التحالف الاسرائيلي السعودي ، هل سيرى النور؟

التحالف الاسرائيلي السعودي ، هل سيرى النور؟
الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠١:٢٨ بتوقيت غرينتش

يبدو ان تحالفا جديدا بين "اسرائيل" والسعودية على وشك الوقوع، بعد اتصالات جرت على اعلى المستويات بين الامراء السعوديين والزعماء الاسرائيليين في العواصم الاوروبية والزيارات السرية التي قام بها مسؤولون سعوديون للكيان الصهيوني حسب وسائل الاعلام العالمية .

اذن الحلف ربما يرى النور قريبا، ولكن سوف لن  يعلن عنه خوفا من ردود فعل داخلية سعودية وعربية .فالجانب الاسرائيلي لا زال منذ الاتفاق النووي في جنيف في 24 نوفمبر 2013 يشجع السعوديين على التحالف للوقوف في وجه ايران ، وها هو الكاتب الاسرائيلي دافيد شاين يكتب مقالا تحت عنوان "عدو عدوي صديقي "  في صحيفة معاريف بتاريخ 22 ديسمبر 2013 يشجع السعودية على التحالف مع "اسرائيل" باعتبارها العدو الاكبر لايران .

فالكاتب الاسرائيلي يرى بان التحالف الاسرائيلي السعودي كان يمنعه سابقا عدم قبول "اسرائيل" بالمبادرة السعودية لحل النزاع الاسرائيلي العربي ، ولكنه يرى بانه لا يجب  استبعاد هذه الامكانية فضلا عن ذلك فان على "اسرائيل" أن تتطلع الى التقارب مع السعوديين أكثر من أي وقت مضى. لان التهديد الايراني يقلق السعوديين اكثر بكثير من المسألة الفلسطينية.

وبالضبط مثلما وقع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاق سلام مع "اسرائيل" انطلاقا من الفهم بان التحالف مع "اسرائيل" افضل له من استمرار النزاع، هكذا يمكن التوقيع على اتفاق مشابه مع السعودية.

وينهي الكاتب الاسرائيلي مقاله بالقول : يمكن الوصول الى اتفاق مشابه مع السعودية. هذا سيكون حلف مصالح للطرفين يوازن التهديد الايراني. بمعنى أن الشرق الاوسط يوجد في مفترق طرق، وحلف كهذا يمكنه أن يرسم خريطة الطريق من جديد. حذار على "اسرائيل" أن تفوت الفرصة.

ولكن كاتبا اسرائيليا اخر وهو دوري غولد مندوب "اسرائيل" السابق في الامم المتحدة  كتب مقالا في صحيفة اسرائيل اليوم بتاريخ  22/12/ 2013 بعنوان  :  " اسرائيل والسعودية: هل ستجسر المصالح الهوة؟"  اشار فيه الى التعاون الاسرائيلي السعودي في القرن الماضي ونقل عن  بروس رايدل، أحد الخبراء الأوائل في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في شؤون الشرق الاوسط، كيف وجدت "اسرائيل" والسعودية نفسيهما في ذات الجانب في مواجهة سياسة التوسع لمصر الناصرية. مشيرا الى أن السعودية توجهت لتلقي مساعدة من "اسرائيل" لتقديم المعونة لقوات الامام في اليمن.

وأُديرت الحملة تحت اشراف رئيس المخابرات السعودية كمال أدهم، وفي اطارها نقلت طائرات اسرائيلية مساعدة الى قوات الامام بين أعوام 1964 1966.
كما اشار الى تعاون آخر بين السعودية و"اسرائيل" من خلال فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز، المفتي الرئيس في السعودية في سنة 1994 سمح باتخاذ سياسة مصالحة مع "اسرائيل" بما في ذلك تبادل السفراء، اذا كان الامر يخدم المصلحة القومية للزعيم المسلم.

ومع أن بن باز كتب عن هدنة مع الدولة اليهودية يمكن الغاؤها مع تغيير موازين القوى الاقليمية، إلا أن الفتوى كانت خطوة اولى في تفكير جديد في المملكة. ” وكان موقف بن باز قد منح زعماء السعودية المستقبليين حرية المناورة لتشجيع مبادرات دبلوماسية مع "اسرائيل"، عندما تقرر القيادة السعودية مثل هذه الخطوة. ومن الصعب أن نقرر ما هو مدى تأثير فتوى الشيخ بن باز على الملك عبد الله حين نشر مبادرة السلام السعودية في 2002.

