العالم - ضيف وحوار
وإليكم نص حوار قناة العالم الإخبارية مع زينب إبراهيم عقيل إبنة الشهيد القائد إبراهيم عقيل:
حنان ضياء: أهلا بكم مشاهدينا الكرام في حلقة جديدة من برنامج "ضيف وحوار".. ضيفتنا لهذه الحلقة ضيفة استثنائية، من الصعب جدا أن أقدمها كضيفة وهي الصديقة التي عرفتها منذ سنوات.. ولكنني لم أعرف أن "زينب عقيل" الصديقة التي أعرفها والتي جمعتني فيها الكثير من الأيام والمناسبات هي نفسها "زينب إبراهيم عقيل" إبنة الشهيد الجهادي القائد الكبير إبراهيم عقيل.. أهلا وسهلا بك زينب.. من المستغرب فعلا أن أتفاجأ بأن ضيفتي إبنة الشهيد إبراهيم عقيل هي نفسها زينب عقيل التي عرفتها قبل ذلك ولم أكن أعرف أن والد هذه الصديقة هو عظيم كالقائد الشهيد إبراهيم عقيل.. لم نعرف هؤلاء الأشخاص نحن كجمهور المقاومة وبيئة المقاومة لم نعرف هؤلاء الأشخاص ولا أبنائهم أو ذويهم إلا بعد أن يستشهدوا.. سأسأل زينب من هو إبراهيم عقيل؟
زينب عقيل: أهلا وسهلا شكرا لك على هذه المقدمة.. والدي الشهيد إبراهيم عقيل كان طفلا تربى ونشأ في بيئة مختلطة في منطقة بيروت في كورنيش المزرعة، لكن كان لديه الكثير من الأسئلة حول وضع البيئة، وخاصة حول وضع الشيعة في لبنان، في هذه الفترة كان عمره 12 سنة تقريبا حصل على كتب الشهيد محمد باقر الصدر، وكان متأثرا كثيرا بمحاضرات وفكر السيدموسى الصدر، وكان يتردد كثيرا إلى مسجد العامية، وكان يتردد إلى مساجد السنة أيضا، لأنه كان يشعر بأن لديه الكثير من الأسئلة، يحتاج إلى أن يتم الجواب عليها، من هذه الأسئلة أنه ما هو الطريق؟ أو كيف يمكن أن نقوم بتغيير المجتمع؟ أو كيف يمكن أن نقوم بتغيير هذا الواقع للحصول على واقع أفضل؟ طبعا نحن هنا نتحدث قبل اجتياح إسرائيل عام 1982 يعني تقريبا في عمر 16 سنة كان مهجوسا بهذه الأسئلة، كان يحب كثيرا أن يقرأ في العرفان والفلسفة، كان يذهب إلى المسجد، وهو أخبرنا بهذه، كنا نسأله بابا من علمك الفلسفة؟ الفلسفة والعرفان بحاجة إلى أستاذ، معروف في فكرنا وفي فقهنا أن العرفان يحتاج إلى أستاذ، "من علمك هذا الشيء؟ من علمك الفلسفة؟" فقال المسجد، كان يذهب إلى المسجد ويقرأ الكتب الفلسفية في المسجد، وكان يقول إن كل الأسئلة التي تناقش بها بعد فترة مع العرفانيين أو كان مهتما جدا بلقاء العرفانيين خاصة في إيران.. سألوه أنك كيف حصلت على هذا الجواب؟ فقال الله كان يلهمني والمسجد كان يلهمني، وكان يردد هذه الفكرة، لما لدور المسجد من أهمية محورية في حياة والدي على هذا المستوى، كان متأثرا جدا بالإسلام الحركي وبفكر السيدمحمدباقر الصدر، كان منخرطا بالعمل الكشفي الإسلامي، كان صغيرا جدا لم يبلغ 19 عاما عندما قاموا هو ومجموعة من أصدقائه بإنشاء حركة صغيرة.. ربما هم كانوا 5 أو 10 أشخاص.. سموها "الجهاد الإسلامي"، كانوا يريدون ويحاولون أن يقوموا بتغيير أو بالتبليغ للمجتمع، لكي يحاولوا أن يغيروا، خاصة واقع الشيعة في تلك الفترة كان صعبا جدا في ظل الحرب الأهلية وفي ظل التهجير.
