مع بزوغ فجر النصر العظيم الذي حقّقه صمودُ أهلِ غزّة، نقف اليوم عند منعطفٍ تاريخيٍّ بالغ الأهميّة. وهنا يتبيّن مدى التزام الكيان الصهيونيّ ببنود الاتفاق المبرم مع حركة حماس.
وفي هذا السياق، يبقى اليمن يقظًا تجاه هذا الوضع، ويمارس ضغطًا حثيثًا لتطبيقه من قِبَل الكيان الصهيونيّ. فإذا لم يلتزم الكيان الصهيونيّ بالاتفاق وبنوده، فلا بدّ أن تعود القدراتُ اليمنيّةُ والصواريخُ اليمنيّةُ بقوّةٍ وجودةٍ أكبر من ذي قبل.
إنّ اليمن، الواثقةَ بالله تعالى، لن تتخلّى عن قضيتها المركزيّة، قضية فلسطين، حتى تتحرّر فلسطين من النهر إلى البحر، مستندةً إلى الإيمان والمبادئ والمنطق، وإلى شعبها العظيم الذي صمد منذ عامين، يحشد كلّ جمعة دعمًا للشعب الفلسطينيّ ورفضًا للعدوان الإسرائيليّ الغاشم على غزّة.
فما الدورُ المتوقّعُ لليمن في المرحلة القادمة؟ هل سيوقف اليمن ضرباته ضدّ الكيان الصهيونيّ ويتوقّف عن إرسال المسيّرات والصواريخ؟
وفي حوارٍ مع قناة العالم ببرنامج "بنوقيت اليمن"، وحول تقييم الموقف اليمنيّ الحاليّ بعد إعلان حركة حماس التوصّل إلى اتفاقٍ مع الكيان الصهيونيّ، أكّد العميد عبد الغني الزبيدي، الباحث في الشؤون العسكريّة والسياسيّة، أنّ الموقف اليمنيّ ينطلق من اعتباراتٍ أخلاقيّةٍ وإنسانيّة، وقيمٍ مبدئيّة.
وفي نهاية المطاف، أصبحت القضيّة الفلسطينيّة محورَ اهتمام القيادة في صنعاء بعد واحدٍ وعشرين عامًا. ولولا هذا المبدأ، لما كانت هناك مشاركة، إذ لم تكن مجرّد دعم، بل مواجهة شاملة مع الكيان الصهيونيّ.
شاهد أيضا..أكسيوس: اليمن بات تهديدًا خطيراً على الكيان الصهيوني
وأضاف الزبيدي: نحن من بادر بالضربات وعمليات الاستهداف، ممّا أدّى إلى ردود فعلٍ رجعيّةٍ من الجانب الصهيونيّ. وعندما شنّ العدوّ الصهيونيّ عملياتٍ ضدّ اليمن، استدعت القيادةُ الردَّ، والحقيقة أنّنا نحن من بادر بالهجمات المضادّة للعدوان.
وقال الزبيدي: بعد استهداف عدونا وحصاره، يقف اليمن اليوم عند منعطفٍ حاسم. وبفضل الله وتوفيقه، وصلنا إلى مرحلةٍ مهمّةٍ وحاسمة. وقد أشارت القيادة إلى عملياتٍ يمنيّةٍ مستمرّة، بعضها غير معلنٍ كما ذكر قائدُنا الموقّر. العدوّ يدرك جيدًا صمودنا، والذي بدا جليًّا حتى قبل الاتفاق، من خلال العمليات التي تُنفَّذ داخل الأراضي المحتلّة. والتزامنا بهذه العمليات نابعٌ من الرؤية الاستراتيجيّة لحركات المقاومة، وخاصة حماس. ويثير الاتفاقُ المرتقب تساؤلاتٍ حول بنوده وتطبيقه وضماناته، لا سيّما فيما يتعلّق بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليّين لدى المقاومة في غزّة.
ولفت العميد الزبيدي إلى أنّ هذا الموقف المبدئيّ والإنسانيّ قد تطوّر بشكلٍ ملحوظٍ في الأشهر الأخيرة، مع زيادةٍ ملحوظةٍ في العمليات الشهريّة. ورغم محدوديّة الموارد، فقد عزّزنا قدراتنا على المناورات الاستراتيجيّة. والجدير بالذكر أنّ القوات المسلّحة حقّقت مكاسب استراتيجيّة في ترسيخ مكانة اليمن كقوّةٍ مهيمنةٍ في منطقة البحر الأحمر، التي كانت خاضعةً سابقًا للسيطرة الأجنبيّة.
وهذا الإنجاز لا يعود بالنفع على اليمن فحسب، بل تُقدّره أيضًا الدولُ العربيّة لتحرير البحر الأحمر من الوجود الأجنبيّ.
وحول تداعيات الاتفاقيات المحتملة مع "إسرائيل"، وما إذا كان اليمن سيوقف ضرباته بعد الاتفاق، نوه الزبيدي إلى أنّ اليمن سيقوم بالمراقبة، فـ"مراقبة امتثال" إسرائيل" وتقييم الوضع بعد الاتفاق أمران بالغا الأهمية".

وأشار إلى أنّ الاتفاقيات السابقة شابتها انتهاكاتٌ إسرائيليّة، ممّا دفع اليمن إلى استئناف عمليّاته لحماية مصالحه. إنّ الضربات الأخيرة على أهدافٍ اقتصاديّةٍ وبُنىً تحتيّةٍ حيويّة، بما في ذلك مطار النقب، تُظهر عزمنا على الدفاع عن سيادتنا.
وأوضح الزبيدي أنّ العمليات البحريّة لم تستهدف منتهكي القانون الدوليّ فحسب، بل وجّهت أيضًا رسالةً قويّةً للشركات الداعمة لنظام العدوّ. ويؤكّد هذا التطوّر في تكتيكاتنا التزامَنا بحماية مصالحنا ومحاسبة المنتهكين. وبالنظر إلى المستقبل، سيتحوّل موقفُ اليمن من دورٍ داعمٍ إلى موقفٍ أكثر حزمًا، يعكس ديناميّات الصراع المتغيّرة.
ونوه في الختام، أن حركاتُ المقاومة تجد تضامنًا مع بعضها البعض، حيث تقف مصر وقطر إلى جانب اليمن في هذه المفاوضات. وتؤكّد التصريحاتُ الأخيرة لزعيم حماس، إسماعيل هنيّة، على الدور المحوريّ لليمن في جهود المقاومة. ورغم الضغوط الخارجيّة للتراجع، لا يزال اليمن ثابتًا على رسالته، مدفوعًا بإيمانٍ راسخٍ بقضيّته. وإنّ التضحيات التي قُدِّمت، بما في ذلك الأرواحُ التي أُزهقت والضائقةُ الاقتصاديّة التي تحمّلناها، تُبرز جسامةَ كفاحنا.
ورأى الزبيدي أن صمود الشعب اليمنيّ، إلى جانب التزامه الراسخ بقضيّته، سيُخلَّد في سجلّات التاريخ كشهادةٍ على ثباته في وجه الشدائد.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...