عامان من الحرب.. أو بالأحرى عامان من الإبادة الجماعية الممنهجة.. عامان من التدمير العاري.. أم اختبار صلب لما تبقى من الإرادة والكرامة في هذا العالم المختل؟
غزة لم تحاصر بالحديد والنار فقط، بل بالسرديات الكبرى التي تصنعها القوى العظمى، وتحرسها عناوين الإعلام، وتعيد تدويرها حسابات المصالح.
إننا أمام ماسأة بحجم القارة، وملحمة بحجم التاريخ.. ففي كل حجر تهدّم وفي كل يد انتزعت من تحت الركام وفي كل نفس كتب له أن يستمر وسط الأنقاض سؤال مركزي ينهض: هل هزمت غزة أم أنها أعادت تعريف مفهوم الانتصار من جذوره؟
في هذه الحلقة من برنامج نوافذ نقرأ بتحليل نقدي رؤيا ورؤية معرفية مركبة نتائج عامين من الإبادة الجماعية.. أراد نتنياهو خلالها أن يمحي غزة وأهلها عن الخريطة.
عامان مضيا منذ اندلاع العدوان الأوسع على غزة، عدوان تجاوز في حدته كل ما شهده القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد ونصف.
حرب استخدم فيها كيان الاحتلال أقصى طاقته التدميرية في محاولة لاجتثاث المقاومة وشل المجتمع وتفكيك الجبهة الداخلية تمهيدا لفرض وقائع سياسية وأمنية جديدة.
عمليات القصف الممنهج طالت كل مفاصل الحياة.. المستشفيات والجامعات والمدارس والمنازل.. وصولا إلى محاولات مستمرة لفرض التهجير القسري وخلق بيئة طاردة للسكان عبر الحصار والتجويع والترويع.
لكن في مواجهة هذا الإعصار وقف الشعب الفلسطيني في غزة كعادته بصلابة فاجأت المحتل وأربكت حساباته واستنزفت قدراته العسكرية والاستخباراتية.
المقاومة رغم الحصار والخسائر حافظت على بنيتها الأساسية وواصلت تطوير أدواتها ومراكمة خبراتها، بينما نجح المجتمع الغزي بكامل أطيافه في الحفاظ على الحد الأدنى من التماسك والصمود في ظروف يمكن وصفها بغير الآدمية.
الاحتلال من جانبه أخفق في تحقيق أهدافه الجوهرية.. لم يسقط حكم غزة.. لم ينهي حضور المقاومة.. ولم ينجح في فرض التهجير الواسع رغم الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعتها غزة شهداء ودمارا وتشريدا.
اليوم تقف غزة على أنقاضها.. لكنها تقف.. تثبت من جديد أن القوة لا تكفي لصناعة النصر، وأن الإبادة لا تصنع الأمن، وأن الشعوب مهما نكلت بها تملك قدرة لا نهائية على البقاء وعلى تحويل الألم إلى معنى والركام إلى وعي.
بهذا المعنى لم تكن الحرب مجرد معركة على الأرض بل كانت صراعا على الرواية وعلى من يملك أن يكتب السطر الأخير.. وفي غزة لم يكتب السطر الأخير بعد.
ولمناقشة هذا الموضوع إستضافت هذه الحلقة من برنامج "نوافذ" مدير مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير هادي قبيسي، والإعلامي والكاتب السياسي زاهر أبو حمدة، والكاتب والباحث السياسي خالد بركات.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..