حنان ضياء: إتخذ لنفسه طريقا باكرا للجهاد والمقاومة منذ نعومة أظافره، وهو بهذه المقاومة كان لديه بصمات كثيرة.. كما كانت أمامه إتهامات كثيرة بسبب مسيرته الجهادية.. ماذا يعني أن تكوني إبنة قائد جهادي كبير.. قائد جهادي ربما لا يتسنى له الوقت ليمنح أبنائه كما بقية الناس كل الوقت والاهتمام والتربية وسواها؟
زينب عقيل: نعم والدي بدأ بالعمل الجهادي تقريبا بعمر 19 سنة عندما دخلت إسرائيل إلى لبنان، ووصلت إلى بيروت، كان عمره 19 سنة، وكان مرتبطا بوالدتي، أنا البنت الكبرى لديه.. يعني بعمر 20 عاما كان لديه أول ابنة.. يمكن أن نقول بأنه أنا عاشرت 40 سنة من مراحل حزب الله، في أول فترة في البدايات لم يكن كثير الحضور بسبب انشغالاته على الجبهة في الدورات وفي التدريبات، ولكن كنت دائما أقول له.. يعني أتذكر مرة كان عمري 11 سنة.. تعرفين يبدأ يتشكل الوعي خاصة لدى الفتيات.. هو كان يقول لي اعتبريني صديقك.. مع أنه هو ما كان عنده وقت أنه يكون صديقي، يعني كان يستشرف حتى بالتفاصيل، أنه إذا قلبك دق أو أحداً أحب التعرف عليك، )حنان: كان قريبا جدا( یمکنك أن تعتبريني صديقك، فأنا كنت أنتظر مثلا أوقات 10 أيام أو 20 يوما )حنان: حتى تتحدثي معه قليلا( نعم، مرة قلت له أنه بابا أنا أشعر أنك لو أنا غلطت أنك تراني، هو كان يقول إن هذه هي الرقابة الذاتية التي أنت تشعرين بها.. يعني بالنهاية هو الذي علمني الرقابة أمام الله سبحانه وتعالى.. فأنا أشعر لربما لا أريد أن أغلط أو لا أريد أن أعمل هذا الشيء الغلط.. أنا أتحدث عن عمر المراهقة وبداية عملية المراهقة.. لا أريد أن أعمل هذا الشيء الغلط.. لكي لا أخذله. هو علمني أن أعمل هكذا.. لكن لم يكن كما سائر الآباء موجوداً كل يوم، واستطيع أن أحضنه كل يوم، ولم تكن هذه الأحاديث بيننا كل يوم.. ولكن كم كان هو حاضراً، لا أعرف السر بالضبط.
حنان ضياء: كيف كانت تدخل في إهتمامكم هذه القضية؟.. قضية الوطن وقضية الجهاد وقضية الدفاع عن الأرض.. هل كان من خلالها يفسر غيابه وانشغاله الدائم عنكم؟
زينب عقيل: أنا سوف ألخص لك الفكرة التي بدأ بها في العمل الجهادي والإسلامي.. كما سأشرح لك قصة صارت مع الشيخ بهجت، كان يحب أن يكون مبلغا وأن يكون مصلحا في المجتمع، هو عندما سأل سؤال كيف يمكن أن نغير المجتمع؟ جاوب بجوابه الخاص.. هو اكتشف الجواب بعدها، "الحل هو بذوبان الأنا في النحن".. يعني ذوبان الفرد في المجتمع.. الوالد ربانا على هذه الشخصية، أنه لازم يكون المجتمع لي أهم من الفرد، يعني مثلا لما أنا دائما أفكر "بابا أنت إلى أين رايح؟" أنا رايح إلى الإسلام.. هذا كان الجواب، لم يقل رايح إلى الشغل أو غيره، بل يقول أنا رياح إلى الإسلام، ويقول هذا العمل هكذا.. وانتبهوا إلى هكذا.. فنحن منذ أن كنا صغارا تربينا على أن المسؤولية الاجتماعية أهم من الشخص، ولما هو يكون غايب أنا عارفة أنه هو يخدم هذا المجتمع، فهذا الشعور يحسسني أنه أنا أيضاً لازم أكون بدوري شخص رسالي همه الأسمى أن يكون يخدم هذا المجتمع.
