العباس .. رمز البطولة والوفاء والولاء لامام عصره

العباس .. رمز البطولة والوفاء والولاء لامام عصره
الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٣ - ٠٨:١٩ بتوقيت غرينتش

في اليوم الرابع من شهر شعبان المبارك سنة (26 ) للهجرة ازدهرت المدينة المنورة واشرقت الدينا بمولد "ابي الفضل العباس" بن الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام، وبمولده أضاف إلى الهاشميين مجدا خالدا وذكراً نديّاً عاطرا.

قال الامام السجّاد عليه السلام: رحِمَ اللَّهُ العَبّاسَ آثَرَ و أبلى وفَدى أخاهُ بِنَفسِهِ

ليس في دنيا الاَنساب نسبٌ أسمى، ولا أرفع من نسب أبي الفضل فهو من صميم الاَسرة العلوية، التي هي من أجلّ وأشرف الاَسر التي عرفتها الاِنسانية في جميع أدوارها، تلك الاَسرة العريقة في الشرف والمجد، التي أمدّت العالم الاِسلامي بعناصر الفضيلة، والتضحية في سبيل الخير، وما ينفع الناس، وأضاءت الحياة العامة بروح التقوى، والاِيمان، وهذا عرض موجز للاَصول الكريمة التي تفرّع قمر بني هاشم ، وفخر الاسلام.


أمّا الأب فهو الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وصيّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، وباب مدينة علمه، وزوج سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بضعة الرسول الاكرم، وهو أول من آمن بالله، وصدّق رسوله وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وهو بطل الاِسلام، والمنافح الاَول عن كلمة التوحيد، وقد قاتل الاَقربين والاَبعدين من أجل نشر رسالة الاِسلام وإشاعة أهدافه العظيمة بين الناس، وقد تمثلت بهذا الاِمام العظيم جميع فضائل الدنيا، فلا يدانيه أحد في فضله وعلمه، وهو ـ بإجماع المسلمين ـ أثرى شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته بعد الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهو غنّي عن البيان والتعريف.
 

أمّا الاَم الجليلة المكرّمة لاَبي الفضل العباس ( عليه السلام ) فهي السيدة الزكية فاطمة بنت حزام بن خالد.. ، وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الاَضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الاَسر العربية، وقد عُرفت بالنجدة والشهامة، وأشتهرت
بالنبل والبسالة ومراعاة العهد.


وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا أبو الفضل العباس ( عليه السلام )، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الاَسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره.


وحينما بُشِّر الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله، وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى،  لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الاِيمان والتقوى في الاَرض، وأنشودة ذلك الصوت.. « الله أكبر... ».. « لا إله إلاّ الله ».


وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الاَنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل، وانطبعت في دخائل ذاته، حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.


لقد كان العباس عليه السلام رمز البطولة والتضحية والفداء وقدوة النصر والاقدام والنجدة والولاء ومعجزة الامام علي عليه السلام لنصرة واثبات الحق الحسيني الالهي، ومجمعاً للفضائل، وملاذاً للخصال الحسنة الشمائل وكان ذا قوة روحية هائلة، وطبيعة بنائه الجسدي تخدم قوته المعنوية والروحية.. فامتزجت فيه قوة الروح وقوة الجسد، وأضيفت إليهما النخوة الهاشمية، والشجاعة الحيدرية، والقوة الالهية، والايمان الحسيني، والأخوة الصادقة، والطاعة والولاء، والعزة والكرامة، والحرية والرفعة ..


سمّى الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وليده المبارك (بالعباس) وقد استشفّ من وراء الغيب انه سيكون بطلاً من أبطال الاِسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لاَهل البيت عليهم السلام، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء ، ويقول الشاعر فيه:
عبست وجوه القوم خوف الموت      والعبّاس فيهم ضاحك متبسّم


احتلّ أبو الفضل ( عليه السلام ) قلوب العظماء ومشاعرهم ، وصار أنشودة الاَحرار في كلّ زمان ومكان، وذلك لما قام به من عظيم التضحية تجاه أخيه سيّد الشهداء، الذي ثار في وجه الظلم والطغيان، وبنى للمسلمين عزّاً شامخاً، ومجداً خالداً.


لقد أبدى أبو الفضل يوم الطف من الصمود الهائل، والارادة الصلبة ما يفوق الوصف، فكان برباطة جأشه، وقوّة عزيمته جيشاً لا يقهر فقد أرعب عسكر ابن زياد، وهزمهم نفسيّاً، كما هزمهم في ميادين الحرب.


انّ شجاعة أبي الفضل وعلمه وايمانه وتقواه وسائر مواهبه ومزاياه مما تدعو إلى الاعتزاز والفخر ليس له وللمسلمين فحسب، وإنما لكل إنسان يدين لإنسانيته، ويخضع لقيمها الكريمة.
وبالاِضافة إلى ما يتمتّع به أبو الفضل العباس، من البطولات الرائعة فانّه كان مثالاً للصفات الشريفة، والنزعات العظيمة، فقد تجسّدت فيه الشهامة والنبل والوفاء والمواساة ، فقد واسى أخاه أبا الاَحرار الاِمام الحسين ( عليه السلام ) في أيام محنته الكبرى، ففداه بنفسه ووقاه بمهجته، ومن المقطوع به أن تلك المواساة لا يقدر عليها إلاّ من امتحن الله قلبه للاِيمان، وزاده هدى.


لقد استشهد أبو الفضل العباس من أجل المبادئ العليا التي رفع شعارها أبو الاَحرار أخوه الاِمام الحسين ( عليه السلام )، والتي كان من أهمّها أن يقيم في هذا الشرق حكم القرآن، وينشر العدل بين
الناس ويوزّع عليهم خيرات الاَرض ، فليست هي لقوم دون آخرين.
لقد استشهد أبو الفضل من أجل أن يعيد للاِنسان المسلم حرّيته وكرامته، وينشر بين الناس رحمة الاسلام، ونعمته الكبرى الهادفة لاستئصال الظلم والجور ، وبناء مجتمع لا ظلّ فيه لأي لون من ألوان الفزع ، والخوف.


السلام عليك يا ابا الفضل العباس بن امير المؤمنين، السلام عليك يابن سيد الوصيين ... اشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولاخيك فنعم الاخ المواسي فلعن الله امة قتلتك ولعن الله امة ظلمتك ولعن الله امة استحلت منك المحارم وانتهکت حرمة الاسلام فنعم الصابر المجاهد المحامي الناصر والاخ الدافع عن اخيه المجيب الی طاعة ربه الراغب فيما زهد فيه غيره من الثوار الجزيل والثناء الجميل..

تصنيف :