هل يتغلب صاروخ "فتاح 2" الإيراني على دفاعات كيان الاحتلال؟

هل يتغلب صاروخ
الجمعة ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣ - ٠٨:١٤ بتوقيت غرينتش

"بإمكانه التغلب على أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورا" .. هكذا وصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي صاروخ "فتاح"، بعدما أماط حرس الثورة الاسلامية اللثام عنه يونيو/حزيران الماضي في حفل عسكري مهيب بوصفه أول صاروخ باليستي فرط صوتي محلي الصنع.

العالم - إيران

وقد أكد قادة حرس الثورة الاسلامية حينها أن الصاروخ الجديد قادر على اختراق نظام الدفاع الجوي الصهيوني "القبة الحديدية"، وأنهم يعملون حاليا على زيادة مدى صواريخهم الفوق صوتية إلى 2000 كيلومتر، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضع الكيان في مرمى هذا النوع من الصواريخ الإيرانية .

واشارت وكالة "فارس" انه بهذا الكشف أصبحت إيران الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تمتلك هذه التقنية، والدولة الرابعة على مستوى العالم في قائمة الدول المصنعة للصواريخ "الفرط صوتية"، بعد روسيا والولايات المتحدة الأميركية والصين. لكن مسيرة طهران في هذا المضمار لم تقف عند هذا الحد، ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كشف حرس الثورة الاسلامية عن فئة جديدة من الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وهو "فتاح 2″، الأمر الذي مَثَّل تعزيزا محتملا للقدرات العسكرية الإيرانية أمام كيان الاحتلال في خضم العدوان الذي يشنه حاليا على قطاع غزة.

الأسلحة الفرط صوتية هو مصطلح يُطلق على الأسلحة التي تفوق سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت، أي تزيد على 5 ماخ أو أكثر، وتتميز تكنولوجيا الصواريخ فوق الصوتية كذلك بقدرتها على الانطلاق خارج الغلاف الجوي، ومن ثم تعود إليه مرة أخرى، وحينها تبدأ في المناورة والتحرك في جميع الاتجاهات لمراوغة دفاعات العدو، وهو ما يجعل أغلب هذه الصواريخ لا يمكن تعقبها .

تكمن الميزة الرئيسية في الصواريخ الفرط صوتية في عدم وجود أنظمة دفاع صاروخية بأي مكان في العالم متطورة كفاية لردع مثل هذه الأسلحة الفائقة، فأغلب أنظمة الدفاع الصاروخية مُصمَّمة لاعتراض الصواريخ الباليستية التقليدية، التي تتخذ مسارا قوسيا ثابتا نحو الهدف، وبالتالي يسهل عليها توقع مسار الصاروخ واعتراضه .

تُمثِّل السرعات العالية التي تفوق سرعة الصوت تحديا لأنظمة الدفاع التقليدية، التي تستغرق وقتا أطول لإطلاق أجهزة الإنذار وتفعيل أنظمة الصواريخ المضادة. ناهيك بقدرات الصواريخ الفوق صوتية على المناورة، فهي تغير مسارها باستمرار متحركة في جميع الاتجاهات، وكلما كان مسار طيران الصاروخ غير منتظم، كان اعتراضه من قِبَل الأنظمة المضادة للصواريخ أكثر صعوبة .

يُعد "فتاح 2" نسخة محدثة ومطورة من الصاروخ الفرط صوتي "فتاح 1" الذي كشف عنه حرس الثورة الاسلامية في يونيو/حزيران الماضي.

وقد أشارت وكالة "تسنيم" إلى أن "فتاح 2" تتراوح سرعته بين 5-20 ماخ، حسب التصميم ورأي الشركة المصممة، والماخ هي وحدة قياس سرعة الصوت، ويساوي ذلك بين 6 آلاف و24 ألف كم في الساعة. هذا وقد أشار خبراء عسكريون إلى أن "فتاح 2" سيكون مناسبا لضربة استباقية أكثر من "فتاح 1″، وذلك نظرا لقدرته على التحليق بارتفاعات منخفضة واتباع مسار لا يمكن التنبؤ به، مما يجعله قادرا على مواجهة أو تجاوز منتصف خط العدو .

يُثير سباق الأسلحة الفرط صوتية الكثير من الجدل في العالم اليوم، لأن اقتناءها يبدو أسهل بكثير من الدفاع ضدها مهما بلغ التفوق التقني للقوة المدافعة، وهو ما ينطبق على الاحتلال الإسرائيلي، بل وحتى الولايات المتحدة نفسها. بالنسبة إلى الكيان، هناك منظومتان أساسيتان للدفاع الجوي، الأولى هي "القبة الحديدية" والمصممة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، والثانية منظومة السهم "آرو-3" التي بدأ استخدامها في القواعد الجوية التابعة للكيان منذ عام 2017، وطُوِّرت بدعمٍ أميركي بالتعاون مع شركة "بوينغ" الأميركية.

صُمِّمت منظومة "آرو-3" خصوصا لمواجهة الصواريخ بعيدة المدى واعتراض الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي للأرض، وتحتوي على قاذفة صاروخية ورادار للتحكم في الإطلاق (FCR)، ونظام رادار الإنذار المبكر لتتبع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وبالتالي تُعد منظومة دفاع جوي قوية لمواجهة الصواريخ الباليستية التقليدية، لكن عند مواجهة الصواريخ الفرط صوتية، فالأمر يعتمد أكثر على سرعة الصاروخ ومدى قدرته على المناورة، مما يجعل هذه الصواريخ تهديدا حقيقيا.

ينطبق الأمر نفسه على منظومة "ثاد" الأميركية المصممة هي الأخرى لاعتراض الصواريخ الباليستية التقليدية قصيرة ومتوسطة المدى لكن ليس الصواريخ الفرط صوتية، وحتى الآن ما زالت الولايات المتحدة الأميركية عاجزة عن مواكبة التطور في هذا النوع من الأسلحة، وبحسب ما ذكره تقرير "وول ستريت جورنال" فأغلب المشاريع الأميركية القائمة للدفاع ضد الصواريخ الفرط صوتية إما قيد التطوير وإما تحت الاختبار، الأمر الذي استدعى من الجنرال غلين دي فانهيرك، قائد القيادة الشمالية الأميركية وقيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية (نوراد)، أن يصرح خلال شهادته أمام اللجنة الفرعية للقوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي أن الاهتمام الأساسي لخطة التمويل لعام 2024 ستركز على البحث والتطوير العسكري لمكافحة الأسلحة الفوق صوتية.

يؤكد الجنرال فانهيرك أن الخطر الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة الأميركية هو عدم قدرتها على التغيير بالوتيرة التي تتطلبها البيئة الاستراتيجية المتغيرة، مشيرا إلى أن مثل هذه القدرات للأسلحة الفوق صوتية، من القدرة العالية على المناورة ومسارات الطيران المنخفضة وغير المتوقعة، تصعب من مهام أنظمة الدفاع الجوي الأميركية وتحد من قدرتها على حماية الولايات المتحدة.