حنان ضياء: هل هذا يخفف من وطأة شهادته أو يخفف من وطأة غيابه وفقدانه بشكل نهائي، لأن يكون بدل القائد إبراهيم عقيل.. الشهيد إبراهيم عقيل بالنسبة لك كابنة إنسانيا وعقائديا كيف تشعرين؟
زينب عقيل: كان يربط لنا العرفان والتوحيد الإلهي والحب الإلهي، وكيف يجب أن نتعامل في المجتمع وفي العسكر وفي السياسة، وكيف نجب أن نفكر.. كان لديه قدرة عجيبة على ربط كل هذه الأمور بالله سبحانه وتعالى أو بالفناء في الله سبحانه وتعالى، كان لديه إطمئنان عجيب.. ربما عندما تكبر الفتاة وتتزوج وتصبح لديها انشغالات قد يمر أسبوع أو أسبوعين ولا تتمكن من رؤية والدها.. ولكن ربما كنا نشعر في هذا اليوم بحالة عجيبة من الإطمئنان، كانت لديه القدرة على أن يمسح على قلوبنا مهما كانت مشاكلنا، وهو لديه تسع بنات، بالإضافة إلى كل همومه ومشاكله، تعرفين أن تسع بنات تضل دائما عندهن مشاكل، وهو كان قادر حتى أن يلحق على كل هذه الأشياء.
حنان ضياء: بطبيعة الحال.. كيف تلقيت زينب خبر استشهاد الشهيد عقيل؟
زينب عقيل: في الفترة الاخيرة وبعد بدء عمليات طوفان الأقصى حيث كان يسقط الشهداء شهيدا وراء شهيد .. في هذه الفترة كنت أرى كل ما يسقط شهيد.. كل ما يصير شيء على الجبهة.. صوته كان وكأنه مكسور، صوته حين نحكي معه أنه يحاول أن يسألك سؤال.. لكن هو ليس مرتاحا.. هو تعبان.. كثير تعبان.. بعد ما استشهد الحاج محسن.. أنا أول مرة بحياتي كنت أراه هكذا.. أنا كنت أعرف كم هو تعبان، أعرف أنه لا ينام، أقصى ما ينام هو ثلاث ساعات، حتى آخر شي جهازه العصبي بطل يستجيب أصلا للنوم، يعني أحسست أنه كيف یمکن أن يرتاح، خاصة بعد ما استشهد الحاج محسن كيف يمكن له أن يرتاح؟ فلما صار الاستهداف وسمعنا صوت الصاروخ.. مباشرة أنا أحسست شيئا بقلبي.. مباشرة قلت الآن قد أرتاح، هو كان يبكي كان يسجد.. كان يسجد ويبكي وكنت أراه كيف كان يسجد ويبكي ويقول يا رب لماذا بعد ما استشهدت؟ هو كان يؤمن أنه كل مرحلة لها رجالها، هو لم يكن يريد أن يستشهد لكي يرتاح من المسئولية أو يرتاح من المهام الملقاة عليه.. أصلا هو كان هو كل عمله وكل جهده )حنان: كان يطلب هذه الشهادة كان يتمنى هذه الشهادة؟) نعم كان يتمنى هذه الشهادة، طبعا لأنها خاتمة وتتويج لكل إنجازاته، يعني لا يمكن أن يتوقع.. شخص مثل والدي ليست هناك دقيقة واحدة فيه ليست لله، علاقات اجتماعية ما كانت عنده، بس علاقته بأولاده، وكان يقول لنا أن أحلى وقت عندي و وقت الترفيه بالنسبة له لما يجتمع فينا بالدرس الأسبوعي.
