وكشفت عدة مؤسسات فلسطينية وحقوقية أن فيديو جيش الاحتلال الذي حاول نفي مسؤوليته عن المجزرة وتحميلها للمسلحين المحليين كان مفبركا ومضللا، حيث أظهرت التحقيقات أن قوات الاحتلال وفّرت الحماية لعصابات نهب مرتبطة بمرتزقة أمريكيين مدعومة منها، أطلقت النار على المدنيين الذين حاولوا استعادة المساعدات المسروقة، في ظل مراقبة طائرات إسرائيلية مسيرة.
وأكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، أن الفيديو الذي نشره المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي لنفي مسؤولية الاحتلال عن مذبحة المدنيين المجوعين قرب نقطة توزيع المساعدات الأمريكية في رفح، تحوّل إلى فضيحة بعد كشف تفاصيل جديدة.
وقال عبده إن الفيديو الذي بثه الاحتلال يخص عملية سرقة نفذتها عصابة مدعومة من "إسرائيل" في مدينة خانيونس، حيث قامت بسرقة 7 شاحنات دقيق، وليس في رفح كما زعمت "إسرائيل".
وأشار إلى أن مدنيين حاولوا استعادة بعض المساعدات المسروقة، فأطلقت العصابة التي تعمل تحت مراقبة طائرة إسرائيلية مسيرة النار تجاههم، مؤكدا أن "أي شخص حاول أخذ كيس دقيق دون دفع 100 شيكل (حوالي 30 دولارا) أُطلق عليه النار أو تم الاعتداء عليه".
وشدد عبده على أن كل هذه الأحداث وقعت تحت مراقبة الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي لم تتدخل لمنع الاعتداءات، مؤكداً أن اللقطات الجوية التي بثها الاحتلال كانت محاولة للتنصل من المسؤولية عن "مجزرة ويتكوف"، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن جريمة أخرى تتعلق بحماية عصابات النهب ورعايتها.
وفي السياق ذاته، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين إن تقارير البرنامج حول الحادثة تتفق مع الرواية التي قدمتها السلطات المحلية في غزة عن سقوط قتلى قرب مركز توزيع المساعدات.
VS
بدوره، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الفيديو الإسرائيلي المصوّر في شرق خان يونس وليس غرب رفح، وأن الرواية التي تحدثت عن إطلاق نار من مسلحين محليين "كذبة صريحة" تتناقض مع شهادات الناجين والوقائع على الأرض، مؤكدا أن الاحتلال هو المسؤول الأول عن عرقلة دخول المساعدات وفرض قيود مشددة على القطاع.
كما نفى المكتب مزاعم الاحتلال حول منع حركة حماس وصول المساعدات إلى السكان، مؤكدا أن الاحتلال هو المسؤول الأول عن عرقلة دخول المساعدات وفرض قيود مشددة على تدفقها إلى قطاع غزة.
ومن جهته، رأى الكاتب عبد الله عقرباوي أن تسمية المجزرة بـ"ويتكوف" تعبر عن مسؤولية المبعوث الأمريكي الذي يدعم نتنياهو ويغذي حملة التجويع والإبادة ضد غزة، معتبرا أن استخدام المساعدات الإنسانية كأداة للابتزاز السياسي يمثل شكلا من أشكال الإرهاب.
ودعا في تعليق له عبر منصة "إكس" إلى اعتبار المجزرة شرارة لغضب شعبي مصري يطالب بفتح معبر رفح فورا.
أيضا، حملت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن المجزرة، معتبرة إياها جريمة إبادة جماعية بتواطؤ دولي، وشددت على أن ما يُسمى "الممرات الآمنة" تحولت إلى ساحات إعدام تستدرج فيها الحشود الجائعة ليُقتلوا بدم بارد مطالبة بتدخل دولي وعربي عاجل لوقف هذه المذبحة المستمرة، وفرض آليات محاسبة صارمة على الاحتلال، إلى جانب كسر الحصار فورا، وإعادة توزيع المساعدات عبر المؤسسات الدولية المعتمدة وعلى رأسها الأونروا.
وفي سياق متصل، حذر ماجد أبو سلامة، رئيس تحالف محامين من أجل فلسطين في سويسرا (ASAP)، من الأهداف الأمنية المشبوهة للشركة الأمريكية التي تشرف على توزيع المساعدات في غزة، والتي تعتمد على توظيف عناصر أمن واستخبارات من الجيش الأمريكي لجمع بيانات حول السكان عبر الطائرات المسيرة، بهدف التحكم والسيطرة الأمنية المشددة على القطاع.
وأردف الكاتب وسام عفيفة، بأن مجزرة مراكز الموت الامريكية، في رفح و نيتساريم التي أودت بحياة 32 شهيدا وجرحت العشرات، ليست حدثا منفصلا، بل نتيجة مباشرة لسياسة “هندسة الإبادة ” بغطاء انساني التي تتبناها واشنطن وتُنفذها تل أبيب.
وأوضح عفيفة عبر حسابه على فيسبوك أن مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، لم يأتِ لفرض وقف إطلاق نار بقدر ما جاء لإخضاع الفلسطينيين لصيغة تخدم أمن الاحتلال.
وأشار إلى أن تجاهله التام للجريمة، وموقفه الأخير المنحاز في مقترح التهدئة، يكشف أن الدور الأميركي لم يعد وسيطا، بل أصبح جزءا من المعركة.
وتستمر قوات الاحتلال في استهداف المدنيين في نقاط التوزيع التي أُنشئت في مناطق خطرة بقطاع غزة، ما يزيد من أعداد الشهداء والجرحى وسط استمرار الحصار وعرقلة وصول المساعدات.