في ظل هجمة التهويد والاستيطان ..

في ظل هجمة التهويد والاستيطان ..
الأربعاء ٠٢ يناير ٢٠١٣ - ١٠:٢٨ بتوقيت غرينتش

تواصل دولة الكيان الغاصب تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة، و بناء المستوطنات غير مهتمة ولامبالية بالاحتجاجات والتنديدات الكلامية العربية والدولية لترسم من خلال هجمتها الاستيطانية التوسعية حدود كيانها النهائية، واضعة المجتمع العربي والدولي أمام (حدود الأمر الواقع).

وتواصل عملية تهويد القدس، وتغيير تركيبتها الديمغرافية، وطمس هويتها الاسلامية / العربية / الفلسطينية لتسقط نهائياً حلم وأمل أن يكون شطرها الشرقي عاصمة لدولة فلسطينية( مازالت بعيدة المنال !!)  وكذلك لتفرض هذا الواقع الصعب والخطير عند العودة إلى المفاوضات التي لا يعرف أحدا متى تبدأ ومتى وكيف ستنتهي ، وماذا ستحقق للفلسطينيين ؟!وهي ان عادت فلن تكون سوى مفاوضات لأجل المفاوضات !.
تنفذ إسرائيل هجمتها الاستيطانية الواسعة / الشاملة، وهي مرتاحة إلى وضعها، فلا ضغوط سياسية أو عسكرية عربية أو دولية تتعرض لها، ولا تهديدات لأمنها، وفي المدى المنظور لاتوجد أية فرصة لإستئناف المفاوضات، والقضية الفلسطينية تراجعت مكانتها لدى الشارعين العربي والاسلامي لعدة أسباب، اهمها انشغال الشعوب العربية بثوراتها على الأنظمة ، وبالثورات المضادة عليها، وانهماك المجتمع الدولي بمصير هذه الثورات.
وهذه الظروف تشكل أفضل فرصة لإسرائيل لتمارس سياستها التوسعية التي تجعل توطين الفلسطينيين حيث هم أمراً واقعاً، لأن عودتهم تصبح شبه مستحيلة بعد اكتمال بناء المستوطنات فيسقط بالتالي (حق العودة ) من جدول أعمال أي مفاوضات مستقبلية ، وكذلك لا تعود القدس موضوع جدل وخلاف يعطلان المفاوضات لأن تهويدها يكون قد اكتمل.
لقد احتلت اسرائيل الارض عام 1948 واغتصبت الجزء الباقي منها عام 1967، لكن الكفاح الفلسطيني المسلح دفعها ودفع المجتمع الدولي إلى الضغط عليها للتفاوض حول الانسحاب من الأرض التي احتلتها عام 67. أما اليوم فقد تراجع هذا الكفاح الى حد التلاشي بسبب انقسام الفلسطينيين أنفسهم ، وقيام حكومتين فلسطينييتين الأولى في الضفة الغربية ،والأخرى في قطاع غزة، وانحسرت الضغوط الديبلوماسية من أجل العودة ـ مجرد العودة ـ إلى طاولة المفاوضات!.
وأمام هذا الواقع المأساوي للقدس المحتلة، واستمرار عملية تهويدها بسرعة قصوى وشاملة، لماذا لايحرك المصير المستقبلي الأسود للقدس المحتلة ولسكانها وعمليات طردهم منها التي تتم بوسائل مختلفة.
وماتسعى اسرائيل من فرض أمرا واقعاً يتناقض مع كل القرارات الدولية ، لماذا لايقوم العرب والمسلمين بعمل جاد لوقف عمليات ابتلاع القدس؟؟؟. لماذا يصمت العرب والمسلمون الى حد الموت عما يحدث للقدس والضفة الغربية ؟؟؟
وللأسف فإنه في الوقت الذي يدفع فيه يهود العالم الملايين والمليارات  لبناء (الهيكل المزعوم) ولتهويد القدس والضفة الغربية، فإن العرب والمسلمون لا يدفعون شيئاً للحفاظ على المسجد الأقصى، وان ميزان القوى القائم إذا ما استمر، فلن تعطي اسرائيل العرب أكثر من حق الصلاة في القدس والآقصى !!... ولن يكون للعرب سيادة على القدس بالتفاوض ،لأن التفاوض يعني للاسرائيليين تكريس التهويد.