حنان ضياء: زينب الجانب الإنساني لا نستطيع أن.. مهما كانت القضية مهمة ومعاني الشهادة كبيرة.. لا نستطيع أن نغفل هذا الجانب الإنساني.. نحن بشر.. نحزن، بطبيعة الحال على فقدان أي عزيز أو حبيب، وهذا أيضا ما تنقليه لنا من حالة الشهيد عندما كان يرتقي كل شهيد من المقاومة في هذا المسير.. رغم هذا الحزن الذي كان يلم به بعد استشهاد السيد محسن هل كان متشائما من المسار؟ متشائما من أن هذا الخط سينتهي بالانتصار؟
زينب عقيل: يمكن أن يكون والدي هو مصداق الآية "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا" كان ونلاحظ الآن من الفيديوهات التي تنتشر على مواقع التواصل لوالدي ربما كان يستشرف أن معركتنا مع العدو هي معركة غير متكافئة أصلا وهي معركة بتسجيل النقاط، أنه يمكن أن تكون لدينا خسارة في مكان.. لكن هذا لا يعني أننا لن نسحقهم، كان هو يؤمن جدا بأنه طالما نحن نعمل بالتكليف الإلهي وأننا نشخص المصلحة ونفعل ما يجب أن نفعله.. فإننا بالنهاية سنحصل على الانتصار، ولا مرة كان متشائما.. ولما أنا قلت له أنه بابا لما تستشهد.. أنه إن شاء الله يختملك بالشهادة بعد ما تخلص كل الانجازات وغيرها.. ولكن بهذه المرحلة إذا استشهدت ماذا علينا أن نعمل؟ خاصة آخر فترة لما كان يكثر الحديث أنهم كلهم سوف يستشهدوا خاصة بعد ما استشهد الحاج محسن.. قال إن المسيرة لا تقف على أشخاص، و رب العالمين موجود.. يعني أنا شعرت حالي مثل أنني قمت بنوع من الشرك إذا أنا قلت أنه إذا استشهد نحن ماذا سنعمل.. هو الذي خلقه وهو الذي خلقني، يعني هذه إرادة )حنان: الله يتولى هذه المسيرة( نعم الله يتولى هذه المسيرة.
حنان ضياء: زينب كيف كانت علاقة الشهيد إبراهيم عقيل بسماحة السيدالشهيد السيدحسن نصرالله؟
زينب عقيل: كانت علاقة مميزة جدا.. كان يناديه "مولانا" دائما، يعني ما يقبل يناديه بالسيد أو سماحة السيد، حتى نحن مثلا تربينا أن اسمه الأمين العام.. كلما يذكر سيرته يقول الأمين العام، حتى أننا كلما نحكي أمام أحد نقول الأمين العام، بناء على تعبيره، فلماذا تقولوا "الأمين العام" أنه صار مصطلحا قديما؟ لكن الأمين العام هي كلمة تعبر عن ولاية هذا الشخص علينا، تدل كم نحن واثقين بهذه الشخصية وبقراراتها، دائما كان يشدد على ذلك، وفيديوهات كثيرة الآن انتشرت أيضا على مواقع التواصل لما كان يحكي ويربط السياسة بالتوحيد وبالعسكر وبالتكليف، وآخر شي هو أنه يرجع ويتوج كل كلامه برأي الأمين العام أو قرار أو إرادة أو ماذا يريد أو تشخيص الأمين العام -إذا صح التعبير، كانت هناك علاقة مميزة جدا بينهما، واضحة في الفيديوهات التي شفناها لاحقا، والطريقة التي كان يسلم فيها عليه، حتى أنه لما استشهد الوالد طلب الأمين العام الخاتم الذي كان بابا لابسه، لما استشهد أبي أخذه لكي يظل عنده، يومين أو ثلاثة واستشهد وكان الخاتم معه، كما هناك قصة ثانية صار شيء بين الوالد والسيد، عندما استشهد الحاج محسن وكان يحكي السيد عن إنجازات الحاج محسن وقال إن هناك إنجازات كثيرة نحن ما سنقدر نحكيها الان، فمن هذا الباب أنا كنت أسأل طيب إنه أنتم هذه إنجازاتكم كلها التي عملتوها التي ما تقدرون ولم يتم الحديث عنها.. كيف يعني غدا يمكن أن تظهر ومتى ممكن تتسجل ويعرف العالم إنه أنتم بماذا ضحيتم وما الذي عملتم، يعني المشهد العام للتكتيكات العالم لم يراه، أو ممكن يستخف بتفاصيل بطولات عملتوها العالم لم يطلع عليها، فيقوم يقول لي أنا طلبت من الأمين العام أنني إن استشهدت أصلاً لا يحكي عني وعن إنجازاتي، وصيتي له كانت لا أن يتم رداً بقصف صواريخ أو قصف إسرائيل، وصيتي هي أن تتم إضافة 200 مجاهد إلى قوة الرضوان، يعني أنت بدلا من أن تقصف العدو لمرة واحدة وتؤذي العدو مرة واحدة.. أنت الآن عندك 200 شخص من أبناء الحاج عبد القادر، من تلاميذه، يتشربوا فكره ويحاربوك على فترة طويلة من الزمن.
