لماذا رمت واشنطن الكرة بملعب حماس؟

لماذا رمت واشنطن الكرة بملعب حماس؟
الخميس ٠٧ مارس ٢٠٢٤ - ١٠:٠٤ بتوقيت غرينتش

أسدل الستار على مفاوضات القاهرة بشأن غزة دون أن يسطع منها أي أفق لهدنة ينتظرها الكثير قبل أن يحط شهر رمضان المبارك رحاله في العالم الإسلامي، لتخرج واشنطن زاعمة أن الكرة الأن بملعب حماس متجاهلة كل خطوات نتنياهو من أجل سحق كل ما هو بصالح الشعب الفلسطيني مسلوب الأرض والأمان والسلام.

العالم - مقالات وتحليلات

خرجت واشنطن يوم الأربعاء بالقول إن الاتفاق من أجل وقف إطلاق النار في غزة أصبح جاهزا والامر يعود لموافقة حركة حماس، والاتفاق عبارة عن مشروع قرار معدل للمرة الثالثة يستوجب وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة لمدة 6 أسابيع إلى جانب إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، دون الحديث عن إعادة إعمار القطاع أوانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في القطاع، أو تحرير الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب حسب تقارير دولية.

وكانت وكالة رويترزأفادت بأن محادثات وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والوسطاء في القاهرة انهارت دون تحقيق أي تقدم، في وقت اعلنت فيه حماس تقديمها اقتراحا بشأن الهدنة للوسطاء وبانتظار الرد الاسرائيلي.

بدورها اكدت حماس حسب بيان صحفي اليوم الخميس مغادرة وفدها القاهرة للتشاور مع قيادة الحركة، مع استمرار المفاوضات والجهود لوقف العدوان وعودة النازحين وإدخال المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني حسب ما أعلنت الحركة في بيان صحفي.

السؤال الرئيسي الذي يطرح هنا لماذا رمت واشنطن الكرة في ملعب حماس؟

طلب حركة المقاومة الإسلامية حماس من أجل القبول بالهدنة كان واضحا وصريحا منذ بدء المفاوضات من باريس إلى القاهرة، وهو وقف اطلاق النار لمدة 135 يوما على ثلاث مراحل من 45 يوما متعهدة بإطلاق سراح 100 من الأسرى الأحياء ونحو 30 جثة، مقابل إطلاق كيان الاحتلال الإسرائيلي جزء من الثمانية آلاف أسير فلسطيني في سجونها وسحب جيشه من المناطق المأهولة في المرحلة الأولى من الهدنة، ثم الانسحاب الكامل من القطاع بأكمله في المرحلة الثالثة.

ولكن رئيس وزارء الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض منذ البداية هذا الطلب مهددا باجتياح رفح بعدما اجتاح جنوده مدينة غزة وخانيونس وعاثوا بها الدمار وارتكبوا أبشع المجازر بحق الإنسانية، كما رفض أي اتفاق لوقف اطلاق النار يجبر القوات "الإسرائيلية" على الانسحاب من غزة قبل أن يحقق هدفه الواهي بالقضاء على حماس.

نتنياهو لم يكتف بحمام الدم في غزة، لذا طرح خطة ما تسمى بـ"اليوم التالي" وهي جعل القطاع منطقة منزوعة السلاح والسيطرة على الحدود مع مصر، وتسليم إدارة القطاع لعناصر من العشائر، وإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ورفض الدولة الفلسطينية التي تحلم بها الدول العربية من أجل تحقيق سلام دائم مزعوم مع كيان الاحتلال.

كما قام كيان الاحتلال باعتقال ثلاثة عشر أسير محرر تم اطلاق سراحم في اتفاق إطلاق النار المؤقت، والخطوة التي أجهضت بصيص الأمل بإنشاء دولة فلسطينية يحلم بها العرب هي قانون المصادقة على بناء 3500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية يوم الأربعاء.

وبحسب هذه المعطيات فان كيان الاحتلال وعلى رأسه نتياهو يحاول بشتى الطرق من أجل إفشال أية مفاوضات من أجل وقف إطلاق النار في غزة وإسعاف القطاع التي بات يتضرع الجوع في ظل بنية تحتية و نظام صحي منهار، وذلك للمضي بخطته الممنهجة من أجل التطهير العرقي الفلسطيني واندثار كل ما هو فلسطيني ضاربا عرض الحائط كل المواثيق الدولية وحلم حلفائه العرب.

ويتجلي من كل هذا الجواب لسؤالنا.. وهو أن إدارة الرئيس الأميركي جوبايدن وبعدما تعرضت أميركا لانتقادات بشأن تسليحها كيان الاحتلال الإسرائيلي ومشاركتها في الإبادة الجماعية المستعرة في غزة، وهي على أبواب خوض انتخابات رئاسية شرسة، قامت بخطوتين وذلك من أجل كسب أصوات المسلمين والعرب في الولايات المتحدة وللحفاظ على مقاليد الحكم في البيت الأبيض، وكذلك من أجل أن تواري سوءتها، بعد رفض نتنياهو كل الحلول المطروحة لوقف اطلاق النار في غزة وللتنصل عن مسؤوليتها في قتل الفلسطينيين. والخطوتان المذكورتان تتمثلان في:
الأولى استعراض إعلامي خادع، حيث أنزلت مساعدات على القطاع لا تسد الجوع ولا تأمن من روع أطفال غزة، والثانية رمي الكرة في ملعب حماس لتزعم بان حماس كان السبب وراء عدم وقف إطلاق النار بغزة وليس تعنت كلبها المسعورنتنياهو.

*معصومة عبدالرحيم