يستعد العراق لخوض الانتخابات البرلمانية السادسة منذ عام 2003، وسط أجواء سياسية مليئة بالحراك والتغيير، حيث يشهد الإطار التنسيقي نشاطاً لرسم ملامح ما بعد الاستحقاق المقبل. في المقابل، يبرز غياب التيار الصدري عن المشاركة، ما يترك فراغاً سياسياً ملحوظاً ويستشرف مرحلة مختلفة، ويطرح تساؤلات حول كيفية إعادة صياغة التوازنات داخل المشهد السياسي العراقي.ومع هذه التطورات، تبقى النتائج رهينة ما ستفرزه صناديق الاقتراع. وأكد النائبان في البرلمان العراقي، مهدية اللامي ومعين الكاظمي، أن الانتخابات ستُجرى في موعدها 11/11/2025 رغم التحديات الأمنية والسياسية، مشيرين إلى أن غياب التيار الصدري يشكل خسارة للمكون الشيعي لكنه لن يعيق تشكيل الحكومة المقبلة. كما شددا على الالتزام بالديمقراطية، مشاركة جميع الأطراف، وتجنب الطائفية في الحملات الانتخابية، مؤكدين على دور الفصائل المسلحة ضمن القانون في الحفاظ على أمن واستقرار العراق.
في حوار أجرته قناة "العالم" ضمن برنامج "ضيف وحوار" مع السيدة مهدية اللامي، النائبة في البرلمان العراقي عن تحالف العقد الوطني، والسيد معين الكاظمي، النائب في البرلمان العراقي عن كتلة بدر، تم طرح الأسئلة التالية على الضيفين:
الإنتخابات المقبلة واستعداد العراق وأهمية الانتخابات في النظام الديمقراطي
العالم: فيما يتعلق باستعداد العراق لخوض انتخابات برلمانية جديدة هي السادسة منذ عام 2003، وسط أجواء سياسية مليئة بالحراك والتغيير حيث يشهد الإطار التنسيقي حراكاً لرسم ملامح ما بعد الاستحقاق المقبل، وفي المقابل يبرز غياب التيار الصدري عن المشاركة ما يترك فراغاً سياسياً ملحوظاً اليوم نحن على أعتاب استحقاق انتخابي، هذا الاستحقاق في ظل ظروف حساسة ودقيقة تمر بها المنطقة والعراق. كيف يمكن النظر إلى هذه الانتخابات التي تأتي في ظل هذه الظروف؟
النائبة مهدية اللامي: أود أن أشير إلى نقطة بسيطة في أدبيات الديمقراطية، ليس في العراق فحسب، بل في كل الأنظمة الديمقراطية، حيث تُعد الانتخابات ركيزة أساسية من ركائز النظام والعملية الديمقراطية. وما دام نظامنا ديمقراطيًا، فلا خيار أمامنا سوى التغيير والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات. منوهة أنه وضمن السياقات الدستورية والقانونية المعمول بها لدينا، ستُجرى الانتخابات في نهاية عام 2025، وبالتالي يصبح من الضروري لكل من يهمه أمر الانتخابات أن يكون مستعدًا تمامًا لخوض هذه العملية الديمقراطية.
وتابعت : في ظل الظروف والمعطيات الراهنة، سواء داخل المنطقة أو مع الخارج ودول الجوار، نواجه تحديات قد تكون أمنية أو سياسية أو اقتصادية. ومع ذلك، فإن هذه المعطيات لا تمنع إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، إلا إذا طرأت - لا سمح الله - أحداث استثنائية تؤثر على الوضع الأمني وتعيق سلامة العملية الانتخابية.
موعد الانتخابات واستعداد المفوضية
العالم إلى النائب معين الكاظمي: هل من الممكن عدم إجراء الانتخابات بسبب ظروف أمنية؟
النائب معين الكاظمي: الانتخابات موعدها 11/11/2025، والاستعدادات جارية من جميع المكونات والكتل السياسية على قدم وساق. المفوضية مستعدة وجميع إجراءاتها جاهزة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر. بطاقات الناخبين بدأت بتوزيعها من خلال مراكز التسجيل، وجميع الأمور مهيأة لإجراء الانتخابات، فلا يوجد مبرر لتأجيلها ، خصوصاً أن الدستور أعطى مدة أربع سنوات كدورة تشريعية لمجلس النواب، وهذا يختلف عن مجالس المحافظات التي يمكن تمديدها إلى سبع أو ثمان سنوات. هذه هي الدورة الثالثة لمجالس المحافظات، لكن في مجلس النواب لا يمكن تمديد الفترة من الناحية الدستورية.
