لم يحملوا السلاح عبثاً بل عهداً، ولم يذهبوا ليعودوا، بل يتركوا أسماءهم في ذاكرة الأرض.
في نظرتهم وضوح المصير وفي خطاهم حكاية لا تكتمل إلا بالشهادة هذا زمن الأثر وزمن الذين كتبوا القصة بدمائهم.
وجع الأم... وقلب لا ينسى
وتقول والدة الشهيد حسن غسان حجازي: لكنّ الشيء الوحيد الذي يؤلمني حقًّا هو أنّ الله لم يرزقني إلا شابين، وقد قدّمت أحدهما في سبيل الله، ولم يبقَ لي سوى الآخر. هذا الأمر حقًّا ما يُحزنني ويُوجع قلبي.
طفولة الهدوء والنبوءة
طفولة حسن لم تكن صاخبة ولكنها لم تكن عادية هدوءه لم يكن خضوعاً بل ترقباً لنزال، في عينيه ساكينة وفي نبضه صوت الطف فهو ابن امرأة سكبت في روحه آيات ودمعة ووصايا كربلاء وروت ضلوعه باسم الحسين(ع).
كبر وعنده من الطفولة ما يكفي ليتزن ومن أمه ما يكفي ليشتعل فإذا مشى مشى على الأرض كأنها وقف وإذا نطق اهتزت في صوته تربتها الأولى.
شاهد أيضا.. قصة الشهيد حسن العسكري: فارس لا ينحني
وتقول والدة الشهيد :أنا أمّ الشهيد حسن غسّان حجازي.
منذ ولادته، كانت ولادته ميسّرة والحمد لله، لكنّي كنت أشعر نحوه بحرقةٍ في قلبي لا أعرف سببها، وكان كلّ من حولي يشهد بذلك. كنت أقول دائمًا: هذا الصبي يُحرق قلبي دون أن أدري لماذا.
خلق الحسين في ملامحه
وأضافت: كبر حسن، والحمد لله ربّ العالمين، وكان في طفولته أيضًا هادئًا وطيبًا وسعيدًا، حتى إنّ من يسمع حديث أمهات الشهداء عن أبنائهنّ وكيف يجمعون الصفات الحسنة فيهم، كنت أقول: هل يُعقل أن لا تكون فيهم صفة غير طيبة؟ لكن عندما استُشهد حسن، وأصبحت أستعدّ لأيّ مقابلة قد تُجرى معي، كنت أقول في نفسي: لو سُئلت عن صفة غير حسنة فيه، ماذا أقول؟ فلم أجد شيئًا.
وتابعت: كان خلوقًا، حنونًا، ضحوكًا، محبًّا للناس، وطيب المعشر. من يعرفه كان يحلف بحياته أنّ هذا الشاب مميّز بأخلاقه وسيرته، والحمد لله على ذلك.
ويقول أخ الشهيد: وُلد الشهيد حسن وتربّى في بيتٍ مضحٍ ومؤمنٍ وموالٍ لأهل البيت (عليهم السلام). والده رجلٌ مؤمنٌ طاهر، ووالدته قارئة عزاء، فشبّ حسن على هذا النهج، وواصل طريق الإيمان حتى التحق بمدرسة القرآن الكريم.
وقالت والدته: كان حسن وأخوه يحبّان هذا الخطّ المبارك، وقد تأثّرا كثيرًا بالكشاف، إذ للكشاف دور كبير في تربية الأبناء بعد الأهل. فكما أن الأهل يربّون في البيت، فهناك أيضًا من يوجّه خارج البيت، إمّا رفاق السوء، وإمّا الكشاف، والحمد لله أنّ أولادي كانوا في الكشاف منذ صغرهم.
الروح الحسينية التي غذّت الطريق
وأضافت: كما لا يمكن أن ننسى حبّ الإمام الحسين (عليه السلام). ففي عاشوراء كانوا يشاركون في المجالس واللطم، ويستمعون إلى السيرة الحسينية، وأنا في البيت خادمةٌ للإمام الحسين (عليه السلام)، أقرأ المجالس الحسينية، ولذلك تأثروا بهذه الأجواء الروحية تأثرًا كبيرًا. لقد تغذّت أرواحهم من هذا النهج الحسيني حتى امتلأت به، وكان لذلك أثر عميق في شخصياتهم. كما أنّ رفاقه كانوا من نفس الخط والتوجّه، وأخوه الأكبر كان له تأثير كبير عليه أيضًا.
وقال اخ الشهيد:من خلال القرآن الكريم، ازداد حبّه لكشافة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، فتدرّج في المراتب شيئًا فشيئًا، ومع اكتسابه العلم والتجربة، انخرط في هذا الخط الشريف، خطّ الجهاد والمقاومة. ومنذ بداياته فيه، بدأ بالتدريب والتأهيل مرحلةً بعد مرحلة، حتى وصل إلى موقعٍ كان له فيه دورٌ مهمّ في ميدان القتال والجهاد.
وقالت والدته: كنت من المشجّعات له على هذا الطريق، ولم أشعر يومًا بالخوف أو الشكّ، بل كنت أبارك له وأدعمه. عندما أخبرني بانضمامه إلى هذا الخط .
قلت له: بارك الله فيك، والحمد لله أنك اخترت الطريق الذي يوصلك إلى الآخرة الجميلة.
ولفتت ام الشهيد قائلة : كنت منذ البداية أعيش أجواء العزاء الحسيني في البيت، أشارك في المجالس، وأرافق أبنائي إلى كلّ احتفال ومجلس، سواء للسيد أو لغيره، وكنت مصرّة على غرس حبّ الإمام الحسين (عليه السلام) في قلوبهم، ليكون هذا الحبّ هو الدافع الذي يهديهم إلى طريق الحقّ والجهاد.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...