"طوفان الأقصى"..  يفضح "حيادية" الإعلام الغربي ونفاق الغربيين

السبت ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣ - ٠٣:٣٤ بتوقيت غرينتش

 "إن على الدول الغربية إذا كانت تريد إقناع بقية العالم بتصديق ما تقوله حول القيم وحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تحكم الصراع المسلح، عليها أن تطبق هذه المبادئ العالمية نفسها إزاء استهتار إسرائيل الوحشي بحياة المدنيين في غزة"، هذا الكلام الذي قاله قبل ايام، توم بورتيوس نائب مدير البرامج في منظمة هيومان رايتس، جاء ليؤكد حقيقة السقوط الاخلاقي للمسؤولين الغربيين والسقوط المهني للاعلام الغربي، في امتحان التعامل مع الفظائع التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي في غزة منذ 15 يوما.

العالم – قضية اليوم

هناك من حاول ان يحصر التعاطي الإعلامي الغربي المنحاز للسردية "الاسرائيلية" ازاء ما يجري في غزة، ببعض وسائل الإعلام الغربية، نافيا ان يكون الاعلام الغربي منحازا كليا وبشكل اعمى للرواية الاسرائيلية، مُجترّا مرة اخرى، ذات الصفات التي صدع بها رؤوسنا لعقود طويلة عن "حياد" و"مهنية" الاعلام الغربي، متجاهلا الفضائح التي يشهدها العالم على شاشات وصفحات وسائل الاعلام الغربية، والتي تؤكد وبشكل لا يقبل الشك، ان الانحياز الغربي للكيان الاسرائيلي، هو حالة عامة، ثبتها اعتقاد الغرب بأن "اليهودية" تنتمي الى الحضارة الغربية "المسيحية"، بالاضافة الى عنصرية الغرب ونظرته الاستعلائية الى العرب والمسلمين.

نحن هنا لا نتحدث بنفس طائفي، بل نصف حالة، فالعالم كله شاهد وسمع وزير خارجية امريكا انتوني بلينكن عندما زار الكيان الاسرائيلي قبل ايام، عندما قال إنه يقف إلى جانب "إسرائيل"، وإنه يزورها بصفته "يهوديا"، وتعهد بتوفير كل ما تحتاجه من أسلحة وأموال. وقبله قال رئيسه بايدن "اذا كنت يهوديا فسأكون صهيونيا", وقال ايضا: "إنه لو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها".

ان الترويج لاكاذيب مثل "ذبح" حماس لاطفال في المستوطنات الاسرائيلية والاعتداء على النساء، وقصف الجهاد الاسلامي لمستشفى المعمداني، وطرد الاعلاميين والصحفيين العاملين في وسائل اعلام غربية، لمجرد كلمة قالوها عن الظلم الذي تتعرض له غزة، وطرد رسامين كاريكاتير من صحف غربية عريقة، لمجرد رسوم انتقدوا فيها نتنياهو، وحجب و إزالة أعماله مغني راب فلسطيني لا يبلغ العمر سوى 15 عاما، من كافة المنصات الاجتماعية المختصة بالموسيقي في العالم، لمجرد انه عكس معاناة أطفال فلسطين بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مثل هذه الممارسات ليست شاذة، وليست تصرفات فردية لبعض مدراء وسائل الاعلام الغربية، بل هي تنفيذ عملي للسياسة الغربية المنحازة وبشكل اعمى للكيان الاسرائيلي.

المتابع للاجراءات التي اتخذتها الحكومات الغربية في التعامل مع المتظاهرين الذين خرجوا هذه الايام ، في مسيرات منددة بالفظائع التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد اهالي غزة المحاصرين، بدعم غربي فاضح، تؤكد هذه الحقيقة، حقيقة الانحياز الاعمى الغربي لـ"اسرائيل"، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اعلنت وزيرة الهجرة السويدية ماريا مالمر ستينيرغارد أن سلطات بلادها قد تلجأ إلى ترحيل الأشخاص المتعاطفين مع حركة حماس الفلسطينية من أراضيها.

وفي المانيا تم منع التظاهرات المؤيدة لفلسطين في العاصمة برلين، كما حظرت السلطات ارتداء الكوفية الفلسطينية في المدارس لأنها قد تعني تأييد المقاومة الفلسطينية، كما اعتدت قوات الشرطة الألمانية على ناشطين عرب وألمان في الشوارع بسبب هتافهم "فلسطين حرة".

وفي الغرب "الديمقراطي"!! ايضا، توعد وزير العدل الفرنسي المتضامنين مع الشعب الفلسطيني بالسجن 5 سنوات، كما رفضت السلطات الفرنسية منح التصاريح للمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية.

وفي إيطاليا أعلنت السلطات الايطالية، دعمها وتضامنها مع "إسرائيل"، فيما جندت جميع وسائل الاعلام الايطالية، من اليمن الى اليسار، امكانياتها لدعم "اسرائيل"، وحقها بالدفاع عن نفسها، ضد "الارهابيين الفلسطينيين"!.

عندما يتبني الاعلام الغربي والمسؤولين الغربيين كل الأخبار الواردة من الكيان الاسرائيلي دون استثناء، مثل خبر "قطع حماس رؤوس أطفال إسرائيليين"، والذي تحدث عنها الرئيس الامريكي بايدن، وتناقلته وسائل إعلامية غربية معروفة، وبقيت تكرره على انه حقيقة، رغم ان كذب الخبر سرعان ما انكشف، بعد ان تبين ان مصدره جندي اسمه ديفيد بن زيون، وهو من عتاة المستوطنين المؤيدين لقتل الفلسطينيين، تناقلته قناة "إسرائيلية"، وتبناه الاعلام الغربي دون تردد او تحفظ، عندها فقط سنتفهم لماذا يصاب الانسان الغربي، الواقع تحت هذا القصف الاعلامي المكثف والمتواصل، بحيرة ويعجز عن الاجابه على سؤال بسيط جدا وهو: كيف تدعم حق الشعب الأوكراني بالكامل في مقاومة "الاحتلال الروسي"، بينما ترفض مقاومة الفلسطينيين الاحتلال الإسرائيلي؟!.

يبدو ان هذه الحيرة لدى الانسان الغربي سوف لن تستمر طويلا، بفضل ملحمة "طوفان الاقصى"، وبفضل الدماء الطاهرة لـ4000 شهيد فلسطيني سقطوا في غزة، فاوراق التوت بدأت تتساقط من على "حيادية" الاعلام الغربي، والنفاق الغربي، امام الانسان الغربي، الذي بدأ يشكك بالرواية الاسرائيلية، وكذلك بمروجيها في الاعلام الغربي، وما المسيرات التي بدات تنطلق في العديد من المدن الاوروبية ، وحتى الامريكية، الا دليلا على قوة الحق الفلسطيني الذي سيفرض في الاخير نفسه على الجميع.