الدفاع عن إسرائيل ، فرض عين، ليس فرض كفاية

الدفاع عن إسرائيل ، فرض عين، ليس فرض كفاية
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤ - ٠١:٠٤ بتوقيت غرينتش

البعض في الائتلاف السوري المعارض يجاهر بصداقته للكيان الصهيوني ، بعض القيادات الكردية لها علاقات خاصة و تقدمة جدا مع إسرائيل ، محمد مرسى لا يرى مانعا من النداء على شمعون بيريز صاحب مجزرة قانا و عديد المجازر التاريخية الأخرى “بعزيزي شمعون بيريز ” ، ما كتبه ” التاريخ” عن علاقات حسنى مبارك بعزرا ويزمن وزير الدفاع الصهيوني السابق و بعض قيادات إسرائيل لم يعد سرا ، العائلة الهاشمية من ألفها إلى يائها لا تخفى علاقتها المتقدمة جدا بالجار الصهيوني

البعض في ائتلاف 14 آذار له ملفات خاصة في الموساد تحكى وقائع غدره و عمالته و خيانته لشعب اللبناني و للمقاومة اللبنانية و العربية ، الأمير بندر بن سلطان يقوم على مؤسسة مخابرات همها الوحيد توفير الراحة النفسية للشعب الصهيوني و ذلك بالعمل على إضعاف كل دولة عربية أو حزب مقاوم يتأبط شرا بهذه الدولة الشرير ة التي أتى بها رحم قلة الذمة و الأخلاق الغربية ، الأمير القطري المتقاعد أو المقعد حمد بن خليفة سخر كل بتروله و “جزيرته” و عملاء مخابراته لخدمة الهدف المقدس ، حماية إسرائيل.

من الذي تبقى أو نسينا ، طبعا و لا شك ، الإخوان المسلمون ، الجماعات الإرهابية السلفية التكفيرية ، بعض “علماء المسلمين” و بعض تجار التأويل الديني المنتصبين كالفقاقيع المسمومة ببعض المحطات الفضائية الخارجة عن سيطرة أهل “الرقابة” في قمر النايل سات الذي تشخص عيونه و تتابع فقط ما تبثه قنوات سوريا “الضعيفة” و تسعى لعرقلة وصول الصوت و الصورة بكل الطرق للمتابع العربي حتى لو أدى الأمر للضغط على الخطوط الهرتيزية الدولية لتسعى من جانبها لقطع البث عن الفضاء السوري ، الإخوان المسلمون همهم الوحيد هو الدفاع عن الكيان الصهيوني حتى لا ينالهم بأس الولايات المتحدة الأمريكية ، الجماعات الإرهابية السلفية خلقت من رحم المخابرات السعودية التي هي جزء من المخابرات الصهيونية الأمريكية ، و مجرد تتبع عائلة النسب ستؤدى بالمتابع الفطن إلى هوية هذه الجماعات و من يسطر أهدافها و من يدفع لها و من يغذيها بالفكر و السلاح ، “علماء المسلمين ” ، هم هؤلاء الذين يشبهون الشيخ القرضاوى في خطابه و في سوء نقلهم للقران و السنة ، الذين يشعلون الحرائق المتواصلة في ثياب الأمة العربية حتى لا تنطفئ نار إلا لتشعل أخرى .

لماذا أصبح الدفاع عن الكيان الصهيوني فرض عين لدى بعض الأقلام “العربية” و وسائل التوجيه المعنوي الفضائية ؟ المسألة على غاية من البساطة ، أولا ، لان الغربة الوجدانية الفكرية عن مشاغل الأمة و همومها بفعل الفهم الخاطئ للمخططات الغربية قد ذهب بهذه الوسائل الإعلامية إلى أن الكيان الصهيوني هو كيان مظلوم و أن هؤلاء اليهود الذين عاشوا عقودا في الدول العربية لا يمثل وجودهم في فلسطين خطرا على المصالح العربية بل هناك من يدعو إلى فيدرالية بين فلسطين و الصهيونية العالمية ، ثانيا ، لان منسوب الاعتقاد في قدرة العرب مجتمعين على رد الاحتلال الصهيوني الغربي لفلسطين قد تضاءل مع الوقت و بات هناك اقتناع متزايد و متصاعد أن الحل بيد أمريكا و أنه لا هروب من الجلوس على نفس مائدة الأكل السياسية مع العدو الصهيونية ، ثالثا ، لان هناك من الأنظمة العربية مثل قطر و السعودية من سخر أدوات إعلامية مثل قناة الجزيرة و العربية لمحو الذاكرة العربية و جر الشعوب العربية إلى وجهة القبول بإسرائيل كدولة صديقة .

