من الميدان إلى المشفى، تُجسّد الصحفية رنين اليوم ثمن الكلمة الحرة في مواجهة الرصاص والعنف. فالصحفية رنين صوافطة، التي خرجت لتوثيق اعتداءات المستوطنين على المزارعين في بلدة بيتا جنوب نابلس، وجدت نفسها ضحيةً لذات الاعتداءات التي حاولت نقلها إلى العالم، بعدما نجت من محاولة اغتيال حتمية أُصيبت على إثرها بكسور متفرقة.
يقول أحد الشهود: "طريقة الهجوم على المزارعين، وعلى الصحفيين، وحتى على المسعفين، كانت طريقة مجنونة؛ كانت هناك إصابات عديدة. ما حدث تحديدًا مع الصحفيين كان استهدافًا منظمًا، وتحديدًا للصحفية رنين. أنا رأيت بعيني كيف حاولوا قتلها، كان الأمر محاولة قتل حقيقية، لكنها نجت بقدَرة الله."
لم تكن رنين وحدها في مرمى الخطر؛ فالمشهد في بيتا تجاوز الاستهداف الفردي. الهجوم طال كل من تحرك في المكان: المزارعين الذين خرجوا بأيديهم العارية ليحرسوا الزيتون في موسمٍ يكره الاحتلال مشهده، وحتى الطواقم الطبية التي تحولت من مُنقِذةٍ للأرواح إلى مَن يحتاج من ينقذه.
يقول أحد المتطوعين في الإسعاف: "المستوطنون في بلدة بيتا كانوا وحشيين جدًا. تم الاعتداء على ثلاثة متطوعين من الهلال الأحمر الفلسطيني، بينهم رئيس شعبة بيتا، كما جرى الاعتداء على العديد من الصحفيين بشراسة، إضافةً إلى حالات اعتداء في بورين وبيتا على متطوعين أجانب أيضاً."
ويضيف أحد المزارعين: "كان عدد المستوطنين أكثر من عشرين مستوطنًا، ومعهم أجانب. هاجمونا واشتَبكوا معنا، ما أدى إلى إصابتي. سقطت من مرتفع وضربوني قبل أن أصل إلى المستشفى، هذا ما حدث."
ما جرى في بلدة بيتا لم يكن حادثة عابرة، بل امتدادا لمشهد يتكرر في بورين وسائر قرى ومدن الضفة الغربية؛ مشهد يتصدره عنف المستوطنين الذين يعيثون في الأرض فسادًا تحت حماية جيش الاحتلال. تتسع رقعة العدوان يومًا بعد يوم، حتى تغدو حياة الفلسطينيين ساحة مواجهة مفتوحة لا ينجو منها أحد.
لقد اعتدى المستوطنون على الصحفيين والمسعفين معًا؛ على مَن ينقل الحقيقة، وعلى مَن يُنقذ الحياة. هنا تتساوى الإسعاف والكاميرا في مرمى الكراهية، لأن كليهما يقاوم بصمته.