في ذكرى الدفاع المقدس.. أرادوا تجزئة إيران فإنقلب السحر على الساحر

في ذكرى الدفاع المقدس.. أرادوا تجزئة إيران فإنقلب السحر على الساحر
السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٣ - ١١:٤٧ بتوقيت غرينتش

في الثاني والعشرين من شهر ايلول / سبتمبر عام 1980 شن الطاغية صدام حسين عدوانا على الجمهورية الاسلامية الايرانية الفتية، ولم يمر سوى اقل من عام ونصف العام على انتصار الثورة الاسلامية، وكانت القيادة والشعب الايراني، منشغلين في ترتيب البيت الايراني من الداخل، ومواجهة المؤامرات الغربية والشرقية التي كانت تعمل على وأد الثورة، او حرفها عن نهجها الاسلامي.

العالم قضية اليوم

قبل خمسة ايام من غزو قوات الطاغية للاراضي الايرانية، وتحديدا في 17 أيلول / سبتمبر، أعلن الطاغية صدام إلغاء اتفاقية الجزائر 1975. وقبل هذا التاريخ، في آذار/ مارس 1980 كان الجيش العراقي يعمل على إنشاء طرق على الحدود مع إيران، وهو ما كشف ان الطاغية كان يخطط لمهاجمة إيران منذ فترة طويلة، بدعم وتنسيق وتواطؤ امريكا والغرب وبعض الانظمة العربية، وهو ما اعترف به الطاغية نفسه فيما بعد بالصوت والصورة، بقوله ان الحرب كانت مؤامرة لضرب العراق وايران!!.

منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم صدرت العديد من الكتب والدراسات المعتبرة، وكذلك تصريحات كبار المسؤولين العراقيين، سياسيين وعسكريين، جميعها اكدت ان الحرب كانت بتخطيط امريكي وبتمويل بعض الانظنة العربية وبتنفيذ الطاغية، الذي كان يعاني من جنون العظمة، وهوسه في ان يكون قائدا للعرب، فنجحت المخابرات الغربية وعلى راسها امريكا، في تسييره كما تشاء، وهو الذي حصل.

الثورة الاسلامية في ايران، قلبت المعادلات الاقليمية والدولية راسا على عقب، وضربت النظام العالمي الاستكباري بالصميم، فتكالبت عليها قوى الشر، من الغرب والشرق واذيالهما، فالنموذج الذي قدمته الثورة، لم يتسق مع نظام الهيمنة الذي كان سائدا، وهو نموذج مستقل يرفض النهج الراسمالي والنهج الشيوعي، لذلك راى العالم حالة استثنائية، لم يشهدها من قبل، وهي تحالف العدوان اللدوان امريكا والاتحاد الاسوفيتي ولاول مرة في التاريخ، عندما دعما الطاغية صدام في حربه ضد الجمهورية الاسلامية، بالسلاح والمال والمخابرات والسياسة.

الحرب التي فرضت على الجمهورية الاسلامية، كانت حربا عالمية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فبالاضافة الى فتح العرب لخزائنهم للطاغية، وفتح الغرب والشرق لمستودعات اسلحته للجيش العراقي، فقد تدخلت العديد من الدول الغربية والشرقية عسكريا في الحرب لصالح الطاغية، فكانت طائرات الاواكس والرادارات في المنطقة تعمل على مدار الساعة لخدمة الطاغية، وكانت فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي يتسابقون في مد العراق باحدث ما انتجته صناعتهم العسكرية من طائرات مقاتلة، بالاضافة الى مد العراق بالاسلحة الكيميائية، التي طالما استخدمها الطاغية ضد المدنيين والعسكريين الايرانيين، وقد ابتلع "الغرب المتمدن" و "الشرق الذي كان يرفع راية نصرة الشعوب"، السنتهم وهم يشاهدون اجساد الالاف من الايرانيين التي اكلت الاسلحة الكيميائية اجسادهم، بينما كانت طائرات غربية تقوم بقصف ناقلات النفط الايرانية، وطائرات مدنية الايرانية، في الخليج الفارسي، انها كانت حربا استثنائية وغير متكافئة لم يشهد العالم لها مثيلا في تاريخه.

اسقاط الجمهورية الاسلامية، واعادة النظام الملكي، كان احد اهداف الحرب، لاعادة ايران الى دائرة الهيمنة الامريكية، ولكن هذا الهدف لم يكن الهدف الوحيد، وهناك هدف اخر للحرب، وهو تجزئة ايران، فقد كتب صدام رسالة إلى السفارة الأميركية في أبوظبي اقترح فيها على الأميركيين، أن تقسيم إيران إلى دويلات صغيرة هو أفضل طريقة للسيطرة على الثورة الإيرانية.

هناك هدف اخر في غاية الاهمية للعدوان الصدامي ضد الجمهورية الاسلامية، وهو خلق حالة من العداء بين الشعبين الشقيقين الايراني والعراقي، اللذان تربطهما اواصر تاريخية ودينية ضاربة في اعماق التاريخ، وهي اواصر اثبتت انها اقوى من كل مؤامرات الامريكيين والصهاينة والبعثيينن والحاقدين، ففور سقوط الطاغية، راى العالم اجمع كيف احتضن العراقيون اشقائهم الايرانيين في زيارة الاربعين، وكيف احتضن الايرانيون العراقيين في زيارتهم للعتبات المقدسة في ايران، وكيف وقفت ايران مع الشعب العراقي ضد التكفيريين، وقدمت خيرة ابنائها للحفالظ على المقدسات ووحدة الاراضي العراقية، وفي مقدمتهم القائد الشهيد قاسم سليماني.

بعد عقود من انتهاء الحرب التي فرضها الطاغية المجنون بدعم امريكي على ايران لتجزئتها، اصبحت ايران القوة الاقليمية العظمى، التي افشلت جميع مخططات امريكا والكيان الاسرائيلي، لتجزئة الدول العربية، ووقفت الى جانب حكومات وجيوش وشعوب هذه الدول، وحافظت على وحدة اراضيها وسيادتها، وقدمت من اجل ذلك العديد من الشهداء.

سعيد محمد