اعتقدت امريكا ان الوقت قد حان لقطف ثمار مخططاتها ضد محور المقاومة بعد عامين من حرب غزة وسوريا ولبنان واليمن وايران، فحاولت من خلال تنفيذ سيناريو واحد في لبنان والعراق، من اجل تجريدهما من قوتيهماو وتحويلهما الى سوريا جديدة، والتحريض على احتجاجات تشرين والتي تزامنت في البلدين ورفعت ذات الشعارات، وعينت عبر تشجيع مبعوثين خاصين لها في البلدين يعملان كمندوبين ساميين، لا ترد اوامرهما.
ولكن ورغم انفاق الملايين من الدولارات على هذا المخطط، الا ان الانتخابات الاخيرة التي جرت في العراق، لم يفز فيها اي من انصار هذا المخطط، الذين عولت عليهم امريكا كثيرا بعد ان نجحت في انتخابات عام2021 في ايصال 34 شخصا منهم الى البرلمان العراقي، الامر الذي قد يعزز الامل لدى انصار المقاومة والخط الوطني المقاوم في لبنان، بتكرار تجربة العراق في الانتخابات اللبنانية القادمة.
يرى المراقبون ان نتائج الانتخابات العراقية جاءت مفاجئة من حيث نسبة المشاركة التي فاقت الانتخابات السابقة بما يتجاوز الـ 15%، أو من حيث عموم النتائج. فقد حافظت فصائل المقاومة على حضورها القوي في المعادلة السياسية، بما يمكنها من ربط إيجاد حل لسلاحها المقاوم، بإنهاء وجود القوات الأميركية في الأراضي العراقية، كما افشلت النتائج رهانات واشنطن على إحداث تغيير في المعادلة السياسية لمصلحتها.
وفقًا لإعلان المفوضية العراقية بلغت نسبة المشاركة الإجمالية في الانتخابات 56.11%. وبلغ عدد المشاركين في التصويت العام والخاص 12,009,453 ناخبًا من أصل 21,404,291 يحق لهم التصويت وحصل الشيعة على 197 مقعدا، والسنة على 67 مقعدا والكرد على 56 مقعدا والأقليات على 9 مقاعد ليكون المجموع 329 مقعدا..
اقرأ وتابع المزيد:
وفي التفاصيل حصلت الأجنحة السياسية لفصائل الحشد الشعبي على 62 مقعدا، وبالإضافة إلى كتلتي "صادقون" و"بدر"، حصدت كتل الحشد الباقية من "حقوق" الجناح السياسي لـ"كتائب حزب الله" 6 مقاعد، و"سند" الجناح السياسي لـ"جند الإمام" 6 مقاعد، وتحالف "خدمات" بقيادة شبل الزيدي زعيم فصيل "الإمام علي" 5 مقاعد. كما أن كتلة "دولة القانون" هي محسوبة على فصائل المقاومة العراقية، وبالتالي تصبح كُتل الحشد الشعبي مجتمعة 92 نائبا.
من الان وصاعدا على امريكا ان تتعامل مع قوى المقاومة في العراق بانها قوى سياسية تاخذ شريعتها من الشعب العراقي. ولا يمكنها فرض او تمرير اي قانون في البرلمان يرفضه نواب المقاومة ، وبذلك تكون رهانات واشنطن على حدوث تغيير في المعادلة السياسية لمصلحة المطالبين ببقاء قواتها، خابت وذهبت أدراج الرياح، خاصة أن ما يسمى بقوى التغيير فشلت في تحقيق حضور وازن ومؤثرة في البرلمان. حيث كان هناك رهان ضمني على أن تنجح القوى المنبثقة عن احتجاجات تشرين، التي ترفع شعارات مكافحة الفساد وإنهاء نفوذ فصائل المقاومة، في حصد عدد أكبر من المقاعد لتغيير ميزان القوى.
الفضل الاكبر في الملحمة التي صنعها الشعب العراقي، يعود الى وجود المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد السيستاني، والى الوعي الذي يتمتع به الشعب العراقي نفسه، الذي هب إلى صناديق الاقتراع لقلب موازين القوى وضمان ألا تستأثر التيارات المناوئة لمحور المقاومة بأغلبية مقاعد البرلمان، وذلك بالإدلاء بأصواتهم لمصلحة تيارات المقاومة، لإجهاض المخططات الخارجية وإظهار تضامنهم مع محور المقاومة في المنطقة.