كيف سيتعامل لبنان مع الاتفاق الروسي ـ الأميركي؟

كيف سيتعامل لبنان مع الاتفاق الروسي ـ الأميركي؟
الإثنين ١٤ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠١:٠٧ بتوقيت غرينتش

دخلت الازمة السورية ببعديها السياسي والعسكري مرحلة الخيارات الواضحة، اذ ان الضبابية تراكمت خلال اكثر من عامين ونيف من الحرب المقفلة الأفق في سوريا، ما خلّف إرباكاً كبيراً في رسم التوجهّات للمعنيين مباشرة بتلك الحرب، سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى القوى الإقليمية المؤثرة في هذه الحرب، وسط كباش عربي – اقليمي ـ دولي لم تشهد له المنطقة مثيلا، جاء الاتفاق الروسي – الاميركي ليضع خريطة الحل على طريق التسوية الفعلية وفق صيغة مرحلية تقوم على قاعدة “افضل الممكن”.

ومع تبلور ملامح التسوية في سوريا، بدا أن الدول والقوى المؤثرة والمتأثّرة بتلك الحرب بدأت تعيد ترتيب أوراقها على عجل تحسّباً لما قد ينتج عن تلك التسوية، واستدراكاً للتداعيات التي يمكن أن ترتد سلباً عليها.

أما في لبنان، فإن المؤشرات التي التقطها عدد من السياسيين دفعت لإعادة قراءة متأنّية للوقائع والحسابات، وهو ما ساهم في عملية خلط الاوراق الداخلية، ما يؤشر بالتالي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة فرز سياسي يؤسّس لصورة مختلفة عن الواقع الراهن.

“مصالح الكبار حددت المسار للأزمة السورية، حيث اصبحت الشعارات، على تنوعها، بمثابة عبث صغار خارج المعادلات ولن يلتفت اليهم احد”، هذا ما يرد في تقرير ديبلوماسي يتناول تطورات الازمة السورية، والذي يشير الى “مفاجآت ستحصل في اصطفافات القوى المتصارعة بدأت ملامحها تظهر تباعا، مع وجود قنوات تواصل وحوار غير معلنة بين مسؤولين في المعارضة، وتحديدا الجيش السوري الحر ومسؤولين في النظام السوري”.

ويوجز التقرير ابرز معالم المرحلة المقبلة سوريا بالقول: “ان الصراع المسلح بين فصائل المعارضة السورية، الموزعة بين الجيش السوري الحر والتنظيمات الكردية من جهة وتنظيمات جبهة النصرة وداعش من جهة ثانية، هو ضمن سيناريو مخطط له جارّ تنفيذه من حيث يعلم المتصارعون او لا يعلمون، بما يمهد الطريق ويزيل العقبات من امام الحل في سوريا من دون اي تدخل عسكري خارجي، ومن دون ان تتكبد الدول الكبرى اي خسائر بشرية او مادية”.

كيف يجري ذلك؟ يوضح التقرير ان “وزيري خارجيتي كل من روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة الاميركية جون كيري، اتفقا على حتمية عقد مؤتمر جنيف ـ 2، على ان تقبل المعارضة التفاوض مع النظام السوري تحت سقف الرئيس بشار الاسد، والاخير وافق، غير ان جبهة النصرة وداعش خرجتا فجأة على المعارضة الممثلة بالائتلاف الوطني السوري، واعلنت حربا عليه من خلال بدء السيطرة على المناطق التي تقع تحت سلطة الجيش السوري الحر، متهمة الائتلاف بالتآمر والخيانة”.

يشير التقرير الى ان ذلك “يعني السعي للوصول الى اتفاق عملي قابل للتنفيذ يبعد المجموعات المسلحة المتطرفة ويحصرها، ويؤمّن دمج الجيش السوري الحر والتنظيمات الكردية بالجيش السوري النظامي، ومن ثم يقوم هذا الجيش بتطهير سوريا من كل المجموعات المتطرفة، بحيث تتحول هذه المهمة الى واجب وطني على السلطة والمعارضة معا”.

ويؤكد التقرير “ان هذا التحول او الانقلاب الجذري في مسار الازمة السورية، والذي سيحصل بتوافق اقليمي – دولي، ستكون ذروته في مؤتمر جنيف ـ 2 حيث الحل السياسي الشامل من منطلق ان الشعب هو الذي يقرر ويختار بلا ضغط او ترهيب او ترغيب، وتحت العين والمجهر الدوليين”.

ماذا عن التداعيات اللبنانية؟ يكتفي التقرير بالإشارة الى ان “لبنان بإمكانه الاتكال بنسبة كبيرة على المظلة الدولية التي تريد الحفاظ على الاستقرار فيه، وعليه الانخراط مع دول المنطقة ايجابا من ضمن التفاهم الروسي – الاميركي لحل الازمة السورية، خصوصا ان موقفه الرسمي كان ولا يزال من دعاة الحل السلمي بعيدا من العنف وضد التدخل العسكري الخارجي”.

*السفير-داود رمال