شمال شرق سوريا، المنطقة الاستراتيجية التي لطالما شكلت مفترق طرق استراتيجيا للأحداث، تشهد اليوم حالة غير مسبوقة من التوتر السياسي والعسكري، والمخاوف تتزايد من اندلاع مواجهة شاملة بين أطراف محلية وإقليمية.
ووسط هذه الأجواء المتوترة، ظهرت مقترحات دولية لإعادة ترتيب النفوذ في المنطقة، ما جعل الملف الكردي محور اهتمام إقليمي ودولي، حيث كشفت تسريبات حديثة، عن خطة أميركية تقترح إعادة دير الزور إلى سلطة الحكومة السورية المؤقتة، مقابل اعتراف دمشق بالسيطرة الكردية على الحسكة والرقة وسائر مناطق الشمال الشرقي الخاضعة لهيمنة الوحدات الكردية.
لكن في مقابل هذه الخطة تشدد تركيا على ضرورة إنهاء الوجود العسكري الكردي في شمال سوريا. وتشير إلى استعدادها للتحرك العسكري بالتنسيق مع دمشق إذا لم تسلم الوحدات الكردية أسلحتها، في خطوة تعكس حساسية الوضع الإقليمي وتعقيد الملف الكردي.
ميدانياً، شهدت مناطق في ريفي دير الزور والرقة تجدد الاشتباكات بين 'قسد' والقوات العشائرية المدعومة من دمشق، تخللتها مداهمات واسعة واعتقالات استهدفت عشرات المدنيين، كما تم استهداف قيادي في استخبارات 'قسد' بطائرة مسيّرة في مدينة الطبقة. هذه التحركات ترافقت مع انتشار تعزيزات عسكرية على طول نهر الفرات وريف الحسكة، وسط مخاوف من اتساع نطاق المواجهات إلى مناطق أخرى في شمال شرق سوريا.
وفي ظل هذه التوترات، تتزايد المخاوف من أن يؤدي التصعيد إلى مواجهة أوسع تشمل تدخلا تركيا أو إسرائيليا، ما يهدد استقرار المنطقة ويزيد من تعقيد الوضع.
ويبقى الملف الكردي في سوريا أحد أكثر الملفات حساسية واستراتيجية، ويطرح عددا من السيناريوهات المحتملة لمستقبله، من مواجهات شاملة إلى تقاسم النفوذ والسيطرة.