في ذکرى استشهاد اُم ابيها فاطمة الزهراء عليها السلام

في ذکرى استشهاد اُم ابيها فاطمة الزهراء عليها السلام
الثلاثاء ٢٤ أبريل ٢٠١٢ - ١٢:٤٣ بتوقيت غرينتش

فاطمة الزهراء هي بنت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها .

الزهراء فاطمة ابنة أعظم نبَي وزوجة اوَل إمام واُم اينع بزغتين في تأريخ الإمامة ، الزهراء هي الوجه المشرق الوضَاء للرسالة الخاتمة.

الزهراء هي سيدة نساء العالمين وهي الوعاء الطاهر والمنبت الطيب لعترة رسول الله صلوات الله عليهم اجمعين .

انها ولدت من أکرم أبوين عرفهما التاريخ البشري ، ولم يکن لأحد في تاريخ الإنسانية مالأبيها من الآثار التي غيرت وجه التاريخ ، ودفعت بالإنسان اشواطا بعيدة نحو الأمام في بضع سنوات ، ولم يحدث التاريخ عن أم کاُمها وقد وهبت کلَ ما لديها لزوجها العظيم ومبدئه الحکيم ، مقابل ما اعطاها من هداية ونور .
في ظلَ هذين الأبوين العظيمين درجت فاطمة البتول ، ونشأت في دار يغمرها حنان أبيها الذي حمل عبء النبوة وتحمل في سبيله ماتنوء به الجبال الراسيات ، فانَي اتجَه وأين ذهب کان يرى قريشا وغلمانها له بالمرصاد ، وفاطمة الزهراء عليها السلام على صغر سنها ترى کلَ ذلك ، وتساهم مع اُمها في التخفيف من وقع ذلك في نفسه فکانت تتلوى من الألم لما کان يلقي من فادح الاذى وتتجرَع ماکان يکابده المسلمون الاوَلون من اضطهاد مرير.
لقد مدح القرآن الکريم اُناسا خلَدهم بآيات تتلى أناء الليل واطراف النهار إکبارا لمواقفهم ولتفانيهم في سبيل الحق.

وممن خصهم الله تعالى بالذکر الجلي ، واشاد بمواقفهم وفضائلهم وقد روى المؤرخون والمفسرون نزول آيات کثيرة في مدحهم کما خصهم بالثناء في سور شتى تقديرا لسلامة خطهم واعترافا بحسن سمتهم ودعوة للاقتداء بهم.
الزهراء عليها السلام هي کوثر الرسالة في انا اعطيناك الکوثر ، وهي ممن شهد الله لها في سورة الدهر، بانها من الابرار الذين يشربون من کأس کان مزاجها کافورا ويوفون بالنذر ويخافون يوما کان شره مستطيرا وممن يطعمون الطعام على حبه ويؤثرون على انفسهم ولو کان بهم خصاصة ممن صبروا في ذات الله وهي ممن عصمها الله من الذنوب فان الرجس هو الذنب وقد قال الله تعالى بحقها وحق اهل بيتها (انما يريد الله ليذهب عنکم الرجس اهل البيت ويطهَرکم تطهيرا ) سورة الاحزاب 33 .

ومودة الزهراء عليها السلام هي اجر الرسالة ولقد باها بها ابوها أهل نجران في آيه المباهلة حسب جميع المفسرين.
وقد قال الرسول الاکرم صلى الله عليه وآله وسلم في حقها احاديث کثيرة ومنها للايجاز ( ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) و( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن احبها فقد أحبني ) و( فاطمة سيدة نساء العالمين ) ...

لقد عاشت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام محن تبليغ الرسالة الإلهيه منذ نعومة أظفارها وحوصرت مع ابيها واُمها وسائر بني هاشم في الشِعب ولم تبلغ - في بدء الحصار - من العمر سوى سنتين .

وما أن رفع الحصار بعد سنوات ثلاث عجاف حتى واجهت محنة رحيل اُمها الحنونة وعمَ ابيها وهي في بداية عامها السادس ، فکانت سلوة ابيها في تحمَل ومواجة الصعوبات والشدائد تؤنسه في وحدته وتؤازره على ما يلمَ به من طغاة قريش وعتاتهم.

وهاجرت مع ابن عمها (علي بن أبي طالب عليه السلام ) والفواطم ، إلى المدينة المنورة في الثامنة من عمرها الشريف وبقيت إلى جانب ابيها الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم حتى اقترنت بالامام عليَ بن أبي طالب عليه السلام فکوَنت أشرف بيت في الاسلام بعد بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ اصبحت الوعاء الظاهر للسلالة النبوية الطاهرة الشريفة والکوثر المعطاء لعترة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الميامين .