حنان ضياء: ماذا كانت تعني له قوة الرضوان؟ وما دوره بتأسيسها؟ وما الأهداف التي عمل لأجلها؟
زينب عقيل: عندما أسس والدي قوة الرضوان كان لديه هدف (حنان: هو من أسس هذه القوة؟) نعم الوالد هو من أسس قوة الرضوان بعد استشهاد الحاج عماد مغنية، الله يقدس روحهم جميعا، كان الهدف من تأسيس هذه القوة هو تشكيل نواة، يعني نحن باعتقادنا أن هناك معركة حق وباطل في آخر الزمان، ويجب أن يكون لها قوة عسكرية، كانت قناعته أن هذه القوة العسكرية هي النواة لمعركة بين الحق والباطل، هناك ناس تعتبرها الإمام المهدي.. هناك ناس تعتبرها بعد الإمام المهدي.. لكن الواضح أن هناك معركة حق و باطل، وهذه القوات ستكون امتداداً لها بهذه المعركة، ومن أجل أن يقدر من صنع هذا الشخص الذي يقدر أن يعمل شيئاً من لا شيء.. تعرفين أننا نحكي عن أميركا وعن إسرائيل وعن الناتو وعن الغرب كله.. (حنان: عدو مستكبر) عدو ليس مستكبر فقط.. بل متفوق تكنولوجيا متفوق بالنظريات العسكرية متفوق بكل شيء.. وأنت تؤسس مقابل هؤلاء.. ذات مرة التقيت بعميد بالجيش اللبناني.. كنت أعمل معه مقابلة.. وقال لي "أتعرفي ما هي عظمة أبيك؟" قلت له ما هي؟ قال لي إن أبيك أسس شيئا لا يرتكز على مدارس فكرية.. مثلا نحن نذهب إلى كليات حربية ونتعلم.. على أساس.. (حنان: خارج الصندوق؟) خارج الصندوق.. أعظم القادة على الأرض هم القادة الذين يقدروا يعملوا شيئاً من لا شيء، أبي كان يحاول أن قوة الرضوان كلها تكون تفكر بهذه الطريقة، وكان يعتقد بأنه أنت من أجل أن تهيىء هذا الفرد العسكري بهذا النفسية وبهذه الروحية وبهذه الظروف التي نحن عايشين فيها (حنان: وأن يعرف تكليفه بنفسه دون أن..) يجب أن يكون هذا الشخص لديه شخصية رسالية توحيدية مطمئنة.. لما تكوني مطمئنة سوف لن يحدث فيه هلع بحالة الشدة أو بحالة الصدمة وفي حال قام العدو بضربة هنا أو ضربة هناك، لأن الشخص لما يهلع يروح لردة فعل أو تقدير موقف خاطىء أو لتقدير استراتيجي خاطئ، فإنت لما دائما يكون عندك الاطمئنان سيكون عندك تقدير موقف أفضل وتقدير موقف صحيح، بالإضافة للإمداد الإلهي للأشخاص الذين يكون عندهم علاقة مباشرة مع الله سبحانه وتعالى، فأبداً ما كان يفصل موضوع العسكري أو النصر العسكري عن موضوع العلاقة بالله سبحانه وتعالى، لأنه بكل الأحوال الهدف أو الفكرة من علاقة الفرد بالله سبحانه وتعالى هي هذه الشخصية (حنان: والرسالة) نعم هي هذه الشخصية الرسالية التي أنت سوف تنفذيها على أرض الواقع، وكان دائما يقول طالما نحن على نهج أهل البيت.. ليس لأجلهم وحسب.. طبعاً هم أشخاص مقدسين بالنسبة لنا.. بل لنهجهم.. لأننا ماشين على نهجهم..
