يوسف مرشود اسم ما زال عالقًا بين الموت والحياة في مخيم الفارعة جنوب طوباس. قبل أشهر، أطلق جنود الاحتلال النار عليه ثم احتجزوه بعيدًا عن عائلته ليتركوهم يواجهون الغياب بصدور مثقلة بالأسئلة.
غاب يوسف وانقطعت أخباره، قبل أن يفاجئهم مؤخرًا خبر قلب الصمت إلى عاصفة. يوسف قد يكون حيًا، ومحامي أظهر لأسرته أوراقًا تقول إن الجثمان لم يعد جثماناً.
وقالت قريبة يوسف، بعد 47 يومًا، جاءني اتصال من جهة إسرائيلية أنه أسير وليس شهيدًا، وانه مصاب في مستشفى رمبام، فلترسلوا محاميًا، هذا الاتصال، حتی وان كان كاذبًا، فإنه بث فينا أملاً. المحامي قال لنا مرة انه لاتوجد أخبار عنه، ومرة قال لنا انهم نقلوه من مستشفی الی مستشفی ونحن بقينا علی أمل إن شاء الله.
وأمل يوسف لم يبق حكاية لعائلته وحدها، بل صارت مرآة تنعكس في بيوت أخرى فقدت أبناءها بالطريقة نفسها. خمس سنوات مرت وما زالت أم بلال رواجبة تعيش الغياب ذاته، تقف أمام صور ابنها المعلقة، تتفقد ملابسه التي ما زالت على حالها كأنها تنتظر أن يفتح الباب ويعود. ومع كل خبر عن محتجز قد يكون حيًا، تزداد شرارة في قلبها لعل ابنها ما زال بينهم.
وقالت ام بلال لم يبلغنا أي أحد شيئاً عن ابني ولم نتلقی أي خبر عنه، لا نعرف هل استشهد، کل من يستشهد ابنها ولاتعلم باستشهاده، تکون علی أمل ان يکون ابنها علی قيد الحياة. سمعنا أخبار جديدة عن الذين استشهدوا في سالم، وهذا أعطاني أملاً.
ملفات مجهولة، ثلاجات الموتى وما يعرف بمقابر الأرقام؛ كل هذه الممارسات صممت لتبقي الحقيقة مخفية، وليجعل من انتظار العائلات عذابًا طويلًا، وفقًا لإحصائيات حديثة، هناك 665 جثماناً محتجزاً لدی الاحتلال الاسرائيلي بمصير مجهول، مما يجعل الانتظار والمعاناة مضاعفين.
يبقى ملف المفقودين عنوانًا لسياسة يصر الاحتلال عبرها على تغييب الحقائق وترك العائلات الفلسطينية عالقة بين ألم الفقدان وأمل الحياة.