وتابع: أعتقد أن الوضع الأمني في العراق الآن متميز عن الفترة السابقة. الوضع في بغداد ومحيطها والمناطق المتوترة أفضل بكثير من السابق.

شاهد أيضا.. طالباني: العراق في مرمی النيران الاسرائيلية
التهديدات الخارجية والضربة الإسرائيلية
العالم : هناك تخوف من ضربة إسرائيلية مرتقبة على العراق. هل هذا أمر حقيقي أم مجرد زوبعة إعلامية؟ وإذا حدثت فعلاً، من سيتحمل المسؤولية؟ من بيده قرار السلم والحرب في العراق؟
النائب معين الكاظمي: هناك بعض الأصوات النشاز التي تحاول تخويف الشعب العراقي، وأحياناً تبدو وكأنها تبشر بمثل هذه الضربة الأمريكية أو الإسرائيلية. هؤلاء - مما يؤسف له - يتشمتون بشعبنا ويبتعدون عن الوطنية، ويتحدثون وكأن هذا الأمر يُبشر به وكما سمعنا بعضهم يتوقع ذلك في عام 2023، ثم قال إن السقوط سيحدث في عام 2024، وهكذا في عام 2025. لذلك هذا الحديث لا يستند إلى حقيقة منوها إلى أنه حتى لو حدثت ضربة عدوانية من قبل الكيان الصهيوني أو أمريكا - التي تُعتبر الشيطان الأكبر في العالم حالياً - فما نراه من هيمنة ورفض شعبي... الآن 155 دولة اعترفت بفلسطين، وعندما يدخل بنيامين نتنياهو إلى الجمعية العمومية ليتحدث، يخرج الزعماء ويتركونه. الموقف الأمريكي والإسرائيلي أصبح مشؤوماً على المستوى الدولي.
وأضاف أنه لو حصل فلن يؤثر ذلك على إجراء الانتخابات. مرت علينا أيام كانت تتفجر فيها 10 إلى 20 سيارة يومياً في بغداد مع استهداف كل شيء، ومع ذلك جرت انتخابات 2005، 2006، 2009، 2010. الآن هذه ستكون الانتخابات العاشرة التي تُجرى منذ التصويت على الدستور في 15/10/2005. لذلك لا أعتقد أن التهديد الأمني سيعطل العملية الانتخابية.
الخلافات داخل الإطار التنسيقي وولاية السوداني
العالم: في البيت الشيعي بالعراق، عدم دخول التيار الصدري هو موضوع الساعة في الانتخابات المقبلة. لكن قبل ذلك، في داخل الإطار التنسيقي يبدو أن هناك انقساماً حول دعم السيد السوداني في المرحلة القادمة من عدمه حيث بعض التيارات داخل الإطار التنسيقي كالسيد المالكي والسيد هادي العامري والشيخ قيس الخزعلي ربما لا يؤيدون ولاية ثانية للسيد السوداني. بالمقابل، موقف السيد عمار الحكيم والشيخ الحمودي - مع حفظ الألقاب - يبدو أنه حتى هذه اللحظة لم يستقر. كيف ترى مستقبل نتائج الانتخابات هل نحن أمام ولاية ثانية للسيد السوداني؟ هل سيبقى الإطار التنسيقي على هذه التشكيلة والتركيبة بعد هذه الانتخابات أم سنشهد تركيبة أخرى؟
النائب معين الكاظمي: بالنسبة لمنظمة بدر، فإن الحاج هادي العامري ليس لديه فيتو على أي اسم حالياً، وخصوصاً على رئيس الوزراء الحالي. لكن منظمة بدر كانت ضمن تحالف دولة القانون والإ عمار إلى وقت متأخر، لكن لأسباب داخلية في بدر ولاستيعاب الكوادر البدرية في المحافظات المختلفة، ارتأينا أن نكون في قائمة منفردة.
وأشار إلى أنه لا توجد مشكلة مع السيد السوداني إطلاقاً. وإذا كانت لدينا مشكلة مع أي رئيس وزراء فهي حول حسن الأداء. شرطنا هو حسن الأداء وإرضاء الجمهور، إضافة إلى الأمور السياسية الخارجية. العلاقة مع الدول الأخرى يجب ألا تكون على حساب مصلحة البلد. ومثلاً، قد تكون هناك ملاحظات على اللقاء مع "الجولاني" في قطر، وملاحظات شعبية على موضوع خور عبدالله وموقف الحكومة منه. حيث أن اللقاء لم يكن بتنسيق مع قادة الإطار. حسب معلوماتنا، لم يكن هناك تنسيق بخصوص هذا اللقاء، حتى الصورة التي ظهرت كانت مسربة.
