آمال اقتصادية لما بعد زيارة الرئيس السوري إلى الصين؟

آمال اقتصادية لما بعد زيارة الرئيس السوري  إلى الصين؟
الجمعة ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٣ - ٠٥:٥٨ بتوقيت غرينتش

توجّت زيارة الرئيس السوري ( بشار الأسد ) إلى الصين الصديقة بتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين (سورية والصين) خلال لقاء القمة بين السيدين الرئيسين الدكتور ( بشار الأسد) و( شين جين بينغ ) في الصين.

وكم نحن بأمس الحاجة إلى دراسة وتحليل التجربة الصينية الرائدة على مستوى العالم. وتتزاحم الأسئلة الاقتصادية حول الاسرار الكامنة وراء تطور الصين وناتجها الإجمالي الذي ارتفع من /1،3/ تريليون دولار سنة /2001 / سنة انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية WTO إلى أكثر من /18/ تريليون دولار سنة /2022، وتبوأ ت المركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الامريكية التي بلغت قيمة ناتجها حوالي /25/ تريليون دولار ، ولكن لو تمّ احتساب قيمة الناتج بمؤشر ( أسعار المستهلك الداخلية ) وهو المؤشر الأكثر دلالة وتعبيرا عن معدل النمو الاقتصادي فإن قيمة الناتج الصيني سيكون أكثر من قيمة الناتج الأمريكي ، ومن جهة أخرى تجاوزت قيمة الناتج الإجمالي الصيني قيمة الناتج الإجمالي للدول الست/ 6/ من مجموعة الدول السبع /7/ الصناعية أي كل دول المجموعة ماعدا أمريكا ، حيث كانت قيمة الناتج الإجمالي للدول الست الصناعية وبتريليونات الدولارات لسنة /2022/ وحسب تقرير صندوق النقد الدولي لسنة /2023 / حوالي / / 16،4/ تريليون دولار وهي وحسب التسلسل [اليابان / 4،3/ - ألمانيا /4،1/ - المملكة المتحدة /3،2/ - فرنسا /2،8/ - كندا /2،2/ إيطاليا/2/ ] ؟، كما بلغت صادرات الصين أكثر من /3،6/ تريليون دولار وزادت عن مستورداتها بمقدار /878/ مليار دولار لسنة /2022/ ؟، علما ان أغلب مستورداتها هي من الوقود الاحفوري ، وهنا لست بصدد دراسة المعجزة الصينية الاقتصادية ،وخاصة أن تجربتها الاقتصادية وبرنامج إصلاحها الإداري أعطى نتائج أكثر إيجابية مما كنا ندعوها ( النمور الاسيوية الأربع ) في القرن الماضي وهي [ كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ ] وكذلك النمور التسع في نهاية القرن الماضي بعد انضمام كل من [ ماليزيا وإندونيسيا والفلبين ] إلى النمور الأربع السابقة ، وبلغة الأرقام يتبين لنا وجود بصمة صينية اقتصادية على الاقتصاد العالمي، وهنا نرجو أن نستفيد من هذا بعد توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين بلدنا والصين ، وان نلتقط أطراف الفرصة المتاحة ، وبالتالي سيتركز السؤال الاقتصادي الأساسي حول من اين نبدأ؟، وهنا اقترح مايلي وبشكل يتناسب مع واقع الاقتصاد السوري الذي تراجع كثيرا بسبب الحرب الإرهابية والإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار مخالفين للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وتستمر القوى الشيطانية الاحتلالية في تمديد معاناة الشعب السوري وتراجع مستوى معيشته وزيادة الاختناقات الاقتصادية في اقتصادنا ، ولتجاوز هذه الحالات فإني أتقدم بالآمال الاقتصادية التالية لتنفيذ جوهر الاتفاقية الاستراتيجية وهي كما يلي :

1- الانطلاق من رؤية اقتصادية على مستوى ( الاقتصاد الكلي macroeconomic ) كما فعلت الصين ، وجوهرها الاعتماد على الذات وتحقيق الانسجام والتناغم بين ( الإدارة والإرادة ) والتوجه لزيادة سلسلة ( القيم المضافة )، وسبيلنا لذلك الاعتماد على موارد ارضنا وكفاءة استغلالها وتحقيق التشبيك بين طرفي قطاع الإنتاج ( الزراعة والصناعة ) من خلال الاستغلال الأمثل لما يدعى ( م7 أو M7 ) وهي [ الإدارة Management - المواد Material - المعامل manufactory - العمال men and women- الأسواق market- الأسلوب method- الأموال money] وأن تعمل هذه العناصر السبعة بشكل يضمن زيادة الكفاءة لكل منها ويتكامل مع العنصر الاخر وبما يضمن زيادة الكفاءة الاقتصادية.

