من خلف بابٍ ضيّقٍ في أحد مساكن النزوح، يجلس أبٌ وأمّ أثقلهما الفقد.
ريماس، ابنتُهما ذات الثلاثة عشر ربيعًا، غيّبها رصاصُ الاحتلال بعد شهرٍ من بدء عدوانه على مخيم جنين، في الحادي والعشرين من كانون الأول مطلع هذا العام.
تقول والدتها، بصوتٍ تختلط فيه الذكريات بالوجع إن:"ريماس لم تفارق ذاكرتي ساعةً واحدة... ضحكتها ما زالت تملأ حياتنا رغم الغياب. تشهّدت أمامي... نادت عليّ قبل أن تُستشهد. ظننتُها خائفةً من الجيش، لكنني رأيتها ممدّدة على الأرض. حاولتُ الوصول إليها أكثر من مرة، والرصاص يتطاير حولنا. في النهاية، رفعتُ يديّ وصرختُ فيهم: اقتلوني!" واقتربت من ابنتي واستطعت أن أسحبها".
أما والدها، الذي يلتجئ إلى سجائر القهر منذ 10 أشهر، فيقول إن مرارة النزوح لم تثقله بقدر ما أثقله فقدان ريماس، الفتاة التي كانت تملأ الحيّ بالحياة قبل أن يخليه جيش الاحتلال من سكّانه، وقبل أن يقتلها جنديٌّ في ساحة منزلهم بمخيم جنين.
يقول بحسرة: "من كل ما جرى في حياتي، فقدان ريماس هو الأصعب. فقدتُ ابنتي، أغلى ما أملك".
منذ السابع من أكتوبر، استُشهد أكثر من 1000 فلسطيني في الضفة الغربية، بينهم أكثر من 200 طفل.
الآلاف من النازحين يعيشون اليوم في غرفٍ ضيّقة، يحاولون النجاة وسط الخراب، بينما يخيّم القلق عليهم من أن يتحوّل هذا النزوح إلى واقعٍ دائمٍ يثقل حياتهم يومًا بعد يوم.