رغم القصف الإعلامي الغربي.. الإيرانيون على موعد مع ملحمة إنتخابية جديدة

رغم القصف الإعلامي الغربي.. الإيرانيون على موعد مع ملحمة إنتخابية جديدة
الأربعاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٤ - ٠٤:١٣ بتوقيت غرينتش

المتابع للتغطية الاعلامية الغربية، للانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في ايران، التي ستجري يوم الجمعة القادمة، يستشعر حتما حجم القصف الاعلامي المكثف، الذي يتعرض له المواطن الايراني، بهدف ثنيه عن المشاركة في الانتخابات، وتسويق كذبة حصول هوة بين النظام والشعب الايراني.

العالم مقالات وتحليلات

رهان الغرب على حملته الشرسة هذه، هو رهان خاسر، وسيكون مصيره كمصير باقي رهانات الغرب الاخرى على مدى اكثر من اربعة عقود، وسبب خسران الغرب المزمن مع ايران، ، يعود الى ثلاثة عوامل، الاول جهله وعدم معرفته بالشخصية الايرانية، والثاني، حقده الذي اعماه عن رؤية ما يجري في ايران على حقيقته، والثالث، اعتماده على تقارير، تزوده بها مجموعات ، تدعي انها معارضة ايرانية، الا انها منفصلة عن ايران وعن الشعب الايراني، وتكتب للغرب عن ايران ما يحب ان يسمعه ، لا كما هو واقع الحال فعلا.

الانتخابات التي ستشهدها ايران يوم الجمعة القادمة،1 مارس 2024 ،هي انتخابات الدورة الثانية عشرة لمجلس الشورى الإسلامي، والدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة، وهي او انتخابات تشهدها ايران، بعد اعمال الشغب التي شهدتها عام 2022 ، اثر وفاة الشابة الايرانية مهسا اميني، والتي شاركت في تأجيجها العشرات من اجهزة الاستخبارات التابعة لدول تناصب الجمهورية الاسلامية العداء، وفي مقدمتها امريكا وبريطانيا والكيان الاسرائيلي، والعديد من الدول الغربية وبعض الدول الاقليمية، فالغرب وعلى راسه امريكا، ينظر الى نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، كمؤشر على نجاحه او فشله، في خلق فجوة بين الشعب الايراني والنظام الاسلامي.

من المؤكد ان رهان الغرب على عدم مشاركة الشعب الايراني في انتخابات يوم الجمعة القادمة، سيكون رهانا خاسرا، كرهاناته الاخرى، فقد راهن الغرب، بعد احداث الشغب عام 2022، على عدم مشاركة الشعب الايراني في مسيرات يوم الثاني والعشرين من بهمن، يوم انتصار الثورة الاسلامية، وكذلك راهن على عدم مشاركة الشعب الايراني في مسيرات يوم القدس العالمي، في اخر جمعة من شهر رمضان المبارك، كما راهن على ابواقه ومنابره المسمومة، لخلق فتن طائفية وعرقية داخل ايران، خلال العامين الماضيين، الا انه تفاجأ بالمشاركة المليونية للشعب الايراني في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية، وفي مسيرات يوم القدس العالمي، ووأده بحكمة وتعقل للفتن الطائفية والعرقية.

عندما نؤكد على ان مصير الرهان الغربي هذه المرة، هو الخسران، فهذا التأكيد لم يأت من فراغ او عاطفة، بل من استقراء دقيق لما جرى ويجري في ايران منذ اكثر من اربعة عقود، فلا الحرب المفروضة، ولا الحصار الارهابي غير المسبوق الذي تفرضه امريكا على الشعب الايراني، ولا الفتن الطائفية والقومية التي تقف وراءها امريكا واذيالها في المنطقة، تمكنت من ان تخلق فجوة بين الشعب الايراني ونظامه الاسلامي، او تمنعه من التوجه الى صناديق الاقتراع لاختيار مسؤوليه، فبدلا من ان يزرع الغرب اليأس والاحباط في قلوب الايرانيين، فاذا بالايرانيين هم من يزرعون اليأس والاحباط ، في قلوب الامريكيين وكل الحاقدين على ايران.

كما في كل اربع سنوات، من المقرر ان يختار الشعب الايراني، يوم الجمع القادمة، 290 نائبا لمجلس الشور الاسلامي، من بين 15 الف مرشح. وكما في كل ثماني سنوات سيختار 88 نائبا لمجلس خبراء القيادة، من بين 144 مرشحا، يمثلون مختلف التوجهات السياسية الايرانية دون استثناء، فالانتخابات في ايران لم تكن يوما استعراضية او صورية، فهي باتت عنوانا لايران، ووفقا للدستور الايراني، هناك أربعة أنواع من الانتخابات تجري في ايران، وهي الانتخابات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، و تجري كل أربع سنوات، وانتخابات رئاسة الجمهورية، وتجري كل أربع سنوات، وانتخابات مجلس خبراء القيادة، الذي يتولى مهمة انتخاب قائد الثورة الاسلامية، وتجري كل ثماني سنوات، وهناك أيضاً انتخابات المجالس المحلية وهي تجري كل أربع سنوات، فليس هناك من مسؤول في ايران، يشغل منصبه دون تفويض من قبل الشعب، بدءا من رئيس بلدية ووزير ورئيس جمهورية وصولا الى قائد الثورة الاسلامية.

استطلاعات الراي التي تجريها المراكز والمنابر الاعلامية المعادية لايران، والتي تتحدث عن نسب مشاركة متدنية في الانتخابات القادمة، كذبتها استطلاعات الراي التي اجرتها منظمة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، والتي اظهرت نتائجها ان 41.5 في المائة من المستطلعة آراؤهم سيشاركون في الانتخابات، فيما قال 29.5 في المائة منهم إنهم لم يقرروا بعد، وأن 29 في المائة قالوا انهم لن يشاركوا .

يوم الجمعة القادمة سيكون العالم امام ملحمة جديدة، يصنعها الشعب الايراني، بصبره وفطنته وذكائه، تضاف الى عشرات الملاحم الاخرى، التي صنعها خلال العقود الاربع الماضية، كما سيكون الغرب على موعد مع خسارة جديدة، تضاف الى سجل خسائره، التي لا تنفك تتراكم، دون ان يتعض منها او يرتدع.