العالم – مقالات وتحليلات
أوامر اقتحام مستشفى الشفاء ، اتخذت في جلسة الكابينت الإسرائيلي امس الثلاثاء، والتي استمرت مدتها خمس ساعات، بعد ان تم قصف المستشفى اكثر من مرة، واستهداف القناصة، لكل شيء يتحرك داخله، ومحاصرته على مدى 6 ايام، في محاولة يائسة بائسة، لتسجيل نصر وهمي ولو على المرضى والجرحى، بعد ان عجزت قوات الاحتلال، وعلى مدى 40 يوما، عن تحقيق أي هدف عسكري في غزة ولو بسيط.
الفضيحة المدوية التي ستلاحق قوات الاحتلال الاسرائيلي، والادارة الامريكية، التي تروج وتدعم الروايات الاسرائيلية المزيفة حول ما يجري في غزة، وآخرها تبنّي البيت الأبيض لرواية الاحتلال باستخدام المقاومة لمجمع الشفاء كمقر عسكري، تتمثل في خلو المجمع من اي تواجد لعناصر حماس او غيرهم من فصائل المقاومة، فلم يكن هناك مسلح واحد داخل المستشفى، وبذلك انكشف امام العالم زيف الرواية الاسرائيلية، التي روج لها على 40 يوما، كما انكشفت اكاذيب الروايات الاخرى، مثل ذبح الاطفال واغتصاب الفتيات، وهي اكاذيب روجت لها امريكا ايضا، لتكون بذلك شريكة مباشرة في كل جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال، ضد الاطفال والنساء والمرضى والعجزة والاطباء والمسعفين .
بشاعة جريمة مجمع الشفاء في غزة، لا تتكشف ابعادها الا بعد مرور ايام، لانها جريمة استمرت على مدى ايام طويلة، فقوات الاحتلال الاسرائيلي، كانت قد روجت لرواية مفادها ان هناك مقاومين ورهائن محتجزين داخل المجمع، وسوقت محاولات اقتحامها للمجمع على انه سيمثل انتصارا لها، فقامت قبل اقتحامه بمحاصرته، على مدى ايام، ومنعت خروج ودخول اي شخص، وقطعت الاتصالات والوقود والكهرباء عن المجمع، ما أدى الى استشهاد العديد من مرضى العناية المركزة والأطفال الخدج، ومثلهم استشهد العديد من الجرحى الذين كانوا بحاجة الى عمليات مستعجلة، بالاضافة الى مقتل العديد من النازحين الى المستشفى بسبب عمليات القصف والقنص، وهو ما اضطر إدارة المستشفى أمس الثلاثاء الى دفن 100 جثة في باحة المستشفى بعد تحللها، حيث منع الاحتلال تجهيزها ودفنها وفق الإجراءات العادية، لذلك سيتفاجأ العالم في الايام المقبلة بحجم الكارثة الانسانية التي حصلت داخل المجمع الطبي خلال الايام الماضية.
من الواضح ان استهداف مجمع الشفاء، لم يكن هدفه البحث عن مقاومين او محتجزين، كما يدعي الكيان الاسرائيلي وامريكا، فهما يعلمان جيدا ان المقامة الاسلامية في غزة، ولم ولن تعرض المدنيين للخطر، عبر التواجد في المستشفيات او المدارس او الاماكن العامة، لانها بذلك ستلحق الضرر بحاضنتها الشعبية، وهي حاضنة تتشكل من عوائلهم واسرهم، وان الهدف الحقيقي من وراء كل هذه الجرائم البشعة التي فاقت كل خيال، هو خلق هوة بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، بعد ان عجزوا عن اقتلاع حماس او المقاومة من غزة. وكذلك للانتقام للهزيمة التي انزلتها حماس بالكيان الاسرائيلي، الذي كان ينظر اليه قبل 7 اكتوبر الماضي، على انه "رمز" لتسلط وهيمنة الغرب على الشرق الاوسط، فاذا بهذا "الرمز" ينهار في ساعات قليلة، لذلك تسابق الغرب عن بكرة ابيه، للوقوف مع "رمزهم" الذي اخذ يغرق، وهذا ما يفسر تجاهل الغرب بهذا الشكل غير المسبوق لشعاراته التي طالما رفعها وتغنى بها، عن حقوق الانسان، واحترام القانون الدولي، بينما صنيعتهم تنتهك حقوق الانسان بشكل سافر، ولا تعير اي اهمية للقانون الدولي، فالغرب يعلم جيدا، انه برحيل هذا الكيان المصطنع، عليه ايضا ان يرحل عن المنطقة، لذلك لم يعد الوقت وقت رفع شعارات مزيفة، عن الانسان وحقوقه، وهي شعارات احتل وحاصر الغرب، بسببها العديد من البلدان وجوّع الملايين من البشر، وهذا ما يجعل العالم اجمع مدين لغزة لانها كشفت حقيقة هذا الغرب المتوحش.