التفوق الايراني والمواقف السلبية لبعض جيرانها

التفوق الايراني والمواقف السلبية لبعض جيرانها
السبت ١٤ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٤:٣٠ بتوقيت غرينتش

الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الدول الكبرى 5+1 الذي وقع في جنيف في 24 نوفمبر 2013 ، فاجأ الكثيرين من دول المنطقة ، وكانت ردود افعال الكثير منها مرحبة ولكن كانت مواقف العديد من دول المنطقة غاضبة وحانقة، ليس فقط ضد ايران ، بل ضد الولايات المتحدة وسلطنة عمان وبعدها القوى الكبرى الموقعة على الاتفاق .

منذ ذلك التاريخ وحتى الان ، لم تبخل وسائل الاعلام التابعة لدولة في المنطقة وقفت موقف سلبي من الاتفاق، بعشرات المقالات ضد هذا الاتفاق ووصف ايران التي وقعت الاتفاق بمختلف الاوصاف ، وكأن ايران قد ارتكبت المحرمات بالتوقيع على هذا الاتفاق .
فصمت المسؤولين الايرانيين تجاه ما يحلو لكتاب ومرتزقة ومسؤولي هذه الدولة التي تصرف مليارات الدولارات على الاعلام من طرح افتراءات وتخرصات ضد ايران ، لم يكن بسبب العجز في الرد على هذه الابواق المأجورة ، بل ان المسؤولين الايرانيين يترفعون عن التلاسن والرد على تصريحات المسؤولين في ذلك البلد ويحاولون بشتى السبل ان لا يسدوا طريق العودة لهذه الدولة التي عملت منذ انتصار الثورة الاسلامية على توجيه الضربات للثورة وقادتها.
فاتفاق جنيف، كما هو معروف للجميع، وقع بعد مفاوضات صعبة بين الجانبين، وتضمنت نقاطه ما يتعلق بالملف النووي الايراني وبنود الاتفاق اعلنت من جانب القوى الكبرى وايران ، وليست هناك بنود سرية حول قضايا المنطقة والتمدد الاقليمي ، كما يحلو للعديد من الكتاب قوله .
ايران، اتفقت مع القوى الكبرى حول ملفها النووي لرفع العقوبات الظالمة عليها ، ولم يكن هدفها المعاملة على حساب اية دولة من دول المنطقة ، فالحوار بين الولايات المتحدة وايران بدأ بعد محاولات امريكية عديدة في السنوات الثلاثين الماضية لبدء حوار بين الجانبين .
كانت الولايات المتحدة قد ادركت قبل دول المنطقة بأهمية ومكانة ودور ايران وحاولت الحوار معها ، نظرا لما تتمتع به ايران من موقع جغرافي وامتلاكها مصادر الطاقة والمناجم وان التجارة معها ستكون مربحة نظرا لعدد سكانها وقدرتهم الشرائية واستهلاكهم لأحدث الاجهزة والمعدات .
ولكن بعض دول المنطقة ، اعرب عن خشيته من الحوار الامريكي الايراني وهدد الولايات المتحدة باعادة النظر في علاقاته معها ، ولكن الامريكيين نفذوا ما كانوا قد قرروه ، وبدأوا الحوار مع ايران وساعدوا على تذليل المصاعب في سبيل التوقيع على اتفاق جنيف وتم التوقيع على الاتفاق .
ولم تنته الامور بالتوقيع على الاتفاق ، بل ان دولة في المنطقة ، بدأت بعد التوقيع على الاتفاق العمل على اسقاطه متذرعة بان الاتفاق يطلق يد ايران في المنطقة ويجعلها تقوم بدور اكبر على حساب دول المنطقة .
وها هي وسائل اعلامها ، لم تتردد من الهجوم على الاتفاق وتوجيه التهم جزافا لايران ومنها لعبها دورا اكبر في المنطقة والتدخل في شؤون دولها وخاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن والزعم بالعمل على تفكيك مجلس التعاون، وملئها الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من منطقة الخليج الفارسي و ...
هذه التهم وغيرها ، لم تغير من قناعة المسؤولين الايرانيين من أن ما قاموا به هو الصحيح وان ما يقوله الآخرون الا ردود فعل ناجمة عن ضعفهم وعجزهم عن مواكبة التطورات العالمية التي تكتسح من يتقوقع في مكانه ويكتفي بردود الفعل بدلا من التعامل مع الاخرين والقيام بدور ايجابي في العالم المعاصر.
الايرانيون، يواصلون طريقهم غير مكترثين بمن يعجز عن دركهم ويحاول التصيد في الماء العكر ، ويضع العقبات في طريق تقدمهم .
الشعب الايراني لديه همومه وقضاياه وليس لديه الوقت لسماع اصوات النشاز ومقالات الكتاب المعقدين المأجورين الذين لا هم لهم سوى تدبيج المقالات لمدح اولياء نعمهم والانتقاص من الآخرين .
الايرانيون غير مبالين ، بما يقوله الجهلاء الذين يعيشون اجواء القرون الوسطى ويواصلون العمل على تنفيذ ما يمليه عليهم الشيوخ السلفيون الذين يبيحون دماء بني البشر ويسمحون لاتباعهم بالقتل على الهوية ، واكل الاكباد وذبح الرجال والنساء بالخناجر والمدى كما فعل اباءهم في القرن الاول من الهجرة بآل رسول الله  في كربلاء.
هؤلاء ، الذين يتبعون زعماء ، لا يعرفون معنى لحقوق الانسان ولا يدركون ما هي الديمقراطية ولا يسمحون باجراء انتخابات في بلدانهم ، لان شيوخهم يعتبرون الديمقراطية سلعة غربية مستوردة لا تلائم الشعوب العربية .
هم يتحكمون في رقاب ابناء شعوبهم ، بحيث يمنعون المرأة حقوقها ، ويطلقون ايادي الامراء في التحكم في البلاد والعباد. وهؤلاء يريدون ان يحكموا شعوب المنطقة بافكارهم البالية وخططهم العتيقة، ويطلبون من ايران الدخول في حوار معهم .
ولكن ايران ، لا تبالي بما يقولون ويزعمون، فالعالم أدرك موقع ايران ومكانتها وقدراتها الذاتية ، كما ادرك العالم حقيقة دول المنطقة التي تعادي ايران ووزن وثقل كل دولة من دول المنطقة. فقدرة الدولة لا تقاس بوسائل اعلامها ومجموع مرتزقتها بل تقاس برجالها وخططها ونشاط شعبها وانتاجها واختراعاتها واكتشافاتها وتقدمها العلمي. 
*شاكر كسرائي