ونوه الكاظمي إلى موضوع الفساد وانتشاره وعدم مواجهته - هذه تعتبر شروطنا في إدارة الدولة. للدورة الثانية، لا بد أن يكون هناك جهد من الحكومة لإرضاء الجمهور وتوفير ما يحتاجه المواطن العراقي مضيفا أنه إلى حد ما، كانت هناك نجاحات للحكومة الحالية في هذا الجانب، لكن هذا لا يكفي. لا بد من الاهتمام بالمحافظات وتنمية الأقاليم. تخصيصات مجالس المحافظات لم تُسلم لـ2023 و2024 و2025 بما هو مقرر في الموازنة، فظهرت آثارها على محافظاتنا.إضافة إلى ما ذكرنا من قضية مكافحة الفساد والعلاقة مع الدول الأخرى، نرى الآن بعض التدخل من دول خليجية.
العلاقات الخارجية وصلاحيات رئيس الوزراء
العالم: كررتم أكثر من مرة موضوع العلاقة مع الدول الأخرى، وأكيد تقصد - كما أشرت - لقاء السيد السوداني مع أبو محمد الجولاني في الدوحة. صلاحيات رئيس الوزراء في العراق هل تسمح له بأن يلتقي مع شخصيات أخرى في دول ثالثة.
النائب معين الكاظمي: هذا أمر طبيعي. لكن في الحالات الاستثنائية، هناك توافقات وتفاهم وحوار بما يخدم مصلحة البلد ففي مثل هذه القضايا، تُطرح هذه الأمور على الإطار التنسيقي باعتبار أن الإطار هو من رشح رئيس الوزراء لكفاءته وقدرته، لكن كان لديه مقعدان فقط آنذاك. لذلك كان موضوع التوافق والتفاهم والحوار أمراً مهماً لدى الإطار التنسيقي، وقد أثبت نجاحه من خلال عقد أكثر من 120 اجتماعاً دورياً في المنطقة لدى مكاتب قيادات الإطار التنسيقي. هذه اللقاءات ساهمت في حفظ البلد وتشكيل حكومة السيد السوداني وإفشال التحالف الثلاثي آنذاك وغيرها من الإنجازات. لذلك، لا بد من التشاور في مثل هذه الأمور وعدم الانفراد بالعلاقات الاستراتيجية مع الدول الأخرى.

الخلاف داخل الإطار التنسيقي وولاية السوداني
العالم موجها سؤاله للنائبة السيدة مهديا اللامي: يوجد اليوم انقسام فعلي يمكننا القول بأن الإطار التنسيقي منقسم بين مؤيد للسيد السوداني لولاية ثانية وآخر معارض لها. أنت اليوم مرشحة عن تحالف السيد السوداني، كيف تنظرين إلى هذا الموضوع؟
النائبة مهدية اللامي : الإطار التنسيقي، كما يعرف الجميع، هو البيت الشيعي الذي يضم كل القيادات الشيعية. أعتقد برأيي المتواضع أن المصالح مشتركة داخل الإطار التنسيقي، ونوجه رسالة إلى قادة الإطار التنسيقي بأننا نعوّل على دراية وحكمة قيادات الإطار لتحريك المشترك وإبعاد المختلف. الخلافات الحالية هي خلافات في وجهات النظر وفي بعض الرؤى والأفكار، وهذا أمر طبيعي لا يفسد في الود قضية، لكن الوضع الحالي لا يتحمل وجود خلافات لأن ذلك سيؤثر سلباً على الواقع في المجتمع العراقي.
الخطاب الانتخابي والابتعاد عن الطائفية
وتابعت : نحن الآن في سباق انتخابي، وهذا الاستحقاق الانتخابي أحد ركائز الديمقراطية. لا يجب أن نراه معركة أو صراعاً، بل سباقاً انتخابياً في ظروف مواتية يُصطلح عليه "معترك انتخابي" وليس صراعاً. الخطابات التي نسمعها والتشنج في الخطاب المعلن يجب أن تكون معتدلة، لأن العراق كشأن داخلي هو من يحدد مصيره دون داع لتدخل دول الإقليم والجوار. نحن من يحدد مستقبل بلدنا، لكن للأسف لا نلاحظ هذا الأمر، حيث تكون الخطابات تشنجية وترجعنا إلى المربع الأول. والذي دفعنا به دماء ذكية ودماء أزهقت لتحقيق العدالة وتحقق السلام.
