وترى طهران أن الاحداث المفتعلة في سورية تتوخى عرقلة مسيرة الاصلاحات التي اعلنها الرئيس بشار الاسد , بهدف تحسين الاوضاع المعيشية والسياسية والاجتماعية في البلاد , باعتبارها حاجة مصيرية تعبر عن تطلعات شعبه الذي يرفض ويدين اساليب التخريب والعنف المسلح , والاستعانة بالدوائرالغربية و بعض الجهات الخارجية المغرضة للضغط على الدولة , ابتغاء تمرير اهداف مريضة ، طالما سعى الكيان الصهيوني المحتل ،لتحقيقها من اجل قصم ظهر المقاومة في المنطقة.
لقد رأينا كيف زجت اميركا وحلف الناتو بجيوشها وأسلحتها التدميرية في العالم الاسلامي , بدعوى نشر الديمقراطية و الحريات , وهي دعوى لا يمكن أن تصدقها الوقائع على الارض , بدليل ان التحالف الغربي لم يحرك ساكنا عندما أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على قطاع غزة و بعض الثكنات العسكرية المتواضعة في سيناء و ما نجم عنها من سقوط لعشرات الشهداء و الجرحى من الفلسطنيين و المصريين الابرياء. كما ان التحالف الاميركي- الاوروبي ،يحمل نظرة استكبارية استغلالية حاقدة ،لا يمكن ان تحترم تطلعات الامة العربية و الاسلامية ابدا , فضلا عن أن تأتي اليها بالخير و الامان و الاستقرار, لان ذلك يخالف جوهر استمرارية وجود الكيان الصهيوني، القائم على التناقضات و العداوات و النزاعات في الشرق الأوسط.
ولا يخفى ان القيادة السورية ،تتعامل بروح شفيفة و بناءة ،مع مطالب موضوعية و محقة لأطياف مختلفة من الشعب السوري الذي - بأكثريته - يتفهم الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ، لكنه في الوقت عينه يحب رئيسه ولايدخر وسعا لمساندته في تفعيل برامجه الإصلاحية ،كما و يرفض رفضا باتا ، تقطيع أوصال أرضه ودياره ، الى مراتع لجيوش حلف الناتو و إستخباراته , وأوكار للمافيا الدولية, و قاعدة للصهيونية العالمية, و بؤرة لانتشار التطرف الأعمى و التكفير الديني في المنطقة.
ومثل أي قائد اصلاحي حريص على كرامة شعبه , غيور على الوطن و استقلاله وسيادته , مصمم على تحديث البلاد للأخذ بها الى مراتب التقدم والرقي و الازدهار , يؤكد الرئيس السوري بشار الاسد على أنه لا رجعة عن مسيرة تحقيق التغييرات الجوهرية في جميع مرافق الحياة السياسية و المعيشية بالبلاد, مع الالتزام بالثوابت المصيرية لسورية والامة , و في مقدمتها دعم و حماية المقاومة المشروعة بوجه العربدة الصهيونية, وعدم التفريط بشبر واحد من الجولان المحتلة, أو بأي حق من الحقوق العربية و الاسلامية المغتصبة.
بيد أن دمشق تنبذ الخضوع لكل اشكال الابتزاز و الضغوط و السلوكيات الديماغوجية لبعض الاطراف الاقليمية التي ،وللاسف الشديد ، وضعت قيادها في خدمة التحالف الاميركي- الاوروبي- الاسرائيلي. وتقف في مقدمة هذه الاطراف تركيا وقطر و تيارالمستقبل في لبنان ، فيما تقودها المملكة العربية السعودية ، التي بدورها تشن حربا نفسية و اعلامية و سياسية , فيها كم هائل من التحريض على الاضطرابات و الفوضى و التخريب و إطلاق الفتاوى التي تبيح القتل والمجازر الدامية ، و تشجع على تسعير النعرات الطائفية و المذهبية ونشر الفتنة وتدميرمزارات اهل البيت النبوي الشريف (عليهم السلام ) و مراقد الصحابة و التابعين ( رض ) في سورية ،و ما يستتبع ذلك من سقوط ضحايا و ابرياء،الى جانب إشاعة أجواء القلق و المخاوف، واهتزاز الامن والامان في هذا البلد.
من جانبها تعتبر طهران أن هذه الممارسات ، لصيقة بأجندة الاستكبار العالمي , وهي تستهدف و منذ زمن طويل تحطيم الحلقة الأهم استراتيجيا ومعنويا في قلعة قوى المقاومة والممانعة في العالم الإسلامي, الأمرالذي تتصدى له الجمهورية الاسلامية بكل قوة و إصرار في ضوء ما جاء على لسان كبار المسؤولين الإيرانيين , باعتبار أن سورية بقيادة بشار الاسد , تمثل الجبهة الامامية لمكافحة العدو الصهيوني المجرم , وهي شوكة حادة في عيون المعسكر الغربي الامبريالي بزعامة اميركا واسرائيل اللتين منيتا بهزائم منكرة على ايدي المقاومة من أبطال حزب الله في لبنان والمقاومة الإسلامية الباسلة في فلسطين , و لذلك فهما حانقتان بشدة على دمشق لدورها الأساسي في هذا المضمار ،و قد استنفرتا قواها الشريرة لتقويض هذه القلعة الأبية من الداخل .
*حميد حلمي زادة