لم يكن إعلان مجلس النواب الأميركي إلغاء قانون قيصر مجرد تعديل عابر على صفحة من صفحات التشريعات الأميركية المتكاثرة، بل بدا كما لو أنه إعادة كتابة لفصل كامل من فصول الحكاية السورية.
فالقانون الذي أنهك بتعديلات متلاحقة، عاد في لحظته الأخيرة مكبلا بشروط تتيح إحيائه متى شاءت واشنطن تحت عناوين لا تنتهي، أهمها أمن الجوار، ومحاربة الإرهاب، وتفكيك ما تبقى من تركة السلاح الكيميائي.
غير أن القرار مهما بدا احتفاليا في ظاهرة يظل بلا بريق حقيقي على الأرض، فالإلغاء الذي يفترض أن يفتح بوابة الاستثمارات يجد نفسه في مواجهة واقع يرفض الانصياع أمام بنية تشريعية غائبة، وفقدان مزمن لليقين الأمني، وأزمات تتناسل من الجنوب المشتعل إلى السويداء المتداخلة عقدتها مع الشمال الشرقي.
على أن ما يضفي على المشهد بعده الأعمق هو الدور الأميركي نفسها، فالولايات المتحدة التي أمسكت بالملف السوري منذ اللحظة التي سقط فيها النظام السابق وترنح الدولة على حافة الفراغ، تبدو اليوم وكأنها تبحث عن قصة نجاح تقنع بها نفسها قبل أن تقنع الآخرين، وتقدم واشنطن نموذجا الهندسة الأميركية للمنطقة لا الدولة السورية وحدها، وتشجع الكثير للمضي في نفس الطريق الذي مضى فيه الجولاني.
ومع ذلك يبقى السؤال معلقا: هل تصنع القصص المصنوعة على طاولة السياسة واقعا يشبهها؟ أم أن سوريا بتاريخها أكبر من أن تتحول إلى ملصق دعائي يروج لنموذج أميركي.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..