في قلب الضفة الغربية وعلى سفوح التلال المتنازع عليها، ينشط وجه جديد من الاستيطان الإسرائيلي، استيطان ناعم لا يحمل البنادق ولا تحيطه الكتل الخرسانية، لكنه يتسع بهدوء وثبات، تقوده مجموعة تعرف باسم فتيات التلال. يخترن العيش في خيام بدائية تحت غطاء ديني واجتماعي، فيما يواصلن الهدف ذاته تثبيت الوجود الإسرائيلي وابتلاع الأرض الفلسطينية.
وقال المحلل السياسي والمحاضر في جامعة النجاج، عبدالرحيم الشوکي:"هي محاكاة حقيقية لشبان التلال بممارسات وأهداف وايديولوجية، وهو تعبير حقيقي لفهمهم للتعاليم التلمودية والتوراتية بضرورة إقامة وفرض السيادة على الضفة الغربية، وبالتالي إقامة الدولة اليهودية، يهودا والسامرة والخليل ونابلس وللأسف هؤلاء اليوم يتسيدون النشاط السياسي في إسرائيل من خلال الكنيسة ومن خلال الحكومة. عندهم، رموز کحزب المفدال وعندهم رموز شخصية کبن غفير واسموتريتش".
تستخدم فتيات التلال منصات التواصل الاجتماعي للترويج لمشاريعهن، فينشرون مقاطع وصوراً تظهر حياة بسيطة لتصوير الاستيطان كأنه عودة طبيعية إلى الأرض. لكن خلف هذه الصورة تقف عقلية أيديولوجية متجذرة تؤمن بأن الضفة الغربية وما وراءها جزء من أرض إسرائيل الكبرى، حق إلهي غير قابل للتفاوض.
هذا الإيمان يمنحهن دفاعاً لمواصلة التوسع.
وقالت ولاء فطاير وهي صانعة محتوی للحياة الفلسطينية:"الاستيطان الناعم کما نری انه ينتشر في الاونة الاخيرة بشکل مكثف، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي للمستوطنات اللاتي يكن موجودات في الجبال، يعيشون حياة بدائية في خيمة بسيطة ليحاولون تغيير الصورة النمطية المأخوذة عن المستوطنين، دائماً موجودين في أماكن تواجد الفلسطينيين بشكل مباشر، يمارسون أشياءاً نعملها نحن الفلسطينيون، يمارسون حياتنا وينسبوها لهم، انهم سرقوا كل شيء، وحالياً يسرقون أسلوب حياتنا أيضاً".
تمضي حكومة الاحتلال في توفير غطاء سياسياً وتشريعات قانونية لشرعنة هذه البؤر وتحويلها من تجمعات صغيرة إلى مستوطنات، وبهذا يتحول الاستيطان الناعم إلى أداة خطيرة لأنه يظهر الاحتلال بملامح اجتماعية وحياة ريفية بريئة، بينما جوهره الحقيقي هو التوسع والتهويد وتغيير ملامح الضفة الغربية إلى الأبد.