زيارة الأربعين الميلونية.. وأسباب تجاهل الإعلام العالمي لها؟

زيارة الأربعين الميلونية.. وأسباب تجاهل الإعلام العالمي لها؟
الخميس ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٣ - ١٠:٣٩ بتوقيت غرينتش

تتسابق القنوات الفضائية ووسائل الاعلام العالمية، وبينها العديد من القنوات العربية والاسلامية!، لنقل مراسم "كُمبه ميلا" الهندوسية، التي تحدث كل 12 سنة في مدينة الله آباد في الهند ويحضرها اكثر من 20 مليون هندوسي، وهم يؤدون طقوس الحج على ضفاف نهر الغانج، بينما تصاب هذه القنوات بالصم والبكم والعمي، عندما تتعامل مع زيارة اربعين الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام، والتي تحدث كل عام مرة، ويشارك فيها الملايين كل عام ( وصل العدد هذا العام الى حوالي 22 مليون ) من الشيعة بل ومن السنة والمسيحيين والايزديين والصابئة واحرار مختلف انحاء العالم.

العالم قضية اليوم

المعروف ان زيارة الاربعينية، التي تصادف في العشرين من شهر صفر، هي ذكرى عودة سبايا اهل البيت عليهم السلام من الشام وزيارتهم قبور شهداء واقعة كربلاء عام 61 هجرية، حيث يزحف الملايين من المسلمين نحو مدينة كربلاء على بعد مئات الكيلومترات قد تصل الى ما يقرب من 500 كيلومتر من اقصى جنوب العراق، في رحلة تمتد على مدى عشرين يوما، من اول صفر حتى العشرين منه، وينطلقون باعداد غفيرة من محافظات الوسط والجنوب كافة، وسكان العاصمة بغداد وديالى وبعض الاقضية والنواحي الشمالية، يضاف لهم الوافدون من خارج العراق والذين يدخلون من الحدود البرية لدول الجوار او عن طريق النقل الجوي، ليجتمعوا جميعا في كربلاء المقدسة في مشهد قل نظيره في العالم وربما لا يشابهه اي تجمع عالمي من حيث التنظيم والخدمات المجانية.

يرسم الشعب العراقي في زيارة الاربعين لوحة، تفوق الخيال الانساني، بالكرم والجود والايثار ونكران الذات، ففي هذه المسيرة المليونية لن ينفق زائر الحسين دينارا واحدا، في مقابل المأكل والمشرب والمنام وباقي الخدمات الاخرى التي تقدم له، فهناك الاف من المواكب تقدم هذه الخدمات على جانبي الطريق المؤدية الى كربلاء، واللافت ان هناك العديد من هذه المواكب هي لاهل السنة والمسيحيين والاجانب من مختلف الديانات والعرقيات، الامر الذي يبرهن عمليا ان الحسين الشهيد ليس ملكا لمذهب او دين او عرقية، و امام لاتباع اهل البيت ، كما حفيد نبي المسلمين، ورمز لاحرار العالم، اذ وقف وحيدا دون ناصر ضد الطغيان والاستبداد والفساد، ودفع روحه الطاهرة ثمنا لذلك، لذلك استحق عن جدارة ان يكون قبلة لجميع الناس، بغض النظر عن مذاهبهم ودينهم وعرقهم.

هذه الصورة الملحمية التي تصل الى حد المعجزة، تجاهلها الاعلام الغربي والعربي والاسلامي على حد سواء، واذا ما تناولتها احدى هذه الوسائل الاعلامية، فانها اما تقوم بتقزيمها، او حرفها وتناولها بشكل طائفي مقزز، الامر الذي لا يمكن وصف هذه السلوكيات، الا بالانحطاط الاعلامي، الذي مارس ابشع صور التعتيم الاعلامي، على هذا الحدث الضخم، ظنا منها انها بهذه الممارسة غير الاخلاقية، ستغطي على هذه الظاهرة المعجزة بغربال، ولكن فاتها، ان لا تعتيمها ولا تهديدات التكفيريين وفلول البعثيين والحاقدين والمنحرفين، لا يمكن ان تمحو ذكرى ثورة كربلاء، وخير دليل على ذلك انه ومنذ سقوط صنم بغداد عام 2003، ارتفع عدد زوار الاربعين من 3 ملايين زائر عام 2003 الى اكثر من 22 زائر هذا العام (2023)

لا يحتاج المراقب ان يكون ملمّا بالسياسة ليعرف ان وسائل الاعلام العالمية، التي تقيم الدنيا ولا تقعدها ، في الحديث عن قدسية حرية الراي والتغطية الاعلامية المحايدة، الى الحد الذي تغطي لساعات حفلات الشذوذ الجنسي، والانحرافات الاخلاقية، والناس الذين حولوا انفسهم لكلاب، و..، بل وتضخم وبشكل فاضح، كل حادثة سلبية حتى ولو صغيرة في العراق، وتجعل منها قضية كبرى، مثل هذه القنوات، تعمل وفق مخططات مدروسة، عادة ما تستهدف سيادة واستقرار وتطور العراق بل والعالم الاسلامي، لذلك تتعمد تجاهل زيارة الاربعين، لانها ببساطة، تسحب البساط من تحت اقدام كل من يضمر الشر للعراق والعراقيين والاسلام والمسلمين، فالجهات التي تحرك وسائل الاعلام هذه، ترى في الاربعينية مصدر قوة هائلة تمنح المسلمين ومحبي اهل البيت كافة بل وجميع احرار العالم طاقة لا مثيل لها، من اجل تحدي الصعاب، وافشال مخططات الاعداء، وتحصين العوائل امام الانحرافات، وتشجع الشباب، على التمسك بثوابت الدين والقيم والاخلاق الاسلامية والانسانية السامية، وهي قيم اعلن الغرب حربا ضروسا ضدها.