الاسلاميون انتصروا.. كل المصريين اخوان

الاسلاميون انتصروا.. كل المصريين اخوان
الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢ - ١٢:٥٣ بتوقيت غرينتش

لجنة الانتخابات المركزية في مصر أعلنت أول أمس عن فوز الدکتور محمد مرسي، مرشح الاخوان المسلمين، في الانتخابات لرئاسة الدولة. وسيصبح مرسي الرئيس المصري الاول بعد ثورة 25 يناير. قال الرئيس المصري المنتخب في خطاب النصر: في نيتنا الحفاظ على كل الاتفاقات الدولية، التعهدات والالتزامات المصرية مع كل العالم. نحن نتوجه برسالة سلام .

من اعلان اللجنة، بتأخير ثلاثة ايام، وبعد فحص نحو مليون شكوى بالتزييف، تبين أن مرسي فاز بـ 13.230.131 من اصوات الناخبين (51.7 في المائة)، وخصمه أحمد شفيق، حصل على 12.347.380 من الاصوات (48.3 في المائة). معدل المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات لم يكن عاليا وبلغ نحو51 في المائة فقط.
رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو سارع الى تهنئة الفائز بضبط للنفس وقال ان اسرائيل تقدر المسيرة الديمقراطية في مصر . ولكن مصدرا سياسيا رفيع المستوى في اسرائيل عقب بحدة قائلا: 'العالم ضحك علينا حين وصفنا الربيع العربي بالشتاء الاسلامي. والان يرى الجميع ويفهم الى أين وصل الوضع'.
البيان بنتائج الانتخابات كان يفترض أن يصدر في الثالثة عصرا بتوقيت القاهرة، ولكنه تأخر بما لا يقل عن ساعة ونصف. وفقط بعد أن انهى القاضي فاروق سلطان، خطابه الطويل والمضني، جاءت البشرى التي تمناها مؤيدو الاخوان المسلمين. لم يمر وقت طويل وعشرات الالاف منهم ممن تجمعوا في ميدان التحرير في القاهرة بدأوا يهتفون مطولا للرئيس المنتخب. بعضهم أشعل الالعاب النارية ورفع الاعلام المصرية.
'مبروك لمصر'، قالت أمس مقدمة الاخبار في القناة العربية. ولكن يحتمل أن تكون هذه التهنئة موجهة اساسا الى اذان الاخوان المسلمين، الذين يأتي انتصارهم بعد الانتصار في الانتخابات للبرلمان الذي حله المجلس العسكري الاعلى عشية فتح الصناديق في الجولة الثانية.
هذا الانجاز يتعاظم في ضوء حقيقة أن مرسي بدأ حملته الانتخابية متأخرا، فقط بعد أن استبعد ترشيح خيرت الشاطر مرشحا للاخوان المسلمين. استطلاعات سبقت الجولة الاولى تنبأت بان يكون عمرو موسى ورجل الاخوان المسلمين السابق عبد المنعم ابو الفتوح هما اللذان سيصعدان الى الجولة الثانية. في نهاية المطاف كلاهما لم ينجحا في الجولة الاولى.
الاجواء في القاعة في القاهرة التي أمها العديد من الصحفيين عن رئيس مصري اول ينتخب في انتخابات ديمقراطية كاملة كانت تاريخية. قبل لحظة من بدء سلطان الخطاب الذي بشر فيه مصر والعالم كله بهوية الزعيم الجديد للدولة، نهض الحاضرون لسماع النشيد الوطني. وخلف طاولة خمسة اعضاء اللجنة ارتفع علم مصر، الى جانب صورة الصندوق. ويقال في صالح لجنة الانتخابات برئاسة فاروق سلطان انها نجحت، ربما خلافا لما كان متوقعا، بالحفاظ على السرية الشديدة للنتيجة الحقيقية في الوقت الذي سارعت وسائل اعلام مختلفة الى نشر تقارير متضاربة عن هوية المنتصر.
أجواء تاريخية لا تقل عن ذلك سجلت في ميدان التحرير، 'ميدان الثورة'. عشرات الاف المصريين، كلهم تقريبا مؤيدون للاخوان المسلمين، تجمعوا في الميدان في ساعات ما قبل بيان انتصار مرسي للهتاف لمرشح الحركة. في المقر الصغير لاحمد شفيق تجمع بضع عشرات فقط. ومع ذلك، رغم التناقض الكبير بين المعسكرين، فان فارق الاصوات بين الرجلين كان اقل بكثير مما تصورته وسائل الاعلام: 882.751 صوت فقط. في الايام التي سبقت نشر النتائج، قلة من مؤيدي شفيق فقط خرجوا الى الشوارع للتظاهر بوجودهم. نشاطهم، على شبكة 'الفيس بوك' فقط كاد لا يكون ملموسا. يخيل أن هنا ربما أخطأت وسائل الاعلام الغربية والعربية، التي قللت من أهمية جمهور شفيق، الذي طالب بالاستقرار والهدوء في مصر وبالاساس بدولة علمانية.