شاهد أيضا.. وزير خارجية العراق يرد على تهديدات 'نتنياهو'

الحشد الشعبي وسلاح الفصائل
العالم: هذه النقطة التي أشرتم إليها موجودة منذ عام 2005 وحتى هذه اللحظة في كل انتخابات شهدناها في العراق. العزف على الوتر الطائفي أو القومي أو المكوناتي في الانتخابات أمر سائد. هناك مقولة نسمعها كثيراً في الإعلام اليوم حول مستقبل الحشد الشعبي ودمجه أو حله. وقد أشار أبو مهدي المهندس قبل سنوات إلى أنه في كل انتخابات سنسمع هذا الموضوع.
النائبة مهدية اللامي : حتى الرسائل التي تُرسل للإطار التنسيقي تشير إلى أن الخلافات داخل الإطار التنسيقي سببها نزع السلاح من الفصائل أو ما يُثار حول قانون الحشد الشعبي، وهذه أثرت على تماسك الإطار داخلياً. بالعكس، الإطار يجب أن يكون مؤسسة موحدة.
وعن وجود مشكلة حقيقية حول الفصائل وسلاحها مع الإطار ومع حكومة السيد السوداني قالت النائبة مهدية اللامي : يمكن أن يُثار هذا الموضوع داخل الإطار التنسيقي دون أن يؤدي إلى مفارقات.
وحول وجود اتفاق بين السيد السوداني والفصائل، وهذا الاتفاق نافذ حسب ما سمعناه في الإعلام لفتت النائبة اللامي عن وجود خلاف حول نزع السلاح من الفصائل.
الموقف من ملف الفصائل والسلاح
العالم : السيد الكاظمي كيف تنظر إلى هذا الأمر؟ هل هناك اتفاق بالفعل؟
النائب معين الكاظمي: أعتقد أن هذا الموضوع مبالغ فيه. ما شهدناه من العدوان الأمريكي والصهيوني على الجمهورية الإسلامية لمدة 12 يوماً لم يكن للفصائل في العراق دور فيه. الآن، مع الانسحاب الأمريكي التدريجي، قد لا يبقى مبرر لموضوع السلاح إلا سلاح الحشد الشعبي وسلاح المقاومة التي يجب أن تُحدد أهدافها بوضوح، بحيث لا يكون لهذا السلاح آثار جانبية على البلد أو أن تكون هناك أهداف أخرى مادية ومصلحية تحت عنوان المقاومة.
ولفت الكاظمي إلى أن التوافق الحاصل حالياً يقضي بضرورة الهدوء في البلد وعدم التصعيد في هذه المرحلة، وقد شهدنا هذا الهدوء. على هذا الأساس كان الانسحاب الأمريكي حسب الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة منذ عام 2023 بأن يكون الانسحاب نهاية عام 2025.
ونوه إلى أن البعض يستهدف الفصائل أحياناً، لكنهم في الواقع يستهدفون الحشد الشعبي. عندما نوضح للأوروبيين وغيرهم، قد لا يكون واضحاً لديهم أن المقصود بالحشد يختلف عن الفصائل. الحشد الشعبي قوة رسمية محكومة بالقانون رقم 40 لعام 2016، ويتواجد في جبهة طولها 1500 كم على حدود العراق وداخل المحافظات، ويحافظ على الأمن والاستقرار. في مواجهة أي تحدٍ من قبيل الفوضى الجارية في سوريا، لدينا استعداد يختلف عن عام 2014.
وأشار أن الجميع يتجه نحو الاستقرار واحترام القانون ونظام الدولة، مع ضرورة وجود قوة تدافع عن البلد في حالة أي خطر يواجه العراق.
الاتفاق على التهدئة مع الفصائل
العالم: هل تقصد أن هناك اتفاقاً حول التهدئة بين الفصائل والحكومة؟
النائب معين الكاظمي: من المؤكد أن هناك تواصل. إطلاق الرهينة الأمريكية لم يحدث دون توافق وتفاهم، وهذا أمر مهم وأساسي. الفصائل أبناؤنا ولا بد من التفاهم معهم لمصلحة البلد. ندعو إلى احترام القانون ووجود قوة مسلحة وأمنية كفوءة تحافظ على أمن البلد. في الوقت نفسه، إذا كان هناك عدوان أجنبي، فعلينا جميعاً مواجهة هذا العدوان كما حدث عام 2014. لكن هذا لا يعني أن يتصرف كل طرف من موقعه بسلاحه مهدداً أمن البلد وسلامة الدولة.