وتراهن اسرائيل على أن العرب سيتكيّفون مع الأمر الواقع الذي تفرضه عليهم يومياً". وقد أقر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق أحمد قريع ( أبوعلاء )  بعدم فائدة المفاوضات، واصفاً العقلية الفلسطينية بـ"التجريبية"، والحديث عن حل الدولتين بـ"رياضة فكرية"... داعياً إلى إشراك أطراف عربية ودولية في أهم الملفات كالقدس واللاجئين والأمن، مؤكداً أهمية حل الدولة الواحدة وإبقاءه خياراً حياً. وكشف عن تراجع دور منظمة التحرير "الذي بات في حاجة إلى تفعيل وعناية ورعاية".
وكشف الوزيراللبناني الأسبق ميشال إده( وهو مختص في الشئون الاسرائيلية واليهودية ، وفي الصراع العربي / الاسرائيلي ، ومن المؤيدين للمقاومة الفلسطينية واللبنانية ) عن مخاطر تهويد القدس قائلا: "إن التهويد يتغذى ويستقوي بغياب الدور العربي،بل التخلي العربي الرسمي"، وأن المفاوضات كانت "مجرد أداة بيد اسرائيل انتهزتها لتزرع أرجاء الضفة والقدس بمئات المستوطنات، واعتصام العرب بالصمت أصبح سلاحاً مسنوناً في يد نتنياهو لتسديد الضربة القاضية إلى الشعب الفلسطيني وقضيته والى القدس والمسجد الاقصى والسلام في المنطقة".
وهذا الوضع البائس تنبأ به المفكرالعربي الكبيرالراحل قسطنطين زريق، في حوار معه عام 1994، قال فيه: "نحن أمة متخلّفة، ولا بد من ثورة على الذات، وان الصراع العربي – الصهيوني لن ينتهي لأنه بين حقين وحقيقتين وأمتين مختلفتين، وأن محادثات للتسوية مغامرة ورفضها مغامرة".
ويبقى السؤال المطروح ولا جواب فلسطينياً وعربياً عنه حتى الآن هو: هل ينبغي أن تستعاد الحقوق الفلسطينية والعربية بالقوة والكفاح لأن لا أمل يرجى من مفاوضات فاشلة؟
لكن هذه القوة تحتاج إلى قرار فلسطيني وعربي واحد موحد توضع لتنفيذه استراتيجية مشتركة، فهل في الإمكان التوصل الى مثل هذه الاستراتيجية التي قد تجعل اسرائيل تحسب حساباً لها وتتراجع عن غطرستها وسياستها التوسعية الإستيطانية ؟؟
أم ان التفاوض هو العمل الوحيد المتاح ؟؟
علما ان اسرائيل توافق على التفاوض حول الحدود ، وليس حول الانسحاب لتكسب ارضا جديدة ، بحيث يصبح التفاوض عليها سبباً جديداً لتأجيج الخلافات بدل ان يكون سبيلاً الى الحل، وتستفيد اسرائيل من  الخلافات لتقضم ما تبقى من الارض ببناء المستوطنات.
اما الصواريخ التي يملكها العرب والفلسطينيون فتوجه بكل اسف ضد بعضهم بعضا بدل ان توجه إلى اسرائيل، خصوصاً انها باتت من عناصر حسم المعارك او تحقيق توازن الرعب والخوف.
ــ فما الذي سيفعله العرب والفلسطينيون حيال مخططات اسرائيل وتهويدها للأرض الفلسطينية، واغتصابها لكافة حقوق الشعب الفلسطيني؟!
ــ هل حقا لايملك العرب والفلسطينيون أمام هذا الواقع الصعب والمعقد والمؤلم سوى الصمت ؟؟؟؟؟!!!!
*د. محمد أبو سمره/ رئيس التيار الاسلامي في فلسطين

كلمات دليلية :