2- تفعيل عمل (الاقتصاد الجزئي Microeconomics ) من وحدات اقتصادية في القطاعين العام ( الحكومي والخاص ) وتفعيل عمل ( مجلس الاعمال السوري الصيني ) سواء على مستوى المشاريع الكبيرة أو المتوسطة والصغيرة ، وهنا نشير إلى ان المشاريع المتوسطة والصغيرة تساهم بأكثر من /60%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الصيني وتخلق ملايين فرص العمل ، ولديها طريقة اقتصادية خاصة بها وهي ( طريقة النسخ Copy) أي استنساخ أي مشروع ناجح في منطقة ما إلى منطقة أخرى.

3- التنسيق على مستوى السياستين ( النقدية والمالية ) ولا سيما بعد ان وجه الرئيس الصيني باستيراد المنتجات الزراعية السورية ، والقطاع الزراعي هو عمود اقتصادنا والصادرات الزراعية السورية هي المكون الأكبر في الصادرات السورية ، وهذا يتطلب الإسراع في توسيع دائرة التعامل النقدي والمالي والتوجه للتعامل بالعملات المحلية ( الايوان والليرة ) واستحداث بنوك متخصصة بذلك ، وهذا ينسجم مع توجه الصين لتقليل الاعتماد على الدولار، وطبقت ذلك عمليا مع دولة ( البرازيل الصديقة ) خلال الشهر الماض أي ( تصفير التعامل بالدولار ) وكذلك مع ( روسيا وايران ) وغيرهما.

4- إن الخطوات الثلاث السابقة تتطلب تحديد وتجهيز الخرائط الاستثمارية لكل القطاعات من [زراعة و وصناعة وخدمات ] وان نبدأ من المشاريع الصينية التي توقفت بسبب الحرب أ من تاريخ 15/3/2011، وتحديد نسب الإنجاز والبدء باستكمالها ، ثم نضع خطط لمشاريع جديدة تتناسب مع مواردنا المتاحة لتحويل المزايا (النسبية المتاحة إلى مزايا تنافسية9 في السوقين الداخلية والخارجية ، وبما يضمن الربحية الوطنية والخاصة .

5- تعزيز التشاركية مع الشركات الصينية ( الحكومية والخاصة ) والاستفادة من النمط الاقتصادي الصيني ( اقتصاد السوق الاجتماعي الصيني ) والذي يعتمد على [ انطلاقة الأسواق وفعاليتها ودور الدولة ومقتضياتها ] ، أي أن الصين انطلقت من أن علم الاقتصاد هو علم (مهني وليس أيديولوجي) رغم أهمية الأيديولوجية ،ويمكن ان تبدا الخطوة الأولى من تقديم ( قرض ائتماني صيني ) يخصص لتغطية نفقات المشاريع الإنتاجية الاستثمارية التي سيتمّ تأسيسها اعتمادا على اتفاقية التعاون الاستراتيجية بالبدء بإقامة مناطق اقتصادية صينية سورية مشتركة على الأرض السورية .

6- الإسراع في تفعيل التوجه شرقا واتخاذ كل الإجراءات للانضمام الى التكتلات الدولية الشرقية من ( منظمة شنغهاي ومجموعة البر يكس والاتحاد الأوراسي ) والاعتماد على بنوكهم ومصارفهم لتأمين التمويل اللازم للمشاريع الاستثمارية وبشكل أساسي في قطاع البنية التحتية والزراعة والصناعة والنفط والغاز وبما يضمن مساهمة الصين في إعادة الاعمار والبناء السورية . وهذا يجب ان يترافق مع دراسة ( الجدوى الاقتصادية ) لأي مشروع وهذا جوهر عمل السياسة الاقتصادية الصينية والموجه الحقيقي لكل استثماراتها واساس انطلاقتها داخليا وخارجيا .

هذه بعض الآمال التي نرى انها تنطلق من واقع اقتصادنا المرهق من تداعيات الحرب والإرهاب ، وتحقق لنا الاستفادة العملية السريعة من العملاق الصيني ومن ألية الإصلاح الإدارية التي اعتمدها الاقتصاد الصيني وعلى مبدأ ( الحساب الاقتصادي أي التعبير العملي عن كل خطوة متخذة بالقيمة المضافة المحققة ) ، وهنا نشير إلى ان كل خطوة من الخطوات الست /6/ السابقة تتضمن الكثير من التفاصيل والتفرعات ....وللحديث بقية .

أ.د: حيان أحمد سلمان