العراقي الوطني مع لغة الحوار

العراقي الوطني مع لغة الحوار
الخميس ١٧ يناير ٢٠١٣ - ٠٦:٠٩ بتوقيت غرينتش

يعتبر الحوار الذي يقوم على الثقة المتبادلة، هو الآلية اللازمة لانقشاع الشحن الطائفي من العراق. اذ من غير المعقول لبلاد الرافدين التي قطعت اشواطا بعيدة ومؤثرة وايجابية على مستوى العملية الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير، ان تعود الى نقطة الصفر من جديد.

صحيح ان الاطراف الاقليمية تمارس دورا تخريبيا في هذا الاتجاه، الا ان المصلحة الوطنية تستدعي ان تكون التيارات والاحزاب والكتل السياسية داخل الحكومة او خارجها بمستوى طموحات الشعب العراقي الذي قدم التضحیات الغالیة في سبيل الخلاص من الحكم الدكتاتوري الطائفي البائد وتنفس اریج الحرية.
اذن مادامت تسوية الازمة السياسية الراهنة رهنا بالجلوس الى طاولة الحوار واعتماد لغة المنطق والموضوعية للوصول الى التوافق، فان ماعدا ذلك يندرج في سياق الارهاب المنظم والمغامرة بالثوابت والاولويات والتفریط بأمن الوطن والمواطن، لفائدة الاجندات الخارجية، وتحديدا لتنفيذ الاملاءات الصادرة من السعودية وقطر وتركيا، وهي اطراف معروفة بتوجهاتها الطائفية والعنصرية، وان سلوكياتها الفتنوية في سوريا ولبنان الباکستان والبحرین تبرهن على انها تتأبط شرا لبلدان المنطقة وشعوبها.
في هذا المضمار يبدو ان الحكومة العراقية مطالبة اكثر من ذي قبل بتشديد تدابيرها الامنية وتليين مواقفها السياسية فی ان معا، لتقويض تحركات قوى الردة وبقايا البعث الصدامي والجماعات التكفيرية التي تحاول استغلال الأزمة السياسية والتظاهرات المشروعة وغير المشروعة، من أجل صب الزيت على النار والتصيد في الماء العكر.
واضح ان مصرع عضو مجلس النواب (النائب عیفان العيساوي) فی مدینة الفلوجة بحزام ناسف، هو رسالة ذات مغزى خطیر على صعيد تهديد العملية السياسية والتلویح بإعادة شبح الاغتیالات الطائفية والمجازر الدامية الى العراق.
فقد حذر رئيس الوزراء نوري المالكي من مغبة تسلل قوى الظلام والتكفير بين المتظاهرين في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين، وارتکاب تصفيات جسدية للشخصيات السياسية والعلمائیة والمواطنين الابرياء، بغية توسيع نطاق الاحتقان والتشرذم والانقسام واختلاط الحابل بالنابل واضاعة البوصلة ، خدمة للأجندات الخارجية.
لقد اسلفنا القول ان الحوار هو الوسيلة الناجعة لمقاربة الافكار والرؤى السياسية في بلاد الرافدين، خاصة و نحن نعلم ان عموم الشعب سنة وشيعة واقليات دينية وعرقية، هم مع وحدة العراق ارضا وسيادة واستقلالا علی قاعدة احترام حق المواطنة علی قدم المساواة للجمیع وبلا استثناء.
كما ان غالبیة ابناء المنطقة الغربية يعارضون بشدة تلك المواقف والسلوكيات المحرضة على الحرب الاهلية والتناحرات الطائفية، وهم يعتبرونها ممارسات مدسوسة ومدفوعة الثمن ، ولاتجدي نفعا فی ما یتصل برأب الصدع وجسر الهوة، واعادة المياه الى مجاريها.
الثابت فی هذا المجال ان الحكومة جادة في تلبية المطالب المحقة للمتظاهرين، وقد افرجت عن المئات من السجناء وبضعة عشرات من السجينات، ممن لم تتلطخ ايديهم بدماء العراقيين في طول البلاد وعرضها.
وهنا من المهم القول انه في تلك الظروف التي يفقد فيها بعض السياسيين توازنهم ویتخلون عن وطنیتهم فيلجأون الى دولة خليجية او عربية او الی تركيا للضغط على الحكومة المركزية، والعزف من هناك على الوتر الطائفي، فان المسؤولية الكبرى تقع بشکل مضاعف، على عاتق علماء الدين الافاضل وزعماء العشائر الحكماء والسياسيين الوطنيين لاقناع المواطنين على اختلاف مشاربهم، ومستويات تفكيرهم بوجوب تجنب الانجراف الی الشراك والافخاخ التي نصبها اعداء العراق الخارجيون والمحليون فی سبیل توریط البلاد بالصراعات الجانبیة وسوقها نحو الهاوية.
فقد ذاق الشعب العراقي ويلات الحرب الطائفية وتداعياتها التدميرية واكتوى ابناؤها مسلمين ومسيحيين وصابئة، عربا واكرادا وترکمانا بنيرانها ، وازاء ذلک فانه من غير الوارد ولامن الحكمة بمكان، تكرار مشاهدها المروعة في اية محافظة او مدينة او قرية، لان المثل يقول (من جرب المجرب حلت به الندامة).
وعلى هذا الاساس ينبغي ابتداء توفير اجواء المحبة والانسجام والتواصل، ابتغاء تهيئة المناخ الصحي والموضوعي لاطلاق الحوار الجاد القادر على تقوية اللحمة الوطنية وحمايتها من الاجرام التكفيري والايحاءات الجهنمیة.
حمید حلمی زادة