وهكذا، احد النجاحات الكبرى للاخوان المسلمين في حملة الانتخابات الحالية هو الصاق صورة 'فلول' لشفيق. فضلا عن ذلك نجح الاخوان المسلمون في خلق ميزان رعب جديد في عصر الديمقراطية حين قالوا انه اذا لم ينتخب مرشحهم، فان في نيتهم اشعال مصر. هذه كانت رسالتهم المركزية منذ انتهاء التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات اذا لم يفز مرسي في الانتخابات، 'فسيحرقون النادي'. يمكن القول ان قرار المحكمة الدستورية، عشية التصويت في الجولة الثانية للرئاسة، حل البرلمان، خلق احساسا بالمؤامرة، في أن المجلس العسكري الاعلى يحاول السيطرة على الثورة والغاء نتائج التصويت في الانتخابات للبرلمان. في تأخير شديد، بعد أن كاد ينتهي التصويت في الانتخابات للرئاسة، قرر المجلس ايضا تعديلات على الدستور تمس عمليا بمكانة الرئيس. معنى التعديلات هو أن الكثير من صلاحيات الرئيس في الماضي لن تنتقل الى مرسي بل ستبقى في يد المجلس العسكري الاعلى: الميزانية، السياسة الخارجية، شن الحرب والسيطرة على القوات المسلحة.
منذ يوم الجمعة عزز الحرس الرئاسي المصري الحراسة على مرسي وشفيق. وكذا ايضا على أعضاء لجنة الانتخابات خشية ان يحاول أحد ما تفريغ خيبة أمله عليهم. يمكن التقدير بان القضاة الخمسة الذين وافقوا على الانضمام الى اللجنة لم يتخيلوا أنفسهم ان يصبحوا أبطالا في الدراما الديمقراطية الجديدة أو الجمهورية الثانية لمصر. وبالفعل، امة كاملة وعالم بأسره تابعوا بتوتر شديد الخطاب الطويل لسلطان الذي انتهى بالبيان الاحتفالي عن مرسي بصفته المنتصر الاكبر.
وفقط شيء واحد يمكن قوله لم يتغير ويمكن رؤيته جيدا من خلف ظهر المذيعين في قناة 'الجزيرة' أزمات السير الطويلة كالمعتاد. مشكوك أن ينجح مرسي في أن يحل المشاكل الكثيرة جدا لمصر: الاقتصادية، الاجتماعية وحتى الامنية (شبه جزيرة سيناء هي مثال فقط على ذلك).
ولكن مرسي سيتعين عليه ان يثبت قبل كل شيء بان في نيته ان يفي بوعده في أن يكون 'رئيس الجميع' والامتناع عن تحويل مصر الى دولة اسلامية. وذلك في الوقت الذي سيكون شفيق مطالبا اساسا الا يعرقل الصراع المتوقع بين المجلس العسكري الاعلى وبين الاخوان المسلمين. وبالفعل، سيضطر الرئيس الجديد الى ايجاد السبيل لمنع الافلاس الاقتصادي لمصر، والتأكد من أن الدولة ستواصل تلقي القروض الكبيرة من الولايات المتحدة ومن الاسرة الدولية ولهذا الغرض سيضطر الى ابتلاع الضفدع الذي يسمى 'اتفاق السلام مع اسرائيل'. لقد سبق لمرسي أن اعلن بان ليس في نيته الغاء هذا الاتفاق، ولكن بانتظاره اختبارات غير بسيطة ولا سيما في ضوء ما يجري في قطاع غزة وفي شبه جزيرة سيناء. وفوق كل شيء، مرسي، الى جانب قيادة الاخوان المسلمين، سيضطر الى أن يقرر اذا كان في نيته السير نحو مواجهة مع المجلس العسكري الاعلى أم ربما يجد السبيل الوسط، الذي يسمح لطرفي القوة هذين بان تستقر مصر وتمنح مواطنيها مستقبلا أفضل.
د. محمد مرسي، الذي اعد شهادة الدكتوراة في جامعة كاليفورنيا، مكث في السجن المصري عندما بدأت الثورة. بعد 18 شهرا من ذلك، في سن 61، انتخب للمنصب الذي ليس واضحا ما هي طبيعته: صلاحياته ليست محددة، وبتعابير معينة يخضع لرحمة المجلس العسكري وليس واضحا امام من سيؤدي القسم. ولا يزال الناطق بلسانه يبدو متفائلا إذ قال امس: 'لا توجد كلمات تصف الفرحة في هذه اللحظة التاريخية. مصر ستبدأ مرحلة جديدة في تاريخها'.
آفي يسسخروف
هآرتس
25/6/2012

تصنيف :
كلمات دليلية :