ويستنتج الكاتب الاسرائيلي مما تقدم : انه رغم الخلافات، وجدت "اسرائيل" والسعودية نفسيهما في ذات الجانب من المتراس في الازمات الكبرى التي ألمت بالشرق الاوسط من عهد ناصر وحتى صدام حسين. والوضع اليوم مشابه في ضوء التهديد الايراني. ويفيد التاريخ بأن الدول التي تعرضت لتهديد ملموس مشترك، عرفت كيف تتغلب على الخلافات بينها وتجد السبيل للتعاون.

ولكن الكاتب العربي نواف ابو الهيجاء يرى في مقال بعنوان : دول الخليج (الفارسي ): البحث عن صديق ،  بأن دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين  نتنياهو بعد عودته من نيويورك إلى تشكيل حلف أو محور يضم دولا عربية خليجية و"إسرائيل" في مقابل إيران، هل جاءت  من فراغ أم انه يدعو إلى أمر حلم به؟

ويضيف : لا يمكن ان يكــون الصــدى من غير صــوت. بالتــالي فما قاله نتنياهو جــاء بعد أحــاديث وأخــبار حفلت بها أجهزة الإعلام الصهيونيــة عن اتصــالات جــرت في نيويورك بين مسؤولين عرب خليجــيين ومسؤولين صهاينة على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقيل أيضاً أن بعضاً من المسؤولين العرب زاروا سرا الكيان الصهيوني ـ جاءت هذه الأخبار بعد انعطاف الأحداث والعلاقات بين الغرب عموما وأميركا خصوصا مع الجانب الإيراني اثر الاختراق الذي حدث في أثناء زيارة رئيس الجمهورية الإيراني للأمم المتحدة والهاتف الذي هز أركان بعض الجهات الخليجية بين أوباما والرئيس الإيراني.

ويقول الكاتب : الهاجس الخليجي هذا يتقاطع مع الهم الاسرائيلي. الطرفان الخليجي و"إسرائيل" رغبا بتوجيه ضربة عسكرية كبيرة للنظام في سوريا ورغبا ايضا بممارسة المزيد من الضغط على ايران بشأن برنامجها النووي.

هذه التطورات أقلقت العرب الخليجيين كثيراً، وهم يرون أن إيران بالنسبة لهم عدو خطير وقريب جدا وهو عدو قادر ويخشى ان يعقد هذا العدو صفقة كبرى مع واشنطن لا تتوقف عند حد الملف النووي الايراني، بل تتجاوزه إلى سوريا وفلسطين دفعة واحدة.

البحث عن صديق جديد دعوة ظهرت وتشير  إلى أن الصديق (الجديد) هو "اسرائيل". والتحالفات المنفرطة والمبعثرة للقوى المتصارعة على أرض سوريا وضد سوريا وعليها تؤكد أن السعودية يمكن ان تذهب بعيداً في دعمها للقوى التي كانت في حالة تناقض مع السياسة السعودية من «جبهة النصرة» إلى «داعش» و«الجيش الحر».

وينهي الكاتب مقاله بالقول : ان ما يجمع هذا الخليط العربي الصهيوني يمكن ان يطفو قريبا على سطح الأحداث فيصبح ما كان سراً معلنا وعلى رؤوس الأشهاد ومن دون أي خوف من الشارع العربي وغضبته، فالشارع منهمك اليوم في مشكلاته في الكثير من البلدان العربية، وفي المقدمة منها مصر، التي لا يراد لدورها القومي ان يعود، ليتقهقر عهد الصغار الذين تحكموا في مسار الجامعة العربية وجعلوها تتخذ قرارات بالضد من ميثاقها ومن الأواصر والروابط العربية.ويتساءل  "هل نحن أمام تشكل محور يضم "إسرائيل" ودولا عربية خليجية؟ ويجيب : الأيام المقبلة تحمل الكثير من الاحتمالات الأسوأ هو بروز هذا المحور.

السعودية التي تبحث عن صديق جديد وهو "اسرائيل" لمواجهة ايران الاسلامية كيف يمكن لها تبرير ذلك وهل تتوقع سكوت السعوديين على ما تقرره من قرارات لصالح الصهاينة ودعم دولتهم .

أما السعوديون الذين لا يمكنهم ان يقبلوا يوما تطبيعا في علاقات بلادهم مع "اسرائيل" ، فسيكون موقفهم من نظام بلادهم موقفا سلبيا ، لان هذا النظام  سيمد يده الى الصهاينة لطلب العون والمساعدة منهم ، هؤلاء الذين لا يتورعون ارتكاب الجرائم و قتل الفلسطينيين يوميا ، والغارة التي شنتها الطائرات الاسرائيلية يوم الثلاثاء 24-12-2013 على غزة خير شاهد على وحشية الصهاينة.

*شاكر كسرائي