غياب التيار الصدري عن الانتخابات رسائل السيد الصدر وتحديث البطاقات الانتخابية
العالم: في موضوع الانتخابات اليوم. الغائب الحاضر في الانتخابات هو التيار الصدري. طبعاً هو موضوع عدم حضور التيار الصدري مطروح قبل سنة أو أكثر في انتخابات 2023، حيث لم يشارك في الانتخابات. ولكن عدم الحضور في هذه الانتخابات المقبلة ربما أكثر من سنة مطروح بأنه لن يحضر التيار الصدري. وبالأمس القريب كان هناك تصريح لأحد الشخصيات المقربة من السيد الصدر يقول بأنه إذا ما أراد التيار الصدري الدخول إلى الانتخابات أو إلى المعترك السياسي، ربما يجب أن يكون الموضوع "شلع قلع"، يعني جميع الوجوه السياسية تتغير وإصلاح الجميع. كيف يمكن النظر إلى هذا الموضوع؟
النائبة مهدية اللامي : كما تعلمون أن السيد مقتدى الصدر لم يشارك في انتخابات 2023، وهي كانت انتخابات مجالس المحافظات. وبالتالي بقيت المقاطعة واستمرت لحين ما حُدد اليوم لإجراء الانتخابات. وبالتالي وجَّه إلى جمهوره أنه "حدِّثوا البطاقات الانتخابية". وهذه بادرة إيجابية، تحديث البطاقات الانتخابية. الكل عرف من خلال الجمهور أن السيد راح يشارك في الانتخابات التي ستُجرى.
التحديات أمام المكون الشيعي
قالت النائبة اللامي: بصراحة، كمكون شيعي – وهو المكون الأكبر في المجتمع العراقي، وعلينا الاعتراف بذلك – من حقنا أن ندافع عن هذا المكون، ومن حقنا أيضًا أن ندعو من يعضد هذا المكون إلى المشاركة، إذ ما زالت تحديات كبيرة تواجهه.
ولفتت إلى أن هذه التحديات مستمرة حتى في الانتخابات، وتشمل الخطاب الموجّه عبر الفضائيات أو أوراق الكتل السياسية، وبعضها يمثل تحديًا حقيقيًا. وقالت: قبل أيام التقيت بشخص من مكونات أخرى، وأخبرني بأن لديه 22 ألف بطاقة انتخابية فعّالة، مما يعني أن جمهوره سيصوّت له، وإذا جرت الانتخابات، فسوف يعرف مدى دعم جمهوره. وعندما سألته عن الهدف من جمع هذه البطاقات، أجاب: "حتى أعرف كم سيصوّت لي جمهوري"، مشيرًا إلى مخاوفه الأمنية التي قد تعرقل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
أثر الرسائل السلبية على المشاركة الشعبية
أوضحت النائبة اللامي أن هذه الرسائل التي تُوجه إلى الجمهور، هذه صراحة تتأثر سلباً على المشاركة. ونحن نحتاج إلى أن تكون نسبة مشاركة جيدة لأن المواطن هو الذي يرسم الخارطة السياسية للبلد. فأنا كيف أتبوأ إليه ككتلة أو كفرد أو كمرشح؟ أتبوأ إلى موقع مجلس النواب إذا لم تكن عندي أصوات حرزتها من قبل الناخب، من قبل جمهوري، حتى أحصل على هذه الأصوات حتى أتبوأ أو لا أتبوأ في هذا الموضوع.
