وفي سياق إعلان كتائب القسام عن تنفيذ عملية نوعية استهدفت موقعًا للعدو جنوب شرق خان يونس، والرسائل الميدانية التي أرادت المقاومة توجيهها من خلال هذا الاستهداف، أكّد الباحث السياسي زاهر أبو حمدة أن أهمية العملية لا تكمن في توقيتها بقدر ما تكمن في مكانها؛ إذ جرت في منطقة تقع بين خان يونس ورفح، أي شمال رفح وجنوب خان يونس. وهذه المنطقة تُعد موقعًا خلفيًا لقوات الاحتلال، ما يعني أن المقاومين تسللوا عبر فتحة نفق، ثم اقتحموا موقعًا حساسًا لقوات الاحتلال، واشتبكوا معه من مسافة صفر، قبل أن يفجّر أحد المقاومين نفسه في قوة الإنقاذ.
ولفت أبو حمدة إلى أن الأهم من ذلك هو وجود قرار لدى القسام بضرورة أسر جنود، وهو قرار ليس جديدًا، بل قائم منذ نحو شهر ونصف تقريبًا، منذ بدء عملية "أسيف هحرب"، التي ردّت عليها المقاومة بعمليات "حجارة داوود". هذه العمليات كانت دقيقة جدًا، إذ لو رُسم خط بياني للعمليات منذ عام حتى الآن لَظهر بوضوح وجود اقتصاد في الذخيرة والعمليات، مع التركيز على ضرب أهداف نوعية وكبيرة، لا مجرد خطوط إمداد أو نقاط توغّل.
وأضاف أن هذه العملية يمكن وصفها بأنها "ميني 7 أكتوبر"، ولكن داخل الأراضي الفلسطينية في غزة. فقيام المقاومة، وكتائب القسام تحديدًا، بمثل هذه العملية تحت القصف والاحتلال، يشكّل استهدافًا عميقًا يعكس مستوى عالٍ من الكفاءة.
شاهد أيضا.. احتلال غزة.. السيناريوهات والتحديات
وفيما إذا كان ذلك يمثل عودة لضرب المنظومة العسكرية لهيبة جيش الاحتلال البري، أوضح أبو حمدة أن الدبابات من طراز ميركافا والعربات المدرعة مثل "النمر" سبق أن استهدفتها المقاومة. إلا أن الفارق الآن هو استهداف موقع مستحدث للاحتلال، ما يعني أن لدى المقاومة جهاز استخبارات فاعلًا يقوم بالرصد والمتابعة الدقيقة، رغم حالة التأهب والاستنفار الإسرائيلي. وهذا يدل على أن المقاومة تعرف متى وأين تضرب. ولو لم يكن هناك تدخل لسلاح الجو الإسرائيلي، لكانت العملية أوسع بكثير. فقد نفّذت مجموعة صغيرة من القسام – يتحدث الإسرائيليون عن عشرة إلى عشرين مقاوماً، بينما يعتقد أبو حمدة أن العدد أقل – الهجوم، وتمكنت من الاشتباك مع قوات الاحتلال من مسافة صفر.
وبشأن كيفية تعامل حكومة نتنياهو مع هذا الاستهداف والاشتباك المباشر، وما إذا كان ذلك سيسرّع من تنفيذ خطة احتلال غزة، أشار أبو حمدة إلى أن مشروع اقتحام غزة والبقاء فيها حقيقي وقائم، وإن لم ينفّذ الآن فسينفذ لاحقًا، لأنه مرتبط بمشروع التهجير. فالاحتلال يسعى إلى تهجير أهالي غزة، من خلال حصارهم ودفعهم إلى الشريط الساحلي، ثم إجبار ما بين 800 ألف إلى مليون فلسطيني على الانتقال جنوبًا نحو ما يسمى "المدينة الإنسانية" في رفح. وهذا هو الهدف البعيد المدى.
أما بشأن توقيت تنفيذ نتنياهو لهذه الخطة، فرأى أبو حمدة أنه لن يكون في القريب العاجل، وإن كان الاحتمال الأقرب أن يبدأ التنفيذ مطلع سبتمبر، أي بعد أيام قليلة.
كما ألقى البرنامج الضوء على الخلافات المحتدمة اليوم بين حكومة نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هليفي حول خطة قطاع غزة، والأزمة التي نشأت بين هليفي ووزير الحرب يسرائيل كاتس جراء تعيينات الضباط، والتي كانت محل اهتمام الإعلام الإسرائيلي كما تحدثت عنها المعلقة العسكرية كارين كوهين.
ضيف البرنامج:
- الباحث السياسي الأستاذ زاهر أبو حمدة
التفاصيل في الفيديو المرفق ...