العالم – الخبر وإعرابه
-حددت ايران تسعة مبادىء يستند اليها المفاوض الايراني للتوصل إلى اتفاق شامل، وهي : الجدية، وتقديم الضمانات، ورفع العقوبات، ورفض نموذج ليبيا / امارات، وتجنب التهديدات، والسرعة في التفاوض، وكبح مثيري الاضطرابات مثل الكيان الاسرائلي، وتسهيل الاستثمار. وهي مبادىء تشير الى ان ايران تسعى الى التوصل لإتفاق متوازن، وليس في قاموسها ان ترضخ لاي ضغوط او مطالب غير معقولة.
-عندما حددت ايران هذه المبادىء على لسان مستشار قائد الثورة الإسلامية، علي شمخاني اخذت بالاعتبار التجربة المرة والقاسية مع الطرف الامريكي، ونكثه للعهود والمواثيق، واخرها الاتفاق النووي لعام 2015، وكذلك جاءت هذا المبادىء ردا على اللغة غير الدبلوماسية التي يستخدمها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، كالتهديد وفرض مواعيد، هذا بالاضافة الى عدم وجود رؤية واضحة للجانب الامريكي للمفاوضات، وهي رؤية تزداد تعقيدا بسبب التصريحات المتناقضة لمسؤولي ادارة ترامب ومنهم وويتكوف نفسه.
-هذه المبادىء الايرانية تهدف الى التوصل الى اتفاق متوازن يحفط لايران حقها في تخصيب اليورانيوم، ويرفع عنها الحظر الظالم، في مقابل تقديمها كل ما يلزم لاثبات سلمية برنامجها النووي وعدم سعيها لامتلاك سلاح نووي، وهي مبادىء تاخذ بنظر الاعتبار التهديدات الامريكية والدور السلبي والمخرب للكيان الاسرائيلي، وترصدها بدقة متناهية، الا انها لا تخضع لتأثيراتها، فايران تعلم ايضا ان هذه التهديدات بشن هجوم على ايران، او تسريب اخبار عن موعد محدد كان الكيان الاسرائيلي ينوى مهاجمة المنشآت النووية الايرانية، الا ان ترامب طلب منه التمهل لمنح الدبلوماسية فرصة!. او اللقاءات التي اجراها ويتكوف في باريس قبل قدومه الى روما ، مع وزير الشؤون الاستراتيجية في الكيان الاسرائيلي، رون ديرمر، ورئيس جهاز الموساد دافيد برنياع ليست سوى حرب نفسية.
-التصريحات التي ادلى بها وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي بعد انتهاء المفاوضات غير المباشرة في روما والتي استغرقت 4 ساعات، وحديثه عن أنها جرت في أجواء بناءة واستشرافية والتوصل إلى تفاهم أفضل بشأن عدد من المبادئ والأهداف، وتاكيده على انه تم الاتفاق على استمرار المفاوضات يوةم السبت القادم ، على ان تسبقها اجتماعات الخبراء، التي ستنطلق اعتبارا من يوم الاربعاء القادم ، كل ذلك يؤكد على ان المفاوضات تم حصرها في المجال النووي حصرا.
-ولم ينس عراقجي، ان يسد الطريق امام كل الذين يحاولون ايجاد عقبات امام المفاوضات عبر الاصطياد في الماء العكر والتشويش بشتى الطرق، عندما اشار الى ان الافتراضات والتفسيرات الشخصية ذات الأهداف المختلفة موجودة دائما في أي مفاوضات وقال: لا أؤكد أيا من هذه التكهنات، وعندما تنتهي المفاوضات فإن النتائج ستظهر نفسها. مذكرا ان المفاوضات هي إحدى مهام وزارة الخارجية، وانها تواصل عملها بعناية، فلا يوجد سبب للتفاؤل أو التشاؤم المفرط، وآمل أن نكون في وضع أفضل الأسبوع المقبل بعد الاجتماعات الفنية.
-من كل ما تقدم، يتبين ان الرؤية العقلية والمنطقية التي دخلت بها ايران المفاوضات غير المباشرة، هي السائدة على اجواء المفاوضات ، ولم تتاثر المفاوضات بالتالي بالضجيج الاعلامي الصهيوني، وبعض الاصوات النشاز في منطقتنا، ولا حتى بالتهديدات والعنتريات الامريكية الاسرائيلية، فالهدف الايراني واضح وصريح وشفاف، ايران مستعدة بشتى الطرق اثبات سلمية برنامجها النووي وعدم سعيها لامتلاك سلاح نووي، في مقابل اتفاق يضمن حقها بالتخصيب، وتتعهد امريكا بالالتزام به، وترفع بموجبه الحظر الظالم المفروض على الشعب الايراني، وحتى ذلك الحين يبقى الحذر هو سيد الموقف.