انعكاسات غياب التيار الصدري
ونوهت اللامي إلى أن قضية دخول التيار الصدري في العملية السياسية هي قرارهم، وقرار محترم، لكنها تساءلت: هل سيُفيد هذا القرار المكون الشيعي؟ وأضافت أنه قبل يوم واحد، صرّح أحد الأشخاص في الإعلام قائلاً: "مقاطعة التيار الوطني الشيعي بقيادة سماحة السيد مقتدى الصدر ستمنحنا فرصة كالمكون السني للحصول على أصوات ومقاعد نيابية أكثر، بواقع 100 مقعد". وفسّر البعض أن غياب التيار سيتيح لهم الاستفادة من هذه الفرصة، لكنها تساءلت: لماذا لا تكون هذه الفرصة مواتية للمكون الشيعي؟ وأكدت: نحن أخوة، ولا يمكننا تجاوز جمهور التيار الصدري. هذه قاعدة شعبية كبيرة وراسخة، ونعترف بطاعته لقائدهم ونحترم ذلك. لكنها تساءلت: لماذا صرح المكون الآخر بهذا الموضوع ولم نصرح نحن؟ ما المشكلة؟
وأضافت اللامي أن جميع الكتل، بما فيها السنية، لديها إعلام حاضر داخل مدينة الصدر، وتساءلت: ما الهدف من هذا؟ هل يأتون لتوجيه رسائل محددة، أم أن هذا اجتهاد شخصي؟
ترجمة غياب التيار الصدري وأثره على المقاعد
العالم: كيف يُترجم عدم حضور التيار الصدري في الانتخابات المقبلة أو في العملية السياسية المقبلة؟ كيف يُترجم على أولاً وضع البلد، وثانياً البيت الشيعي؟
النائب معين الكاظمي: إذا نظرنا إلى الأمر من الناحية العددية، لدينا تسع محافظات لن تتأثر، وهي المحافظات الوسطى والجنوبية التي تمثل "القلعة" للمكون الشيعي. أما المحافظات المشتركة مثل صلاح الدين وديالى وكركوك والموصل وبغداد، فهي المحافظات الوحيدة التي قد يكون هناك تأثير فيها، لكن انتخابات 2023 أثبتت أن حصتنا في هذه المحافظات بقيت جيدة، بما فيها ديالى، الموصل، كركوك وصلاح الدين، وكان التأثر الأكبر في بغداد فقط. بشكل عام، حصة الشيعة تبلغ 185 مقعدًا، والكرد 63، والسنة 72، والأقليات 9. وبالتالي، حتى لو حدث تغيير طفيف، فلن يصل العدد السني إلى 100 مقعد، وقد يأخذون بعدنا مقعدين أو ثلاثة فقط في بغداد، أي أن حصة الشيعة لن تتأثر بشكل كبير، ولا يوجد ما يدعو للقلق الكبير.

المكون الشيعي وتشكيل الحكومة والتوظيف الطائفي في الحملات الانتخابية
العالم: المكون الشيعي بالمستقبل سوف يشكل الحكومة؟ لا خطر على ذلك؟
النائب معين الكاظمي: الرئاسة ستكون للمكون الشيعي بعد الانتخابات، وسيتم تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة بانسيابية مع تحالفات المكونات الأخرى. المكون الشيعي لديه التوجه والوعي السياسي، والمرجعية تشدد على المشاركة في الانتخابات، لذا لا يوجد ما يبرر التخوفات. أحيانًا تُثار قضايا طائفية لجذب أصوات معينة، لكنها لم تؤثر سلبًا علينا، والوعي الجماهيري يسمح بالحفاظ على المنجزات والتعامل بمسؤولية.
غياب التيار الصدري كخسارة للمكون الشيعي والتحديات الإقليمية ودور الصدر
العالم : هذا فيما يتعلق بالأعداد. ولكن كيف يُترجم عدم دخول التيار الصدري أو حضور التيار الصدري في أساس العملية السياسية العراقية؟
النائب معين الكاظمي: إن غياب التيار الصدري يمثل خسارة للمكون الشيعي، ومن الضروري إصرار التيار على المشاركة في إدارة الدولة ومراقبة البرلمان، كما أرشدنا الشهيد السيد محمد صادق الصدر: "المذهب بذمتكم والبلد بذمتكم". حضور التيار في مفاصل الدولة أمر مهم، ومع استمرار المقاطعة لن يؤثر بشكل كبير على تشكيل الحكومة، لكن يجب التفكير بالمصلحة العليا للبلد، خصوصًا في ظل التحديات الإقليمية. أما الحديث عن تغيير الوجوه السياسية في المكونات المختلفة، فالأمر لا يخص الشيعة وحدهم، فالفساد والحاجة للتغيير موجودة لدى جميع الأطراف.
أهمية الانتخابات كخيار ديمقراطي
وأضاف الكاظمي أنه عندما نقول إن الانتخابات عملية ديمقراطية واختيار المواطن، مع ملاحظاتنا على هذه العملية من الأموال التي تُصرف وتُهدر حالياً من قبل جهات معينة، فإن موضوع الانتخابات يجري في موعدها. نأمل أن يكون هناك تغيير في الموقف، باعتبار أن الإخوة في التيار الصدري حدّثوا بطاقاتهم وعليهم أن يختاروا الأصلح ضمن المكون الشيعي.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...