاركة في هذا الطريق وهذا النضال،

وبينت: أرسل حسن ردا أنه وضع شرطا أنه إذا أفرج عنه خلال سنة نتمم الأمور.. إذا لم يفرج عنف فآنذاك سيكون كلا منها في حل من أمره، اعتبرت أن هذا الشرط سيزول.. ربما مع الأيام تتوطد العلاقة ويكسر هذا الشرط.. بفضل الله سبحانه وتعالى أفرج عني في 04/06/2010 كتبنا الكتاب في المحكمة الشرعية في نابلس، أرسل حسن نابلس وكالة للشيخ حامد البيتاوي رحمه الله، تقدم الشيخ لأهلي نيابة عن حسن، والآن الخطبة منذ 13 عاما من 04/11/2010.

وبشأن الرسالة التي تضمنتها هذه الخطبة وهذا الزواج قالت غفران الزامل: كانت رسالة خطبتنا أنا وحسن -خاصة وأننا ارتبطنا في زنازين العزل الانفرادي- أكبر رسالة لهذا المحتل، وهي أنك تحكم على حسن بالموت وتنتزعه من بين إخوانه وتحاصره وتحكم بكل هذه الأحكام لتنال من إرادته وعزيمته.. كانت أكبر رسالة أن كل إجراءاتك باءت بالفشل.. حسن انتزع حقه بالحياة وأن يكمل حياته الاجتماعية كأي إنسان رغما عن كل قوانينك وأجراءاتك.. فكانت بفضل الله تعالى رسالة أمل لحسن ولكل الأسرى الذين اعتادوا أن ينتزعوا حقوقهم انتزاعا.

وأضافت: أما حسن بفضل الله سبحانه وتعالى منذ اليوم الأول الذي ارتبطت به وهو يحمل نفس الإرادة ونفس العزيمة ونفس اليقين من التحرر، يرى تحرره آت لا محاله، موعده وزمانه كلها بتقادير الله سبحانه وتعالى، حتى عدم إفراجه في الصفقة الأولى كان متيقنا أن الله سبحانه وتعالى لو كتب له أنه سيتحرر سيخرج رغما عن كل أنوفهم وإجراءاتهم، يقينه بالله سبحانه وتعالى كبير، وثقته بإخوانه في المقاومة كبيرة جدا، لأن بوابتهم لفتح هذه السجون هي فقط صفقات التبادل وعمليات الأسر للجنود الصهاينة.

وبشأن قرارها السفر إلى غزة لملاقاة عائلة حسن قالت غفران إن: منذ سنوات طويلة وأنا أحاول وأسعى لهذا السفر حتى تحصلت لهذا القرار، صحيح أنه كان مشروطا لمدة أربع سنوات.. لكن اخترت السفر حتى أسعى لتحقيق بعض من الأحلام التي أملكها، فكان لابد أن أختار هذا القرار.. كانت فرحة ممزوجة بألم كبير، لكن هكذا الاحتلال.. ينغص عليك حتى في الحق الذي تتحصل عليه.. وهو حق السفر، حيث المنع الأمني هو سيف مسلط على رقابنا في الضفة الغربية.

وأضافت: كانت أولى محطات سفري أن اصل إلى قطاع غزة حتى أتعرف على عائلة حسن، أنا منذ 13 عاما فقط أتواصل عبر الهاتف، لم أرى أي أحد منهم ولا أعرف والدته ولا إخوته ولا حتى المكان الذي مر به وسكن به حسن وذكريات حسن. فكان لابد أن أدخل هذا المكان،

وقالت غفران: "في لقائي مع والدته.. كما يقال تلمس كل في الآخر حسن، وجدت فيها حسن وهي وجدت فيّ حسن، فكان لقاء مؤثرا حقا، لأنني أول مرة أقابلها وأعانقها، أنا أعرفها عبر التلفون.. لكن هذه السنوات الطويلة غيرت وبدلت في والدة حسن، فرأيت كيف أن هذه المرأة المسنة التي تنتظر ابنها بكل هذا الأمل وهذه العزيمة.

وخلصت إلى القول: مشوار التخطيط لغزة كننا نخطط من أجله أنا وحسن منذ اللحظة الأولى، حسن اعتبر وصولي إلى قطاع غزة أنه جزء من تحرره، واعتبر أنه هو نفسه من تحرر، هذه الزيارة كانت رسالة حملت الأمل لكل الأسرى وأعطت الأمل للكثير من الأسرى وعائلاتهم، حسن حملني كل الحب لهذه البقعة من الأرض التي يشتاق لأن يدخلها ويزورها.. حملني أن أزور كل زاوية وكل ذكرى كان يزورها وكان يمشي فيها وكان له بعض من ذكرياته فيها.. رسالته لهذا الشعب الذي صبر وتحدى وعانى من أجل الأسرى ودفع الأثمان الغالية والباهضة لأجل الاسرى أن كل الفخر الذي يحمله حسن لشعبه ولمقاومته التي يرى فيها بوابته لأن يفتح يوما ما حسن وإخوانه هذه السجون حتى يعود عزيزا بإذن الله قريبا إلى غزة.

وختمت المناضلة الأسيرة المحررة غفران الزامل زوجة الأسير القائد في حركة حماس حسن سلامة بالقول: "كما انتزعنا حقنا في الحياة وفي زواجنا.. سننتزع باقي حقوقنا في الأمومة والأبوة رغما عن السجان.

للمزيد إليكم الفيديو المرفق..