ينبغي ألا تُمنح ايران انتصارا

ينبغي ألا تُمنح ايران انتصارا
الإثنين ٢١ مايو ٢٠١٢ - ١١:٥٨ بتوقيت غرينتش

ان آلة الدعاية الايرانية تعمل، فقد أصبحت صحف طهران تكتب استعدادا لمحادثات بغداد بشأن الذرة الايرانية التي ستبدأ يوم الاربعاء من هذا الاسبوع، أصبحت صحف طهران الرسمية تكتب عن الانجاز الايراني المهم في اعتراف الولايات المتحدة بحق ايران في تخصيب اليورانيوم.

وهذا من جهة يثير غضب الامريكيين الذين ما زالوا لم يمنحوا حتى الآن أي اعتراف كهذا، وهو من جهة ثانية يشجعهم لأنه علامة على ان القيادة الايرانية تُعد الجمهور لتنازلات في المجال الذري مع عرضها سلفا على أنها انجاز كبير للأمة الفارسية. اذا نشأ في نهاية الاسبوع حقا شعور في العالم بأن محادثات بغداد تزيد في أمل تسوية مع ايران (وما يزال هذا مشكوكا كثيرا فيه)، واذا سارع الايرانيون الى عرض نتائج المحادثات على أنها انتصار لهم، فسيثور سؤال كيف سترد اسرائيل على ذلك.
رتبت الحكومة سقفا عاليا لنجاح المحادثات (مثل الغاء كل تخصيب اليورانيوم في ايران، واغلاق منشأة التخصيب في فوردو وغير ذلك)، ويعبر قادتها عن عدم ثقة مطلق باحتمال التوصل بواسطتها الى اتفاق ملزم ذي قيمة. واذا بقي هذا هو الاتجاه فمن المنطقي ان نفترض انه اذا أرضت نتائج المحادثات الدول الاعضاء الدائمة في مجلس الامن والمانيا فانها لن ترضي حكومة اسرائيل التي قد تعرضها على أنها فشل.
يتعلق نطاق الاتفاقات الذي يلوح الآن عشية المحادثات بوقف تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو؛ ونقل كل اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المائة خارج ايران لجعله قضبان وقود للبحث واعادته الى ايران؛ وتمكين مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التوصل الى تغطية كاملة لايران من اجل العثور على اماكن محتملة يتم فيها تخصيب اليورانيوم؛ وتقييد تخصيب اليورانيوم بدرجة 3.5 في المائة ايضا كما يبدو، وكل ذلك في مقابل اسقاط تدريجي موزون للعقوبات وبغير الغاء العقوبة الأساسية الآن ألا وهي وقف استيراد دول اوروبا للوقود في الاول من تموز القريب.
اذا لاح اتفاق واسع كهذا في بغداد هذا الاسبوع (ويصعب اعتقاد ان يمكن التوصل الى ذلك بجلسة واحدة)، فمن الواضح تماما ماذا ستكون سياسة ايران الدعائية: سيكون الادعاء ان الرئيس اوباما الذي يقلقه جدا خطر ألا يُنتخب من جديد، ملزما ان يضمن عدم ارتفاع اسعار الوقود قبل الانتخابات ولهذا يجب عليه التوصل الى اتفاق مع ايران يضمن لها رسميا في اطاره ما أراد منعه الى الآن ألا وهو الحق في تخصيب اليورانيوم.

 

وماذا عن اسرائيل؟
من المنطقي ان نفترض انه اذا كانت هذه هي اتجاهات الفهم فستقول ان الحديث عن اجراء لا يلبي الحاجة الى إفشال قدرة ايران الذرية وان وقف النشاط في فوردو سيكون مؤقتا كما يبدو وان التخصيب بدرجة 3.5 في المائة هو ايضا خطير جدا، وان اسقاط العقوبات حتى لو كان تدريجيا قد يمنح ايران سريعا جدا ما لا تستحق.
سيكون هذا خطأ، وهذا بالضبط ما تنتظره ايران. فعرض اسرائيل الاتفاقات على أنها فشل سيكون من مصلحة آلة الدعاية الايرانية أكثر من كل شيء آخر. واذا كانت اسرائيل ترى الاتفاقات فشلا للغرب واذا كانت ترى الوضع الذي سينشأ على أثرها استمرارا للخطر على الغرب وعليها فذاك علامة على ان الامر انتصار ايراني.
لا أقترح الرقص فوق السطوح اذا تم احراز تفاهمات بين الطرفين، لكن من الواضح انه اذا تم احراز تفاهمات كهذه فسيزول الخيار العسكري في الاثناء. ولن نحرز أي مكسب اذا عرضنا الاتفاق الدولي على انه خطأ شديد وفشل.
سيكون أصح من ذلك ان نعرضه على أنه اجراء تأثر جدا بنضال حكومات اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة علنا وسرا لازالة الخطر الايراني وصرف انتباه العالم اليه.
وسيكون من المهم ان نوضح ان الاتفاق ليس منتهى الامر لأنه يقتضي متابعة لا تنقطع وفتح العيون لضمان ألا تخدع ايران العالم كما فعلت في الماضي.

يوسي بيلين

اسرائيل اليوم

21/5/2012

تصنيف :
كلمات دليلية :