العالم – قضية اليوم
من الصعب جدا ان يتحمل الانسان السوي، المشاهد التي تناقلتها وسائل الاعلام للمجزرة، فهي فظيعة بكل ما للكلمة من معنى، والمرعب والمخيف، هو مشهد جثث الشهداء وخاصة الاطفال والنساء، المتناثرة في جوانب المستشفى، ولكن بلا رؤوس، ومصابون ينزفون حتى الموت، وكذلك مشهد المصابين الذين ينزفون دون ان يتلقوا اي علاج ، وعمليات جراحية كبرى تجرى خارج المستشفى في الطرقات والشوارع بدون تخدير.
عندما يبلغ عدد الشهداء 3200 شهيدا، خلال 11 يوما فقط، وعندما لا يتوقف القصف لحظة واحدة، على مساحة ضيقة من الارض محاصرة من اربع جهات ومن الجو، عندها سيكون الحديث عن تشييع الشهيد ودفنه في قبر خاص به، ليس في محله، وهذا الذي حدث، فقد بدأ اهالي غزة، في دفن شهدائهم في مقابر جماعية، دون ان يتمكنوا حتى من تشييعهم، وكيف يمكن ضمان الا يقصف الاحتلال الاسرائيلي المشيعين؟!، فعندما لا تتوانى قوات الاحتلال الاسرائيلي، لحظة واحدة عن استهداف المستشفيات، والطواقم الطبية وسيارات الاسعاف، وطواقم الدفاع المدني، التي مازالت تبحث عن اكثر من 1200 شخص ، مازالوا تحت انقاض منازلهم، دون ان تجد فرصة او امكانية لانقاذهم، فكل حديث عن خطوط حمراء انسانية او اخلاقية، يمكن ان تقف عندها "اسرائيل"، هو حديث لا معنى له.
المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في مستشفى المعمداني، مجزرة غير مسبوقة، فلم تشهد لها غزة ولا فلسطين مثيلا من قبل، نفذها الصهاينة، لتحقيق عدة اهداف، الاول، محاولة غسل عار الهزيمة الكبرى التي انزلتها المقاومة بـ"اسرائيل" وحماتها، والثاني، الابادة والتطهير العرقي، والثالث، وهو الاهم، زرع الرعب والخوف والهلع في قلوب الغزيين، ودفعهم لمغادرة غزة والانتقال الى سيناء كبلد بديل، كما فعلوا من قبل في دير ياسين وكفر قاسم.
اما الاسباب التي دفعت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى تنفيذ هذه المجزرة عديدة، الاول، هو خوف هذا القوات من تنفيذ تهديدات نتنياهو بالتوغل البري في غزة واحتلالها وتنفيذ هدف افراغ غزة من اهلها عبر الغزو، بعد التهديدات التي اطلقها محور المقاومة بالتدخل المباشر في الحرب في حال نفذ نتنياهو تهديده، والثاني، رفع عدد الشهداء الفلسطينيين، ليصل الى اضعاف قتلى الصهاينة في عملية "طوفان الاقصى"، قبل وقف اطلاق النار، تحت اي ظرف كان، وعندها سيكون لنتنياهو ما "يفتخر" به امام الصهاينة، والثالث اشباع غريزة القتل التي تعتبر ديدن الصهيونية.
ان تواجد كل هذه الاساطيل والجيوش الامريكية في المنطقة، والزيارات المكوكية للمسؤولين الامريكيين الى الكيان الاسرائيلي ودول المنطقة، وزيارة الرئيس الامريكي جو بايدن للكيان اليوم ، وتواجد جنرالات امريكا وعلى راسهم وزير الدفاع لويد اوستن في "اسرائيل"، كلها تؤكد ان امريكا هي التي تقود المعركة الان، بعد ان كشفت معركة "طوفان الاقصى" عن زيف "جيش اسرائيل الذي لا يقهر"، والذي ظهر امام العالم، انه "بطل" فقط على الاطفال والنساء، الذين تحولوا الى اهداف له، بدلا من مواجهة رجال المقاومة وجها لوجه، ولكن حتى امريكا بكل "جحافلها"، سوف لن تغير من الواقع شيئا، فلن تتمكن اي قوة في الارض ان تدخل غزة، ولن يتحقق اي من الاهداف التي وضعت للعدوان، وسوف يعود بايدن خالي الوفاض الى بلاده، وسوف يخسر نتنياهو منصبه وتسقط حكومته الارهابية العنصرية، والاهم من كل هذا وذاك، فان "اسرائيل" لن تعود الى ما كانت عليه قبل تاريخ 7 اكتوبر .