العالم _ سوريا
ويعود تدهور خدمات المشافي العامة إلى عدة عوامل، أبرزها النقص الحاد في الكوادر الطبية المؤهلة، بسبب الهجرة أو الاستنزاف، إلى جانب اعتماد بعض المشافي على طلاب وخريجين جدد من الكليات الطبية، يفتقرون إلى الخبرة الكافية في التعامل مع الحالات الحرجة. كما يعمل العديد من الأطباء والمختصين في أكثر من جهة، بين مشافٍ عامة وخاصة وعيادات خاصة، ما ينعكس سلباً على جودة الخدمات ويؤدي في بعض الحالات إلى إهمال قد يهدد حياة المرضى.
وتفاقم الوضع مع توقف الدعم المقدم من المنظمات الدولية والمحلية، ما أدى إلى تردي البنية التحتية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب اضطرار بعض الكوادر الطبية للعمل بشكل تطوعي أو بأجور رمزية، وهو ما ينعكس على أدائهم وعلى الخدمات المقدمة.
يقول (أبو محمد)، أحد سكان مدينة إدلب، لنشطاء المرصد السوري:
“الخدمات في المشافي العامة لا ترقى لكلمة خدمة. ذهبت بابني المصاب بارتفاع حرارة شديد إلى المشفى العام، لكن لم يكن هناك طبيب أطفال متواجد. اضطررنا للانتظار أكثر من ساعتين قبل أن نُنقل إلى مشفى خاص. دفعنا مبلغاً كبيراً، لكن ما باليد حيلة.”
ومن جانبه، يتابع (ع.إ)، نازح يقيم في أحد مخيمات شمال إدلب قائلا:
“في المشفى العام لا توجد أدوية، حتى المسكنات الأساسية يُطلب منا شراؤها من الصيدليات. كيف لنا أن نتحمل هذه النفقات ونحن بالكاد نؤمن قوت يومنا؟ أما الأطباء في العيادات الخاصة فلا يهمهم سوى رفع أجور الكشفية بشكل دائم.”
ورغم أن المشافي العامة يجب أن تكون الخيار الأول للفئات محدودة الدخل، فإن سوء التنظيم، وطول فترات الانتظار، وغياب التخصصات الدقيقة، يدفع الكثيرين إلى التوجه نحو المشافي الخاصة، التي تقدم خدمات أسرع وأكثر تنظيماً، وإن كانت بتكاليف باهظة تثقل كاهل معظم العائلات، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وقد دفع تدهور الخدمات الصحية بعض الأهالي إلى استثمار مشافٍ خاصة واستقدام أطباء مختصين، في محاولة لسد الفجوة المتزايدة في الرعاية الصحية.
ويأمل الأهالي بتحسن الأوضاع الصحية، ورفع جودة الخدمات المقدمة، في ظل غياب أي تدخل فعّال من قبل الجهات الصحية والمنظمات الدولية، الأمر الذي يجعل الحصول على حق العلاج أمراً بالغ الصعوبة، ويزيد من الأعباء الاقتصادية على السكان وسط أوضاع معيشية متدهورة.