حنان ضياء: لنسير على نفس النهج، زينب اليوم نحن في مرحلة بالغة الخطورة في حرب شرسة وحشية تمارس على لبنان.. ونحن الآن في هذه اللحظات التي نسجل هذه الحلقة توجد غارات على بيروت.. غارات عنيفة فعلا تضرب وتقصف العاصمة بيروت والكثير من المدن والقرى في الجنوب وفي البقاع.. معركة بغاية الشراسة.. هذا ناهيك عن المقاومين في الميدان الذين يخوضون بطولات في منع العدو من التقدم باتجاه احتلال أراضينا.. ماذا تقولين اليوم؟ ماذا يحضر في بالك من رسائل الشهيد للمجاهدين في الميدان؟
زينب عقيل: المجاهدون في الميدان مثل ما قال السيدحسن حين استشهد الحاج عماد "لقد ترك لكم الحاج عماد عشرات الآلاف من المجاهدين" يمكن القول العدو بأن كل فرد بقوة الرضوان هو الآن موجود في الميدان، هو إبراهيم عقيل، يحمل إبراهيم عقيل داخله، يحمل كل فكره، يعني إذا كان هناك أحد يقول بعض الكلام بسبب استشهاد إبراهيم عقيل لكن الآن امتلأ و رجع بهذا الثأر وبهذا العنفوان وبهذه الجرأة لمواجهة العدو.
حنان ضياء: العدو قال بأنه قضى على قوة الرضوان بالقضاء على رأسها وهو استشهاد الشهيد إبراهيم عقيل.. ماذا تقولين للعدو بهذا الاعتقاد؟
زينب عقيل: تعودنا على العدو منذ أربعين عاما حتى الآن بأنه يعرف ولكنه لا يفهم، هو ربما لديه تفوق استخباري يتمكن من معرفة الكثير من الأشياء.. ويتفوق بالتكنولوجيا علينا.. لكنه لا يفهم هذه البيئة ولا يفهم قوة الحق، الاستعمار عبر التاريخ كان يقوم على البلطجة على السكان الأصليين، وهم مستمرون في هذا النهج، طلعت لهم مجموعة لديها ثقافة مختلفة.. هذه الثقافة تمكنت أن تكون أهم من كل تكنولوجياتهم ومن كل تفوقهم في هذه المرحلة، العدو يعرف كيف يبدأ الحرب ولكنه لا يعرف كيف ينهيها، والعدو يعرف كيف يبدأ أو كيف يقوم بالاعتداء ولكنه لا يعرف كيف ستنتهي ردود الفعل على هذا الاعتداء.
حنان ضياء: زينب ما هي القيمة الأسمى التي تركها -بجملة واحدة- الشهيد داخل زينب عقيل وداخل بناته التسعة؟
زينب عقيل: القيمة الأسمى هي أن نذوب في المجتمع، أن المجتمع أهم، يعني أنا عندما أريد أن أفعل أي شيء.. أناظر بماذا سأفيد المجتمع والثقافة والبيئة؟ يرجح البيئة ويرجح الناس الآخرين على نفسه، هذا هو المعيار الأساسي، وهذا هو طريق الأقرب للوصول ولمعرفة الله سبحانه وتعالى.. وهو ذوبان الفرد في الجماعة.
حنان ضياء: شكرا جزيلا زينب عقيل.. الرحمة للشهيد إبراهيم عقيل، لكل الشهداء على طريق القدس وطبعا على رأسهم سماحة الأمين العام الشهيدالسيدحسن نصرالله، الذي فدى نفسه فداء للقدس وعلى طريق القدس، شكرا جزيلا لك على هذا الوقت، وطبعا قلوبنا معك ومع أبناء كل الشهداء لأن نكرر ونقول بأننا نحن بشر.. نحن نحزن لفقدانهم، ولكن نعي أهمية وجودهم وأهمية هذا الفكر الباقي بيننا.. شكرا جزيلا لك.