لقد قدمت الزهراء (عليها السلام) أروع نموذج للزوجة  وللامومة العالية في احرج لحظات التاريخ الاسلإمي الذي کان يريد ان يختطَ طريق الخلود والعلى في بيئة جاهلية وأعراف قبليه ، ترفض إنسانية المرأة وتعدَ البنت عارا وشنارا ، فکان على مثل الزهراء (عليها السلام) وهي بنت الرسالة المحمدية الغراء ووليدة النهضة الإلهية الفريدة ان تضرب بسلوکها الفردي والزوجي والاجتماعي مثلا حقيقيا وعمليا يجسد مفاهيم الرسالة وقيَمها تجسدا واقعيا.

قد ثبتت الزهراء عليها السلام انَها الانسان الکامل الذي استطاع ان يحمل طابع الانوثة فيکون آية الهية کبرى على قدرة الله البالغة وابداعه العجيب ، إذ أعطي للزهراء فاطمة أوفر حظ من العظمة وأوفى نصيب من الجلاله والبهاء .

وانجبت الزهراء البتول لعلي المرتضى سيدي شباب اهل الجنة وابني رسول الله «الحسن والحسين» الامامين العظيمين والسيدتين الکريمتين «زينب الکبري وأم کلثوم» المجاهدين الصابرتين .

وقد شارکت الزهراء عليها السلام أباها وبعلها صلوات الله عليهما في أحرج اللحظات وفي انواع الأزمات ، فنصرت الاسلام بجهودها وجهادها وبيانها وتربيتها لاهل بيت الرسالة الذين استودعهم الرسول (صلوات الله عليه و آله) مهمة نصرة الاسلام بعد وفاته فکانت اوَل أهل بيته لحوقا به بعد جهاد مرير ، توزَع في سوح الجهاد مع المشرکين والقضاء على خُطط ومؤمرات المنافقين وتجَلى في تثقيف نساء المسلمين کما تجلى في الوقوف أمام المنحرفين ، فکانت بحق رمز البطولة والجهاد والصبر والشهادة والتضحية والايثار ، حتى فاقت في کل هذه المعاني سادات الأوَلين في أقصر فترة زمنية يمکن ان يقطعها الانسان نحو اعلى قمم الکمال الشاهقة.

وکان رحيلها في اکثر الرويات في الثالث من جمادي الثاني ، وننقل للتبرك جزءا من تابين الامام علي عليه السلام للزهراء ، فقد قيل انه بعد الانتهاء من مراسم الدفن السري والسريع والمختصر ،فعندما هدأت الاصوات ونامت العيون ومضي شطرا من الليل تقدم امير المؤمنين والعباس والفضل بن العباس ورابع يحملون ذلك الجسد النحيف وشيعها الحسن والحسين وعقيل وسلمان وابوذر والمقداد وبريدة وعمار .

ولما انتهت مراسم الدفن في البقيع بسرعة خوفا من انکشاف امره وهجوم الحاقدين والحساد عليهم، نفض الامام يده من تراب القبر هاج به الحزن لفقد بضعة الرسول وزوجته الودود التي عاشت معه الصفاء والطهارة والتضحية والايثار وتحملت من اجله الاهوال والصعاب فارسل دموعه على خديه وحول وجهه الى قبر رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثم قال : السلام عليك يارسول الله عنَي ، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرَة عينك وزائرتك والبائنة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يارسول الله عن صفيتك صبري ، وعفى عن سيدة نساء العالمين تجلَدي ، إلا ان في التأسي لي بسنتك في فرقتك موضع تعزي ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك بعد ان فاضت نفسك بين نحري وصدري وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي ... أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهَد ، لايبرح الحزن من قلبي او يختار الله دارك التي انت فيها مقيم .... وستنبئك ابنتك بتضافر اُمتك عليَ ، وعلى هضمها حقها فاحفها السؤال واستخبرها الحال ، ... الى ان قال عليه السلام : والسلام عليکما يارسول الله سلام مودَع لاسئم ولاقال فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن اُقم فلا عن سوء ظنَ بما وعد الله الصابرين والصبر أيمن وأجمل ... فإلى الله - يارسول الله - المشتکي وفيك - يارسول الله - أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها ورحمة الله وبرکاته . ( بحار الانوار ) .

فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية وهي تحمل کل اوسمة الشرف والسمو وعليها حلل الکرامة.

تصنيف :
كلمات دليلية :