انقسام غير مسبوق يسيطر على المشهد الإسرائيلي بعد اتفاق غزة، وصحف الاحتلال تعج بعناوين متناقضة بين من يصف الاتفاق بالتحوّل التاريخي ومن يراه هزيمة سياسية وأمنية.
حالة ارتباك داخل الإعلام العبري تجسّد مأزق سلطات الاحتلال الاسرائيلي في الإجابة عن السؤال المؤجل: ماذا بعد الحرب؟
تحت عناوين صاخبة مثل اليوم التالي ما زال غائبا، انشغلت الصحافة الإسرائيلية بتفسير اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. القناة الثانية عشرة العبرية رأت فيه تحوّلا دراماتيكيا بفضل وساطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصفه بأنه مذهلٌ وجيدٌ جدا لتل ابيب. في المقابل، ركزت القناة الرابعة عشرة على ما وصفته بسعادة حماس، معتبرة أن وقف الحرب يعني فشل الجيش في تحقيق أهدافه.
أما صحيفة هآرتس فانتقدت ما سمّته اتفاقا مستعجلا فرضه الضغط الأميركي ومساعي ترامب لانجازه قبل موعد جائزة نوبل للسلام، محذّرة من أن التسوية الجديدة لم تجب عن سؤال من سيحكم غزة بعد حماس، وكيف سيتمّ نزع سلاحها. بينما تحدثت معاريف عن تعهدات غير واقعية تعتمد على أطراف كتركيا وقطر، ووصفتها بأنها غير موثوقة.
وفي موقع يديعوت أحرونوت، ركّز المعلقون على أن الاتفاق لا يعني نهاية الحرب، لغياب ضمانات للسلام الدائم، ولأنّ نزع سلاح حماس ومستقبل حكم القطاع سيظلان محلّ خلاف طويل.
أما موقع «واينت» فسلّط الضوء على مشاهد الاحتفال في غزة، ناقلا عن قيادات في حماس أن الاتفاق انتصارٌ سياسيٌّ وشعبيّ تحقق بفضل صمود الفلسطينيين، وأنّ ما فشلت سلطات الاحتلال في فرضه بالقوة انتزعته المقاومة على طاولة المفاوضات.
تحليلات الإعلام العبري لم تتوقف عند الميدان، بل امتدّت إلى صورة تل ابيب في العالم. المراسل الدبلوماسي ليديعوت أحرونوت كتب أنّ العداء الدولي لكيان الاحتلال بلغ مستويات غير مسبوقة، وأن استعادة مكانته في الرأي العام ستكون «مهمة شبه مستحيلة.
وفي السياق ذاته، أكد باحثون في الشؤون الإسرائيلية أنّ ما يجري داخل كيان الاحتلال يعبّر عن حالة سلام حذر، مشيرين إلى انقسام حادّ في الرأي العام بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها الذين يحملون نتنياهو مسؤولية الفشل، متهمينه بالانشغال بمستقبله السياسي.