لقد فرض البعض على الشعوب العربية حالة من الحصار الذهني المتواصل لغاية إخضاعها فكريا لعلمهم أن هناك حصانة وجدانية عربية و رفضا متفقا عليه تمنع تسرب الفيروس الصهيوني إلى الأذهان ، و حتى بعض الأقلام التي لا زالت تحتفظ بذاكرة عربية نشطة فهي تعانى من حالة اختناق و حصار يومي حتى تستسلم للقدر الصهيوني المحتوم و تبايع هذا التغلغل الصليبي الصهيوني في جسد منهك بفعل الهزات الاجتماعية الداخلية و حالة الديكتاتورية الشمولية التي تمارسها زعامات فاقدة لكل المعايير الأخلاقية ، من هنا نفهم لماذا أصبح الدفاع عن الوطن فرض كفاية و الدفاع عن الصهيونية العالمية فرض عين على كل الأقلام اللاهثة وراء تلابيب الصهيونية لشغل ” مقعد ” في جائزة نوبل أو الحصول على صورة مع صاحب نوبل للسلام الرئيس باراك أوباما ، و من هنا يجب الحديث على أن ما يحدث في سوريا هو إفراز من إفراز الواقع الإعلامي العربي الذي أصبح رديفا للمنظومة الإعلامية الصهيونية للسيد روبرت ميردوخ بعد أن حول المنظمات و الجماعات الإرهابية التي تمارس القتل إلى ثوار و بحث عن الذرائع المضللة لإسقاط مفهوم بائس لثورة قذرة على كل الدمار الذي يحصل في بلاد الشام .

تعتبر مبادرة السلام السعودية المقدمة في قمة بيروت آخر التسهيلات المقصودة للتطبيع المجاني مع العدو الصهيوني ، بل لنقل أنه كما كان لاتفاقية ” السلام” المبرمة بين أنور السادات و إسرائيل في كامب ديفيد آثار جانبية مدمرة في الجسم العربي المقاوم الرافض للوجود الصهيوني الاستعماري في المنطقة ، فان هذا العرض السعودي المرتبك و الغير مبرر من الناحية الإستراتيجية قد منح الضوء الأخضر لكل الأقلام و الأفكار المسيئة لفكرة المقاومة العربية حتى تدفع جانبا كل الالتزام و الاحتشام و تعبر بشكل صارخ متواصل على وجود حالة قبول متصاعدة بالوجود الصهيوني كل ذلك قبل تقديم هذا الكيان أية تنازلات في مسألة الحقوق الفلسطينية ، و لعل تصويب الأقلام الشريفة منذ تلك الفترة على هذه ” المبادرة” قد دفع أصحابها بعد أن تعرت الأسباب و الدوافع الخفية و ما نضح عن وجود علاقات صهيونية مسترابة في الكواليس ” المظلمة” إلى القيام بعدة “مبادرات” عنيفة و دموية لإخراج سوريا من خارطة المقاومة العربية بالقوة و كانت البداية باغتيال الحريري و ما تعانيه المنطقة اليوم من إرهاصات ذلك التفجير المشبوه.

في كل الأحوال ، لا تحتاج إسرائيل إلى قوة دفع ” معنوية” لقضم الأرض و الحقوق العربية ، بالعكس فهي تملك من الوسائل الضاغطة المختلفة ما يجعلها لا تحتاج إلى بعض الأقلام العربية السخيفة العميلة ، لكن إسرائيل و عقلها الاستراتيجي المتحرك في كل الاتجاهات يستثمر هذه القراءات الفكرية العربية المتخاذلة لإنهاك الأقلام الشريفة و دفعها بمرور الوقت إلى الاستسلام و الإقرار بالهزيمة ، و لعل ما نقرأه يوميا على لسان بعض المتابعين على الصفحات الاجتماعية هو إفراز لحالة من اللخبطة الذهنية التي أصبحت تسود بعض الأذهان العربية التي تشعر بأن من يقف ضد بعض المواقف و الأحداث المشبوهة التي لا تخدم المصلحة العربية هو العميل بامتياز و أن من يصمت على الكفر ليس بكافر.

*بانوراما الشرق الاوسط - أحمد الحباسى تونس